
شاخيتو … بوَّابة بوهين الضائعة (2/2)
بدر الدين العتاق
وددت أن اُفصِّل الجانب التاريخي هنا كما حاولت تبيين الجانب الروائي بصورة من الصور لكن أحيل الكاتب والقارئ معاً لكلمتي حول تاريخ مملكة كوش وأرض النوبه بعنوان: {اليهود بين أرضي النوبه وأورشليم}، فهي مبسوطة في النت فالتراجع في موضعها إن شاء الله .
تقديم مهم:
قبل أن أغادر كلمتي هذه أذكِّر القارئ الفطِن للملاحظة حول استعمال الكاتب للمفردة الذكية أو قل : التركيب اللغوي للجمل وإحالتها لنص مقروء على شكل رواية ، وتركيزه على سوقنا من طريق فكره بتجويده ناصية اللغة العربية والمحلية الموغلة في المحلية / قرية السواقي شمالي السودان مثلاً بالرواية / [التحية لك يا أبادماك، سيد تويلكيت
الإله العظيم سيد أبيريب
الملك العظيم) الأول (لأرض تانحسي
أسد الجنوب، ذو اليد الطولي
الملك العظيم الذي يستجيب لنداء من يدعوه حامل السرّ،] ص: 9.
و ص: 21 [المنطقة كطبيعة قرى النيل الشمالي، ببيوتها القصيرة المبنية من الآجر الأبيض، بنخيلها المثمر وسَوَاقيها المترامية، تشبه واحة في صحراء، عدا عن النيل الذي يطوّقها من جانبين كالهلال خالقاً منها شبه جزيرة، وينفتح جانباها الآخران على الرمال والفراغ. ] .
ثم ص: 26 [جرت العادة في حفلات الختان بالقرية، سواءٌ أكان المختون صبياً أم صبية، على أن تقام حفلة يدعى لها كل أطفال القرية ونساؤها وبناتها الفتيات، ويُمنع على الصبيان الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة عشر من حضورها. الحفل يبتدئ بطحن دقيق القمح على «المرحاكة أو المحراكة» وهما حجران جبليان أملسان، أحدهما مجوّف على هيئة حوض وهو ما توضع به الحبوب من قمح أو ذرة والآخر بيضاوي تسحق به تلك الحبوب طحناً وعركاً. قديماً كانت النساء المملوكات «الرقيق» هنّ من يقمن بهذا العمل قبل ظهور الطواحين الحديثة، إلا أنه وبعد أفول عهد العبودية والرقّ، صارت تقوم بها النساء كبيرات السن بالقرية حفاظاً على الإرث برغم وجود طواحين تعمل بالكهرباء. ثم يأتي دَور الفتيات والنساء صغيرات السن في صنع فطائر صغيرة تعرف ب «المنين» و «الزلابية و «اللقيمات» بينما يقوم جزء آخر منهن بصنع فطائر البلح «قرّاصة التمر» وعصيدة التمر، وهي عصيدة قوامها البلح ودقيق القمح. ثم تبدأ الحفلة بغناء الفتيات، يتخللها رقص للطفلات على أنغام «الدَّلّوكة» والدّفوف، بينما يتراشق الصبية بالسياط وهم عُراة. بعد نهاية الحفل تقوم أمّ المختون وجدّته بتوزيع جرار الفخار المليئة بفطائر وعصائد التمر على الفتيات كهدايا يحملنها إلى بيوتهن، وذلك بعد أن يتناولن وجبة عشاء من نفس الصنف.] .. إلخ .
ليسوقنا أيضاً متحذراً أن يُصاب زكاماً في اللغة عثِراً، والله يشهد أني لم ولا أتصيد الأخطاء النحوية بقدر ما هي تعترض طريقي عند كل كتاب أطالعه ، قال أحدهم :
قل لمزكوم المعاني * يمم عندنا تلقى شذيِّا
قال ص : 18 – 20 – 36 : [ سنح لها القدر ] وهنا خطأ شنيع لحريص على سلامة اللغة من السلامة والسآمة ، والصواب أن يقول : قيَّض لها القدر ، أو أتاح لها القدر ، أو ما شابه ، لأنَّ « سنح « نوع من الطيور كانت العرب تتطير بها وتتشائم ، قال الكميت بن زيد الأسدي ، وكان شيعياً مناصراً لعلي بن أبي طالب ، كرَّم الله وجهه ، وقيل إنَّ الكميت شاعر آل البيت النبوي ، ولم ير النُّقْاد له جودة في شعره خلاف هذه القصيدة ، وكذلك كُثَيِّر بن عبد الرحمن ، المشهور والمعروف بكُثَيِّر عزَّه ، وعزَّه ، محبوبته ، قال الأسدي :
وإذا السانحات البارحات عشيةً
أمَّر سليم القرن مرَّ أعضب
وقال كُثَيِّر عزَّه يفخر بآل البيت، رضوان الله عليهم :
تكاد عطاياك تسل ضغني
وتخرج من مكامنها ضبابي
وما زال يرقيني لك الراقون حتى
أجابت حيَّة بين اللصاب
وأردت الاستشهاد بأبيات الكميت كما ترى.
قال من ص: 26 – 35 – 68: [رضخت لإلحاحها] خطأ أيضاً! والصواب: أذعنت، لأنَّ الرضوخ يستعمل لجبر الكسور العظامية للإنسان أو ما يجري مجراه، ثم هاك من ص: 37: [حفيف الريح] والكراهة هنا لا تخفى للاستعمال اللغوي والنحوي لتركيب الجملة، زد عليها الخطأ! والصواب أن يقول: عزيف الريح، لأنَّ العزيف هو صوت الريح والحفيف هو صوت احتكاك الريح مع أوراق الشجر أو حركة الشجر نفسه، ويمكن أن يقول: حفيف الشجر إثر الريح، لتركيب الجملة فهنا أجود إن شاء الله، ثم خذ من ص 52 قوله: [ أن لا أحد ] خطأ ! والصواب: أحداً، لأنَّها إثم أنَّ، و» لا « نافية إعراباً.
أمَّا بعد..
أنا سعيد عند تقدمتي لهذا العمل الجميل بلا شك، ولا يهم الاختلاف أو الاتفاق حول القراءة للنص علمياً كان أم أدبياً، لكن الروح المكتوبة بها النص « شاخيتو .. بوَّابة بوهين الضائعة „ للكاتب الأستاذ / ممدوح أبَّارو، متماسكة في الحالتين عند بناء النص، والأفكار والأطروحات أصلاً محل أخذ وعطاء وميدانها رحيب وسيع فسيح بين الناس، وأشكر له ثقته في شخصي الضعيف لأضع قراءتي بين يديه والقارئ الكريم معاً ، علَّها تضيف جديداً في ميدان الأدب الروائي العالمي انطلاقاً من محليتنا السودانية ، ولندع [ أرض بوهين ، آخر معاقل الآلهة الكوشيين ] ص : 17 ، للمختصين في ميدانهم ولنستمتع بقراءة النص أكثر من مرة .
وهذه بضاعتكم رُدَّت إليكم:
أما هو فطلّسم لا يُدرى كنهه
لا تراه الأعين، غير واضح، لا النساء تراه ولا الرجال.
ليست هناك سدود تقف أمامه، لا في السماء ولا في الأرض.
يعطي الغذاء لكل الناس
يلفظ الأنفاس القائظة على أعدائه،
وفي هذا تتجلّ مقدرته) قوته الخاصة (
التي تقضي على الأعداء بمساعدته
هو الذي يقضي على جميع الذين يُضمِرون الخيانة والشرّ ضده،
المعطِي العرش) عرش السُّلطة (لذلك الذي يطلبه،
وملك الغضب.
العظيم بمظهره.
نشيد أبادماك