سلايدرسياسة

وهبه متفوقا على أدرعي

علي شندب

فيما الانظار مشدودة الى المواجهة في فلسطين. ترنو الى المجزرة المتمادية التي ينفذها الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين قضية وشعبا، شيوخا ونساء وأطفال، وهم يلفظون أنفاسهم دون أن يلفظوا كرامتهم وتأكيد حقهم التاريخي والانساني في فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. أطل علينا وزير خارجية الصدفة القوية في لبنان شربل وهبة بمواقف عنصرية خطيرة متناسلة من الحظيرة التي ينتمي اليها محرضا ضد الدول العربية والخليجية. متجاسرا في التطاول على البدو وهم أهل الأرض المنغرسين فيها منذ أن خلقت الجغرافيا والحاملين لمشاعلها الروحية والايمانية والحضارية والانسانية والتنموية.

لساعات طويلة حاولت فك شيفرة خلفية اطروحة العنصرية التي تقيأها وهبي، وفشلت. وبعد امعان النظر اكتشفت ببساطة أن ما تقيأه هذا الدعي واضافة للأمراض النفسية التي تكتنفه ومن أجلسه في كرسي الخارجية، وللأذى النفسي الذي أصاب به الشعب اللبناني المكوّن في شرائح وازنة منه من عشائر وقبائل عربية عريقة تناسلت طبيعيا من ذات القبائل العربية التي حوّلت الصحراء الى أرض خضراء، في الوقت الذي حوّل فيه عبقري دبلوماسية العهد المستقوي والحظيرة التي ينسدل منها لبنان الأخضر الى يباب يابس.

لقد غطت أخبار المواجهات في فلسطين على أخبار لبنان المفجوع بمنظومة الفساد والمال والسلطة والسلاح التي ينتمي اليها وهبه، غطت على أخبار الانهيار الاقتصادي والمالي، وغطت على أخبار الجوع، وغطت على خروج لبنان من الخدمة بفعل تحوله الى ما بعد الدولة الفاشلة، وغطت على مآلات التحقيق بانفجار مرفأ بيروت، كما غطت على مآلات التحقيق بشحنات الكابتغون الى السعودية وغيرها وعبر المرفأ المفجوع. كما غطت على محنة تشكيل الحكومة وتعطيلها، وغطت على موت المبادرة الماكرونية وعقوبات الثأر الفرنسية واستطرادا الاوروبية بحق المعطلين الفاسدين لتشكيل الحكومة، وأخيرا وليس آخرا غطت على إذلال المواطنين أمام محطات الوقود وعلى أخبار خروج مئات الصيدليات من الخدمة وفقدان الدواء.

نعم، لقد غطت اخبار فلسطين على كل هذا، وتحولت الانشطة اللبنانية ضد منظومة الفساد والمال والسلطة والسلاح الى أنشطة تضامنية مع الشعب الفلسطيني والقدس. لكن فرية وعنصرية وبجاحة وزير خارجية لبنان شربل وهبه غطت على كل ما تقدم ذكره أعلاه. وما عشرات الاف التغريدات والبيانات الغاضبة والشاجبة لما اقترفه لسان لبنان الخارجي الا تعبيرا عن حجم المأساة العنصرية التي ينتمي اليها وهبه والتي تشكل تيارا سياسيا حاكما بالشراكة مع حزب الله لدولة لبنان ما بعد الفاشلة.

وفي سياق البحث عن تفسير لقاذورات شربل وهبه والمستفيد منها، تبين أن اسرائيل وحدها المستفيدة من العنصرية التي تقيأها رئيس الدبلوعنصرية اللبنانية، وبصنيعته هذه تفوق حتى على أفيخاي أدرعي.

وخلال الايام الاولى للمواجهات في فلسطين سبق لنتنياهو القول “أن الرأي العام العربي هو العقبة أمام توسيع دائرة السلام” وفق منظوره. هذه هي الشيفرة اذن، وقد تجحّظ حتى للعميان كيفية تطوع وهبه المدروس لتوجيه الرأي العام العربي وليس اللبناني فقط عما يقترفه الاحتلال الاسرائيلي بحق الفلسطينيين وإلهائه بمعركة جانبية عن تلك التي تؤرق نتنياهو.

المسألة ليست غباء مزمن تعانيه مدرسة شربل وهبه، انما مسألة عنصرية متعالية مقيتة لطالما بخّ سمومها وعبر منصة الخارجية اياها ملهم شربل وهبي في الدبلوعنصرية اللبنانية اياها. وطبعا لا نقصد هنا صلاح ستيتية وطارق متري وفؤاد بطرس او غسان تويني وشارل مالك والذين من قماشتهم.

المسألة ليست غباء. فحرف نظر الرأي العام عن قضية ما، يكون بخلق قضايا جانبية إلهائية عن القضية الأساس. هذا بالضبط ما فعله شربل وهبي الذي صمت دهرا ونطق عنصرية وأمراضا نفسية مستعصية حتى على ابوقراط وابن سينا.

لم يعد السؤال ملحا وضروريا حول الأسباب الجوهرية لافلاس العهد القوي وتلاشيه. كما لم يعد السؤال ملحا حول الاصرار والامعان في محاولة اعادة عقارب التاريخ الى الوراء.

وللدلالة على عبقرية الفشل التي ينتمي اليها وهبه وتدرج في مقاعدها لرتبة وزير، بدت رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون لمجلس النواب حول محنة تشكيل الحكومة في توقيتها وكأنها تهدف لحرف الأنظار عن الجريمة التي اقترفها مستشاره ووزير خارجيته. ويبدو أن “حرف الانظار” باختلاق القضايا الالهائية، هي خطة عمل العهد القوي الوحيدة.

مع هذا فإن جريمة بحجم التي اقترفها وهبه، لا يمكن تأجيل مناقشتها سيما وأنها تدخل في سياق فضح المجزرة المتمادية في فلسطين المحتلة، وقد بيّنت نتائج وقائع هذه الايام، أن سقطة مستشار عون ووزير خارجيته تأتي في السياق التخادمي مع ما يشتكي منه نتنياهو.

لهذا فاستقالة وهبي المستقيل أصلا وخروجه من الخدمة، ليست العقوبة المتناسبة مع حجم الجريمة التي اقترفها. فعنصريته ليست من بنات أفكاره، انها من بنات افكار التيار الذي ينتمي اليه. ولهذا فالمحاسبة ينبغي أن تكون بهذا الحجم والمقدار الأخلاقي والسياسي، لا أن يتحول المستعفي من تصريف الأعمال الخارجية الى كبش فداء بديلا عن تلك الأفعى التي تبخ سمومها أينما وكلما اقتدرت ذات اليمين وذات الشمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق