سياسة

إلا لجنة إزالة التمكين …!

وليد دبلوك

  حينما يحترق متجر جارك، او يتهدم داره، او تحل به نازلة، فإنك تشعر بالأسى لحاله، وتشفق عليه، وتحمد الله انه لم يحل بك ماحل به، وما يحل بغيرك من نوازل الدهر.

  ولكن ان تحل بك النوازل ويمسك الالم، ويحل بك ما حل بغيرك من شدائد، فأنك تتألم وتتوجع، وقد يبلغ بك الألم مبلغا يجعلك تصرخ،

  والصراخ هذا هو الذي يقف خلف كل شيء، كل شيء، كل ما يحل بنا من ضائقات سببها ذلك الصراخ والعويل.

   وهم يصرخون لان مخالب الثورة انغرست في حي لحمهم، فصرخوا من شدة الألم …. إنهم لا يخشون الثورة في شيء، فكل ما بلغته الثورة – في نظرهم – هي انها اسقطت الصنم الاكبر، وبقية الاصنام لم تسقط، والمعبد لم ينهد، فلا يضيرهم في ذلك شيء، فليذهب كبيرنا الى الجحيم ما دمنا نحن باقون، ما دمنا نحن ممسكون بحي العصب والقصب والذهب وذوات الذنب، هذا لسان حالهم، فلا ضير ان ضاع الكبير بين ردهات المحاكم غدوا ورواحا ردحا من الزمن علهم ينسون (أي الناس)، وينشغلون بمعاشهم الذي هو بيدينا.

   لا ضير ان اتى وزراء ومن فوقهم رئيس لهم، يصرفون الامور في حدود ما نسمح لهم به، اما عظيم الامور فهي بإيادينا، فأقصى ما ينالونه هو الكلام وصغار الاعمال فحسب، لأننا الحاكمون بأمر الله في الارض.

لا يخشون إلا إثنين، إثنين فقط، إثنين يبثون الرعب في قلوبهم …

أولهم هو الشارع، الشارع الذي أسقط حكمهم، فإن هم تسيدوا المشهد حكاما مرة اخرى، فحتما يدركون حجم البغض والكره الذي يكمن في نفوس الناس تجاههم، ولا مجال لذلك. ولا شجاعة لهم للظهور علنا حكاما، فما فوق ظهورهم من فنانين الدماء تمنعهم … دماء صنعت الثورة وارتقت الى سماوات المجد والخلود، وظل وسيظل وزرها فوق ظهورهم الى أن تقتص العدالة لهم …

لا يستطيعون إعتلاء المشهد، فالشعب بغض وكره الشمولية وان امطرت عليهم الذهب، ، لان الوعي كبر في العقول، وتمدد في العقول برغم تمدد الجوع في البطون، فرفعوا شعارهم بوعي وإدراك (الجوع ولا الكيزان) … قطعا لا مجال لحكم شعب يفضل الموت على ان يحكمه ثلة طغاة منبوذة، ، لامجال البتة للحكم،  فهم يدركون جيدا ان الخارج لن يقبلهم، العالم الان اتجه الى رفض القبول بأي نظام يأتي انقلابا على شرعية ديمقراطية، ، العالم لن يقبل بمن يشوه صورة ثورة صنفت بأنها من اجمل واعظم الثورات في العصر الحديث، ورفعوا القبعات وانحنوا إجلالا واحتراما لهذه الثورة الفريدة، للحد الذي اجاز فيه الكونغرس الأمريكي قانونا سمي ب(قانون مراقبة التحول الديمقراطي في السودان والمساءلة والشفافية المالية لعام 2020)، ذلك القانون الذي يقر بمراقبة الشركات الامنية كافة بهدف السعي لإنها سيطرتها على الاقتصاد الوطني .

يا ويلتاه !

فكيف المفر؟

سأطلعكم على اين يكون مفرهم اسفلا، ولكن دعونا نعلم ما هو الامر الثاني الذي يخشونه بعد وعي الشعب العظيم …

  يخشون ذوات المخالب، ومقلقة المراتب، وام المصائب، ونازعة المناصب، جالبة المتاعب، والوحيدة التي مثلت الثورة خير تمثيل، الامر الوحيد الذي يعكس ان هنالك ثورة بالفعل حدثت.. يكيدون لها كيدا ويرصدون لها جل ما يملكون لنسفها، ولكنها كالجبال راسخة، لا ينسفها الا ربي يوم القيامة نسفا، لأنها الثورة وروح الثورة، ام الثورة، وام شهداء الثورة، امهم التي يفديها بنيها بأرواحهم، ولا غروا فقد فدوها من قبل بأرواحهم ودمائهم، شباب وشابات، وحقيق للام فدا الابناء.

تفديك لجان المقاومة واصوات الشرفاء وسواعد الصبية والثوار.. إنها (لجنة إزالة التمكين واسترداد الاموال المنهوبة) …

تمثل تلك اللجنة الثورة بعينها، ولو لم تكن كذلك لما تعالى الصراخ وكثر النحيب.

  علموا مدى خطورتها، فطفقوا يسرة ويمنة، شرقا وغربا، صعودا وهبوطا، يبحثون عن سبيل لوأدها فعجزوا لثباتها، تفتقت عبقريتهم الخربة عن فكرة تغير مسماها وسن قانون جديد لها تحت اسم (لجنة مكافحة الفساد)، وهي لجنة تكافح الفساد ولكن بلا انياب ومخالب تنهش لحمهم وتؤرق مضاجعهم.. وخاب مكرهم، ثم عمدوا لتأليب الراي العام عليها، فملأوا الاسافير والمواقع ضجيجا وصخبا للنيل منها، فوجدوا ان اعلى نسبة مشاهدة للتلفاز كانت لحظة بث مؤتمر لجنة إزالة التمكين، يشاهد فيها الناس كم كان حجم الفساد وهوله …

   توافدوا الى اعلى قيادات الدولة وهم يجأرون بمر الشكوى من اللجنة، ولم تفلح مساعيهم لقوة ومناعة الثورة، ووعي الشعب ولجان المقاومة، فلجأوا للكيد ب(مناعها) و(صالحها) علهم يثبطون الهمة ويفشلون العزيمة، ففتحوا البلاغات، البلاغ تلو الاخر ضد أعضاء اللجنة، فما وهنت عزيمتهم، ولا خار عزمهم بل ازدادوا منعة وتصميما على المضي قدما في كشف الفساد واستئصاله، فألتف الناس حولهم حماة صداة منافحون ومدافعين ..

استقال رئيس اللجنة ولا علم لي بالأسباب، ولكني موقن بانه لن تموت اللجنة بذهاب رئيسها، وحتما سيسد الفراغ جدير آخر، قوي امين..

الى ثوار ديسمبر الشرفاء، الى النبلاء من الشعب، قد يأتونكم بحكومة اخرى ترتدي ثوب المدنية وتسكنها روح الشمولية، تسكب لكم الوقود سكبا حتى يفيض فيضا، وتتدحرج انابيب الغاز حتى تبلغ باب كل مواطن دون عناء، ويتداعى اصحاب المخابز ينادون الناس لشراء الخبز الوفير حتى لايتلف برغم سعره الزهيد، وهذا هو المفر الذي اليه سيلجؤون، حكومة اخرى مدنية تنفرج كل الضائقات في عهدها، ولكن لا تمس صانعوها بسوء، ولا مصالحهم، ولا رقابهم، ،  حكومة توفر كل شيء وتنجز الكثير، ولكنها تغض الطرف عنهم … ولكن، ، هيهات، ، لن ينجح مسعاهم، لان الشعب بلغ من الوعي مبلغا لا تنطلي عليه مثل هذه الحيل والألاعيب السياسية المكشوفة …

  (جوع كلبك يتبعك) شعار يطبق بإتقان وهمة عالية، شعار يمثل فكرهم.. ولكن تناسوا ان من طبع الكلاب الوفاء.

الوفاء للشهداء والجرحى والمفقودين.

الوفاء لشعب قهر وظلم ونكل به لدرجة انه لم يعد المرء آمنا على نفسه إن جهر او جاهر برأي ما، او أفصح عن انتماء سياسي ما، فتأتيه شياطين الليل متسورين داره آخذوه الى غير معلوم، وقد يعود والعقل مفقود، وقد لا يعود مطلقا …

  عضوا على لجنتكم بالنواجذ فهي سلاحكم وسيفكم الذي يبتر الفساد فعلا، فيتعالى الصراخ، وكلما علا صراخهم دل ذلك على ان ثمة بتر فساد قد تم، وان اللجنة ماضية في صحيح طريق.

التفوا حول لجنتكم، ولا تسمحوا بالمساس بها، واحموا أعضائها، فهم منكم وبكم. ولتصدر كل لجان المقاومة في كل حي وكل مدينة بيانات تحذر من المساس بلجنة إزالة التمكين او أحد اعضائها، وهم يستهدفونها هذه الايام بشكل مكثف، لان أخشى ما يخشونه، هو اجتماع الاثنين معا، العظيمين، الجسورين، الماردين، لجنة إزالة التمكين، ولجان المقاومة …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق