آراء

أجراس المدائن

من حكاوينا ...

عاصم البلال الطيب

حال السودان بعد موتي

من حكاوينا المنسوبة لظريفنا أب نفاش واحدة تعبر عن حالنا، إذ جاء سوداني باكياً لأخيه بكائية حارة، سأله عن السبب فرد بأنه يخاف بعد موته ينصلح حال السودان، أجابه يا زول موت موتك ساكتاً وأنت مطمئن! ومن سائر قولنا ونافلة موت يا حمار تعبيراً ربما عن يأس وإحساس بالعدمية. ترتفع عقيرة الأماني وتشرئب وتعانق وردية الأحلام ومخمليتها وسط السودانيين بكافة أعمارهم وفئاتهم، فغنيهم مهموم من إفلاس و َتفكيك مجهول وفقيرهم أصلاً مركوب بالهم وهو والفقر صنوان، وليس من حالة تدوم وكله يزول، السودان اليوم ليس كما  الأماسي القريبة والبعيدة، مليون ميله انقطعت عنها إربة وانقضت  وهى بين ظهرانينا تفاخراً وتباهياً وتباكياً، والمتبقي لن يدوم وها هو جبروت وعرش أمريكا مهدد بجنون ترامب وجمهوريين اقتحموا عقبة أعرق الديمقراطيات وما أدراك ما هي الكابيتول البناية العريقة للمؤسسة التشريعية الفيدرالية القائمة في العاصمة واشنطن منذ مائتين سنة رمزاً للديمقراطية المستدامة التي  ظنوا  وهماً عرشها غير مهتز وترمبها لن يولد ومن ينتظر ذلك  فعليه أن يموت موته ولسان حال بناة كابيتول الكونغرس للمنتظرين يوماً كيوم اربعائهم الأسود موت يا حمار والحمار تواً ولد بينهم انقساما ربما يسيطرون عليه ظرفياً ووقتياً  بمؤسسية لا زالت قوية ومحروسة بشبكة تشريعات عنكوبتية وتضريباتها رياضات و لوغاريتمات لن يفلح ترامب في الوصول لفك شفراتها ولكن يستطيع ها هو الآن العبث بها وقد فعل بقسمة الأمريكيين على إثنين بخلق يمين جمهوري متطرف مقابل ديمقراطي لن يظل سياسياً ولو قائده بايدن ابن المؤسسات السياسية العريقة مقابل خريج المؤسسات القمرتية الذى يوجه لطمات مؤثرات للديمقراطية الأمريكية التي تحتمى الآن في مفارقة ومناقضة  بالحرس الوطني وبتشكيلاته السياسية ربيبة الأنظمة الشمولية فكيف يستقيم هذا وامريكا العظمى تسعى لتصدير ديمقراطيتها لمن تشاء على كيفها بينما تبدو الآن ولو عبرت عاجزة عن تعزبزها داخل بيتها بما يوحى لها بصرورة البحث عن ديمقراطية أخرى، تعرى ممارسة ترامب للديمقراطيين الأمريكيين مكامن ضعف وأسباب ضعضعة عراقة ظنوها خالدة تالدة فإذا هى أوهن من لطمات ترمب التى إما أردتها صريعة أو قامت واستفاقت قوية من ينتظرها تهوى مجدداً فعليه أن يموت موته وموت يا حمار.

وراء صفوف الخبز

بعد سلٍ وخروجٍ لروح الخُلق، تحصلت على خبيزات من أحد الأفران، ومضيت ألعن وأسب البلد وألعن أبو خاش الحكومة على خطى طريقتنا الخاطئة السودانية الخبيثة وعلى مرمى وعين من ناشئتنا، فماذا ننتظر غير قمئ تقليدنا؟ وربما البرهان وحمدوك في سرهما يلعنان ويسبان، لكن مصيبتي  هي خطيئتي بعفوية سودانيتي مرد مقالي، إذ عرضاً كما أسب وألعن البلد كلها، سببت بلا تسييس لجان الخدمات والتغيير ولم أسب معاذ الله الدين، قامت اللجان بتوزيع بطاقات على المواطنين مقابل الحصول على الخبز المدعوم بسهولة وهذا ما لم يحدث فسببتها والبلد جملة وقطاعي حكومة ومعارضة وما نسيت الكيزان وما تذكرت نميري وعبود وهلم جرا، فعلت ذلك مطنطناً منقنقاً بيني وبين نفسى بصوت خفيض  بعبارات ليست للدين لاعنة ولا للحياء خادشة، اللعن من باب الفحش والقبح والإيتاء به مذمّة وملامة وما ظننت هناك من يلتقط قولي لكونه سلوك أرفضه، فعلتي كانت مجرد تعبير عن حراق الروح بعد ساعات اصطفاف فقدت بعدها لياقتي البدنية والذهنية وليست نافية لأهمية هذه اللجان التي اصبحت جزءً من منظومة الحكم فعليها أن تتحلي برحابة الصدر وسعة الصبر، قبل ان أبرح، استوقفني منادياً شابٌ مصطفاً زاجراً، مفتول العضلات، زجرني كما بدا متحرشاً مستضعفاً بنيتي الجسمانية آمرني بألا أتعرض للجان متطوعة ستتوقف عن ما تقوم به بسبب أمثالي وفى هذا محق ولكنه لم يتخير أسلوب الردع الناعم بالحوار الهادئ، وعجبت أنه لم يزأر للعن وسب البلد، معبأً مستعداً متحنفشاً لتلقيني درساً ضرباً فلم أجاريه متعقلاً مقراً بخطأ وخطل مبدأ السب واللعن للبلد والحكومة واللجان وغيرها عادةً سودانية جارية على الألسن هكذا بلا تدبر، ليس سلوكاً صحيحاً والشاب محقاً لولا بدا متحرشاً ومحرشاً لكن مقاتلاً، قرأت تأهباً فى رمقة عينيه وخشيت عليه من رمد تعبئة من وراء صفوف الخبز بمبارزة كل من يتطاول على ذات خفية وتلقينه درساً أمام المصطفين عظة وعبرة، ليت تصوري خاطئاً عن مصطفين يخططون من وراءٍ لإحكام سيطرة لا تدوم والقوة مهما اشتدت خاذلة وخائرة وغير دائمة، ربما لم أشف غليل شابي كما ظننت، وليس كل الظن حسن ولم أجاريه وليس  من ثأر بيننا ولا معرفة لا شخصية ولا عامة وإلا لكان مصيري ربما مشابهاً لصديق نظامي بينما هو مصطف متزيياً بسفاري دخل في محاججة من سمات الاصطفاف  للحصول على الدقيق خبزاً والوقود، فانضم للصف والشمطة قائمة أحد معارفه ونادى عليه محيياً  بسعادتك، فإذ بالصف جله انقلب عليه بحسبانه من ديانة العهد القديم، ففضل الانسحاب على الارتكاز مخافة عقبى فتنة واقفة فى الصف.

حكاية شهيدة صف

عدت للاصطفاف مجدداً أمام مخبز يبيع بنظام الحصتين المستحدث، يفتح أبوابه صباحاً لبيع الخبز المدعوم وظهراً للتجاري ولا يبالى بضعف الترتيبات والإمكانات لإنهاء مصيبة الاصطفاف، الحصة الصباحية ستشهد تدافعاً مفضياً تلقائياً للخبز المدعوم، كم من شهيد وجريح صف رغيف، زوجة زميلنا عبدالعظيم صالح رحلت ضحية بسبب اصطفاف للخبز، حكايتها أرويها منفصلة إن لم أكن من اللاحقين، ذات سيناريو تحرير أسعار الوقود، قريباً كل البلد عيشاً تجارياً، واصطفافي أمام المخبز بلافتته التجارية الثانية طال وسط تذمر صامت استنطقه عريس تخضيب حنائه يوحى بأنها صبحيته فتكرم عليه المصطفون بتقدمهم مع تحميسه فحمسهم مبتدئاً بالسب واللعن للحاصل ولم يعارضه أحد، أحدهم آزره وتداخل  متعجباً كيف الدنيا كانت تقوم زمن البشير لو زاد العيشة جنيه، آخر بدا مستسلماً ونادى بتنظيم تجارية الخبز للقضاء على الاصطفاف، صاح أحدهم بلا مناسبة أن البشير حبسه كما تناهي إليه ما عاد يهمه بعد رحيل أمه رحمها الله وبلغ من العمر عتيا، عاد العريس المحمس للتحميس وقال البشير تمتع بحياته وشبابه وهو الآن غير خاسر فى سجنه آمناً وضامناً مأكلاً ومشرباً لا قرشاً لا تعريفة، غادرت الصف يائساً والعريس يقسم البشير الآن مرتاح بينما نحن المعذبون فى الأرض، والتقطت مغادرا كلمات المكمكم الوحيد المصطف وقد حسبته مخالفاً ولكنه رد المصيبة والازمة لمن يحكمون وهم يطبقون أجندات وغير معنيين بأنات الشعب، والله علي ما اقول شهيد

قبل أن يتسرب هذا الفيديو

مصعب محمود زميلي وصديقي الأصغر لا يكف عن مفاجأتي، ترافقنا لعزاء زوجة الأستاذ عبدالعظيم صالح التي أخصص له مقالاً منفصلا، لدى العودة، استأذنني مصعب بأدبه الجم للتوقف في جامعة المشرق بالخرطوم بحرى لقضاء أمر يخصه، مصعب لو طلبت لبن الطير يبشرك بحاضر، فلذا لا أرد له طلباً، دخلنا جامعة المشرق ولم أسأل مصعب عن غرضه، اصطحبنا بذوق أحد أعمدة الجامعة لقاعة مصغرة مُجتمع فيها الأستاذة بما يوحى اجتماعا ولكن في ما بدت جلسة راحة وانتظار، بعدها دعاني مصعب ومستقبله فتبعتهما فإذ بي داخل قاعة محاضرات وجهاً لوجه مع الدكتور الخبير الإعلامي النور جادين أستاذ الدراسات العليا صاحب التجربة الطويلة والثرة، تزاملنا وتعاصرنا صحفياً وسياسياً قبل أن ترجل وتفرغ في بواكير تسعين القرن الماضي للتدريس وانقطعت أسباب التواصل سنين عددا. تبادلنا التحايا بعناقنا السوداني العفوي، تبت يد و زعانف كوفيد ١٩،ثم فهمت بأنني داخل محاضرة طلاب دراسات إعلامية عليا سعدت بالانضمام لها تلميذاً ومن ثم فهمت مصعب الطموح للماجستير محضراً، عرّف الدكتور جادين الدارسين بنا ثم حلق محاضراً مواصلاً ما قطعنا استرساله، افاض بلغة الخبير في قضايا الإعلام ودوره الشامل في البناء والتنمية وتحقيق دولة المواطنة والإنسانية والعدالة والمساواة ركز الخبير جادين على دور الإعلام الحيوي ووسائل الاتصال المختلفة في رفع الوعى المجتمعي لكافة الفئات بكل قوالب وصحاف وأواعى العمل الصحفي، وانداح جادين بسرد مدهش موهما ومطوفاً بسلاسة وبساطة معلماً لتلاميذه بعربية مزيج وخليط بمفردات إفرنجية بحسبان للإعلام رطانة خاصة لا غنى لممارسه ودارسه عنها، خلط جادين بكل خبراته النظريات الأكاديمية مع الممارسات الميدانية مبيناً لطلابه أهمية الربط الشامل بين الاحداث مشيراً لتنوع قوالب ومواد الإصدارة الصحفية بما يحقق ويلبي كافة الطموحات، لم يمهل في سياق محاضرته عن قوالب الاتصال الجماهيري ، الصحافة والإعلام الرقميين ضماناً للمواكبة وتلاميذه قيادات المستقبل الصحفي والإعلامي، أكرمني الخبير جادين بالتحدث للدارسين فأفضت بدون انتظام وبشفافية مستغلا قدسية المنبر مندمجاً غير منتبه لتصوير أحد الدارسين فيديو لمداخلتي وفيها خرجت عن النص، تنبه مصعب وطالب من قام بالتصوير بحسن نية بمسحه وآمل أن يكون فعل، اللمة الأكاديمية أخذتني فتفككت وأحسست بلذة وقد رجعتني السانحة لقاعات الدرس والتحصيل التي يجب عدم الانقطاع عنها، دعاني الخبير جادين للانضمام للدارسين وسأفعل ليس نظامياً لفوات الاوان وانا الفقير للمزيد من التعلم  للاستفادة والإجادة، استمرار العملية التعليمية وسط احترازات صحية بجامعة المشرق أطربني وطمأنني بأن الحياة لمسارها الطبيعي تمضى، شكرا أستاذنا جادين يمتد لطلابك أعمدة وركائز المستقبل ولمصعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق