مجتمع

كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل_الأطفال

من مظاهر تكريم الإنسان كونه عاملاً لأجل تحقيق حياة كريمة له ولأسرته التي يعولها، فعطاء الإنسان الفعّال مرتبط بميقات زماني يبدأ بعد سنّ البلوغ وتجاوز مرحلة الطفولة التي لم يكتمل فيها بناء الإنسان بحيث يتمكّن من القيام بوظائفه كلّها، وإذا حاول أن يسبق زمن قوّته وشدّته، ربما يتسبب له ذلك في إعاقة تعطل تدرّجه الوظيفي؛ فالعمل قبل سن النضج يعدّ جريمة إنسانية، لأجل ذلك تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه القضية الإنسانية وجعلت الثاني عشر من حزيران/ يونيو من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة عمل الأطفال منذ أن دشّنت منظمة العمل الدولية اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال في عام 2002 لتركيز الاهتمام على مدى انتشار ظاهرة عمل الأطفال في العالم، والعمل على بذل الجهود اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة.

وبشكل عام ينقسم عمل الاطفال الذي يحظره القانون الدولي إلى ثلاثة فئات تمثل الفئة الأولى منها أسوأ أشكال عمالة الأطفال على الإطلاق وتشمل الاستعباد، الاتجار بالبشر، العمل سدادا لدين وسائر أشكال العمل الجبري، توظيف الأطفال جبرا لاستخدامهم في النزاعات المسلحة وأعمال الدعارة والأعمال الإباحية والأنشطة غير المشروعة، أما الفئة الثانية فهي العمل الذي يؤديه طفل دون الحد الأدنى للسن المخول لهذا النوع من العمل بالذات (وفقا للتشريع الوطني والمعايير الدولية المعترف بها) إضافة للعمل الذي يعيق تعليم الطفل ونموه. والفئة الأخيرة تشمل العمل الذي يهدد الصحة الجسدية والفكرية والمعنوية للطفل بسبب طبيعته أو بسبب الظروف التي يؤدى فيها، وهو ما اصطلح على تسميته ب “العمل الخطر”.

احتفال اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال هذا العام 2020 والذي يعيش فيه المجتمع الإنساني ظروفاً بالغة التعقيد في مختلف مناحي الحياة، وركوداً اقتصادياً ضرب معظم أنحاء المعمورة بسبب فيروس كورونا، يركز  على تأثير هذه الأزمة على عِمالة الأطفال. فجائحة كوفيد – 19 الصحية وما تسببت فيه من صدمة اقتصادية واختلالات في سوق العمل أثر كبير على الناس ومعايشهم. وللأسف، فغالباً ما يكون الأطفال هم من أوائل من يعانون من ذلك. فمن الممكن أن تدفع الأزمة الملايين من الأطفال المستضعفين إلى سوق العمل. وحسب آخر إحصاءات للأمم المتحدة فإن ما يقدر بنحو 152 مليون طفل في سوق العمل ، 73 مليون منهم يمارسون أعمالا خطرة. وأولئك الأطفال يواجهون الآن ظروفا أكثر صعوبة ويعملون لساعات أطول. وتتركز ظاهرة عِمالة الأطفال في المجال الزارعي (71%)، بما في ذلك الصيد والعمل في الغابات ورعي الماشية وتربية الأحياء المائية، بينما يعمل 17% منهم في القطاع الخدمي، و 12% في القطاع الصناعي بما في ذلك التعدين.

إننا في معهد جنيف لحقوق الإنسان إذ نحتفى بهذا اليوم نجدد التزامنا بحقوق الإنسان كافة ومن بينها حقوق الأطفال ونشير بوجه خاص إلى معاناة الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بصفة خاصة وبقية دول العالم بصفة عامة، وندعو الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والوطنية لتسليط الضوء على ظاهرة عمالة الأطفال وتبني الاسترايجيات التي تعمل على القضاء عليها صونا لأطفالنا من الانتهاكات والاستغلال، ونتمنى أن يعود هذا اليوم العام القادم ليجد عمالة الأطفال أقل نسبة، وليجد أطفالنا أحسن حالا وأوفر حقوقا حتى تشهد الإنسانية استقراراً لأهم شريحة في المجتمع وتحقيق الغاية 8.7 من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

جنيف 12 يونيو 2020م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق