ثقافة وفن

حصار الأمكنة … الوقوع في الفخ (1)

بدر الدين العتاق

الطريق الضائع

جاء في كتب الأدب القديمة أن أعرابياً من البدو قدِم إلى عاصمة الخلافة الإسلامية في العراق وكان واليها آنذاك من البرامكة ، يخطب في الناس ، ومعروف أنَّ البدويين الأعاريب يتكلمون العربية بالسليقة القُحَّة ولا يلحنون فيها ،/ يعني : لا يغيرون في حركة الإعراب / فجلس الأعرابي حيث انتهى به المجلس وأخذ يسمع ويستمع إلى الخطيب البرمكي وما هو إلا قليل حتى لحن الأمير فاسترعاها انتباهه / أي : البدوي / وظنَّ في نفسه أنَّه لم يسمع جيداً إذ اللحن عندهم في البادية ممنوع بحكم البداهة السليقة ، ثم لحن الأمير ثانية فشد انتباهة البدوي أكثر واقترب منه بحيث لا يخطأه السمع ، ثم لحن الأمير ثالثة فما كان من البدوي إلا أن قال للأمير : ( والله ما وليت علينا إلا قضاءً وقدراً ) ، ثم رجع إلى باديته .

هذا ! وقد ذكر أبو العبَّاس المبرِّد في كتابه: ” الكامل في اللغة والأدب ” وهو : أبو العبَّاس محمد بن يزيد المبرَّد – يمكنك كسر الراء المهملة مع التشديد أو فتحها الإثنين جائز – قول الضب الكبير للضب الصغير وقال هذا عندما كانت الحيوانات تتكلم :

أهدَّموا بيتك لا أبا لكا * تمشي الدألا حوالكا

يريد الإستشهاد كما عند النحويين من قولهم : حوالكا ، أهي كذلك بالرسم أم : حواليكا ؟ مع التنبيه لكلمة : ” لا أبا لكا ” التي تعني : لا أباً لك ! والدألا ضرب من السير .

ولا يمكنني أن أذكر اختلاف القرآءآت في القرآن الكريم لأجوِّز به سبل الخلافات بين النحويين لأنَّ هذا ليس موضعه من الإستشهاد هنا ليبرر به من يبرر – ولا حجَّة له عندي – بقياس أنَّ ما جاء في كتاب : ” حصار الأمكنة ” هو من ضريب الخطأ الطباعي لا القصد منه ضعف اللغة العربية عند صاحبه ، ولا الخلاف بين مدرستي الكوفة والبصره حول بعض القضايا النحوية التي قسَّمتهم أيدي سبأ ، ولا أبرر لمن يبرر أنَّ هذه الأخطاء من قبيل النسيان لأنَّ لحنها أكثر ما يستوجب الذم عند أهل اللغة وقال الله تعالى في محكم تنزيله بسورة الحجر : ‭{‬ إنَّا نحن نزَّلنا الذكر وإنَّا له لحافظون ‭}‬ ، فالحجة لي وليس لغيري من باب الإلتزام بحفظ اللغة التي تشرفت بنزول القرآن الكريم عليها في كل مضاريب الكتابة والتآليف الفكرية .

الكتاب الذي بين أيدينا – حصار الأمكنة / طبع بمطابع مؤسسة مجاز الثقافية للترجمة والنشر والتوزيع سنة : 2019 م ، الطبعة الأولى- مصر حلمية الزيتون / – بعيد كل البعد عن مستوى اللغة ناهيك عن أي قياس لأي مستوى إبداعي آخر وطالما هو بعيد كل البعد عن إتقان اللغة للأسباب أعلاه فبالتالي هو بعيد أيضاً عن المضمون الذي به على أي شكل كان ، وهنا يسقط الكتاب – عندي – منذ الصفحة الأولى لعدم ربط عنوان الكتاب به من قول بن عربي – قدَّس الله سره – ثم بمستوى بن عربي في اللغة علماً بأنَّ سيدي محي الدين بن عربي ليس من البدو البادية ولا الأعاريب العرب القدماء بل متأخر جداً وهو من بلاد الأندلس حاضرة الحضارة الغربية اليوم فلك أن تنظر بهذا المقياس لتفرِّق بين مستويات الكتابة والتعمق في اللغة العربية التي يخاطب الناس بها لترى رأي القلب والعقل والنفس هزيمة – حصار الأمكنة –لغوياً قبل ان يكون فنياً أو ذوقياً ثم بعد ذلك قارن ما شئت بما شئت فلا أبالي .

الطريق الضائع والوقوع في الفخ

يتضح مما سبق وقوع الكاتبة وكتابها النابي البعيد عن معيار سلامة اللغة ويسقط سقوطاً سحيقاً بلا عزاء بالنسبة لي في اهتداء الكاتب للمفردة اللغوية النحوية الصحيحة وبين الفخ الكبير وهو ضياع الطريق السليم في التجويد والإتقان اللغوي وقديماً قيل : النحو زينة اللغة ، ومما لا أغالي فيه فلم أكمل ولم أتمم القراءة لتزاحم الأخطاء بشقيها اللغوي والنحوي منذ الوهلة الأولى لموضع النظر من البصر على الورق مما أفسدا عليَّ طريق الدرس الذي أبتغيه فوقفت حتى الصفحة السابعة عشر منها ولن أقرأ أي عمل كتابي للكاتب أعلاه منذ اللحظة : 12 / 1 / 2021 م إلى إن يشاء الله .

تعريف بالكاتبة لمن لا يعرفها

روائية وكاتبة من السودان بثينة خضر مكي روائية وكاتبة سودانية مقيمةفي السعودية، وهي مؤسس “رابطة الأديبات السودانيات” في جمهورية السودان، ومؤسس “مركز بثينة خضر مكي للإبداع والتنوير والفنون”، وعضو مؤسس في “الاتحاد القومي للأدباء والكتاب السودانيين”، وعضو “اتحاد الكتاب العرب”.

شغلت منصب رئيس “رابطة الأديبات السودانيات” كأول رئيس لها، وعضوية “المجلس الوطني السوداني”.

لها العديد من الروايات والكتب، منها: روايات “أغنية النار”، “صهيل النهر”، “حجول من شوك”، إضافةً إلى مجموعاتها القصصية، “النخلة والمغنى” 1993، “أشباح المدن”، “أطياف الحزن”، “رائحة الخريف”.

نالت “وسام العلم والآداب والفنون الذهبي” من السودان عام 2003، و”جائزة الشهيد الزبير للإبداع والتميز العلمي”، كما كرمت من “سفارة جمهورية السودان” في المملكة العربية السعودية عام 2018.

حاصلة على بكالوريوس في الآداب عام 1978 من “جامعة الملك سعود” في السعودية.(1)

اعمالها

بثينة خضر مكي، رئيسة لرابطة الأديبات السودانيات، يرونها في بلاد النيل، أيقونة الرواية السودانية النسوية، ويراها المثقفون كثيرة الإنتاج، متفردة الأسلوب، تجمع بين الأدب السياسي والاجتماعي والنفسي، تبدع في كل ما تطرحه مستخدمة تقنيات وأساليب كتابة الرواية الحديثة.

رحلة طويلة خاضتها بثينة مكي، بدأت من الكتابة الصحفية والقصة القصيرة، ثم إلى مجال الرواية، فتميزت، وأبدعت في عدة روائع أدبية، هي: “أغنية النار وصهيل النهر وحجول من شوك، وأشباح المدن، وفتاة القرية، ورائحة الخريف، وغيرها .

انهيار النص

• قالت ص 7 : ( وصوته يتهدج ) ، ما معنى يتهدج ؟ وما هو المراد من التعبير لصياغة الجملة .

• ص 7 : ( ونتعشى معاً ) والأسلوب هنا خطأ ! ولا يتماشى مع تسلسل الجملة والصواب أن تقول : نتناول العشاء معاً ، فتستقيم الجملة ثم هي خلطت بين الفصيح والدارجي في آنٍ واحد وهنا اللحن من باب تركيب الجمل .

• ص 8 : ( فقدت الإحساس بطعم الحياة الدنيا لشهورٍ طويلة ) وهذا خطأ مزري ! والصواب أن تقول : بطعم الحياة ! فقط دون ذكر الدنيا ! لأنَّه لا دخل بالدنيا هنا مع مقابلتها الأخرى من الحياة الثانية بعد البعث ، فتركيب الجملة لا يستقيم كما ترى .

• ص 9 : ( فقعدت على تربيتهم ) وهنا خطأ كريه ! والصواب ان تقول : أبقت أو ما شاكلها من لفظ أو مفردة ، لأنَّ القعود يكون بمؤخرة المرء – بصلبه أو عجيزته أو جعبته أو أردافه – .

• ص 9 : ( إنَّه أخوها ) وهذا خطأ ممجوج يكاد المرء منه يقيء ! والصواب أن تقول : أخاها ! لأنَّه محل إسم إنَّ منصوب وهو من الأسماء الخمسة .

• ص 10 : ( ألقت بالشبشب من على قدميها وهذا خطأ قريح ! والصواب أن تقول : ألقت الحذاء ! فقط لأنَّه أجود ثم لاحظ اضطراب الجملة وصاحبها إذ جاءت بأربعة شهداء على قذف اللغة من ضريب أحرف الجر ! ففي هذه الجملة أربعة أحرف جر هنَّ : الباء ومن وعلى والجر بالإضافة للجملة الإسمية .

• ص 10 : ( وبدأت تؤرجح ساقيها ) وهنا خطأ صديد ! الأرجحة لا تكون إلا مع الحركة الشديدة وهنا لا يستقيم المعنى وأجود لو قالت: اضطرب .

•ص 10 : ( كبَّس عليه صوت ماكينة الخياطة) والخطأ كبس ! كما كبَّس عندها ! والصواب أن تقول :  اشتدَّ ، مثلاُ او ما قارب المعنى وداناه ، وهنا الخلط بين العامي والفصيح لا يخفى على ذي عينين مما تترهل الجملة عنده .

• ص 10 : ( وحشتيني جداً .. جداً ) فالمقام نكير ! والصواب أن تقول : اشتقت جداً ، او ما عادلها معنى لأنَّها خلطت بين العامي المصري اللهجة والعربي الفصيح فلا تستقيم الجملة .

• ص 10 : ( وإنت كمان ، ولكن هيا بنا ) عه عه عه أكاد أقئ ! والصواب أن تقول : وأنت أيضاً ، فالخلط واضح بين الإثنين ، راجع أعلاه .

• ص 11 : ( ثم رنا إليها في ابتسامة ماطرة) مه مه مه أكاد أُغشى ! والصواب أن تقول : ثم نظر ….قوية او فاحصة او مما شابه ! لأنَّ الرنو يكون بطرف العين سريعاً قال الشاعر :

رنا قلبي إلى سنار صبابة * والشوق بين الضلوع مزاورا

يعني إلتفت بقلبه محلها وكلمة : ” ماطرة ” تفيد الشدة والإستناء الطويل / لعلَّه طباق في غير موضعه / لأنَّ المطر حين ينزل يبدأ قطرات قطرات ورويداً رويداً يغدق الغدق الماطر فيشتد ويقوى ، فأنت ترى اضطراب استخدام المفردة اللغوية بلا ريب .

  ص 11 : ( هل هي تحبه حقاً كما تحب المرأة رجلها ) كخ كخ كخ تف ! نفس الأمر عاليه لبعد العلة من المعلول بين الزوجة والعشيقة أو العشيق ، والصواب أن تقول : زوجها ، لا رجلها فهذا استخدام حوشي سوقي بلا ريب .

• ص 12 : ( نزل وأغلق باب السيارة الأمامي ثم استدار في هدوء نحو باب السايرة الاخر ، فتحه ومدَّ يده إليها يتناول حقيبتها ويساعدها على النزول ) أرى هنا نخنخة البعاعيت وقيام ود أم بُعلُّوا أب لحماً حُلُّوا ! هذا البريستيج لا يُتعامل معه في السودان عند أرقى العائلات إلا في المناسبات الرسمية الحكومية أو البروتوكولات الرئاسية كما هو معروف إذ الثقافة السودانية الموغلة على الكبرياء الإجتماعي – الذكوري، انا أتكلم بصورة عامة وعن الكتاب بصورة خاصة – يمنع الرجل من نزول كبرياءه ليفتح لزوجته ناهيك عن عشيقته أو ما يكون باب العربة ليساعدها على النزول فهذا يعيب الرجل الشرقي عموماً وفي بلاد السودان خصوصاً ولم أر أحداً يصنع هذا الصنيع ولا في الخيال الروائي الممنوع من الكاتبة ، وإن أرادت به تجويد النص ولا تثريب عليها ههنا إلا أنَّها سقطت في براثن الفكرة العامة لتقبل آدم السوداني لباقة التصرف ، فأنت ترى التناقض بين الفكرة للجملة أو الموقف التراجيدي في النص وبين التعود على الحدث في الطبيعة السودانوية ليقابلها القارئ بلا عناء فتأمل ! .

• ص 13 : ( استنشقت طراوة النسيم حولها ) ولا يخفى هنا كشكة القش بدون خش ! فالتركيب اللغوي للجملة ضعيف لأنَّها استخدمت العامية محل الفصيح والأجود أن تقول : داعبها النسيم من حولها ، فهذا أحلى أو ما شاكل المعنى بلا إخلال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق