سياسة

كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان

بمناسبة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية

في العشرين من شباط/فبراير من كل عام ترتفع الأصوات في كل العالم منادية بتطبيق المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز ففي 26 تشرين الثاني/نوفمبر2007، أعلنت الجمعية العامة 20شباط/فبراير من كل عام يوماً عالمياً للعدالة الاجتماعية اعتباراً من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة، وعزّز ذلك اعتماد منظمة العمل الدولية بالإجماع إعلان العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة في 10 حزيران/ يونيو 2008. وهو بيان المبادئ والسياسات الرئيس الثالث الذي اعتمده مؤتمر العمل الدولي منذ صدور دستور منظمة العمل الدولية لعام 1919. ويستند هذا البيان على إعلان فيلادلفيا لعام 1944، والإعلان المتعلق بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمل لعام 1998. وهذا الإعلان التاريخي يؤكد قيم منظمة العمل الدولية. وباعتماده من 182 دولة من الدول الأعضاء إبراز لقدرة منظمة العمل الدولية على تحقيق الأهداف، من خلال برنامج العمل اللائق بما يعكس توافق الآراء بشأن الحاجة إلى بُعد اجتماعي قويّ للعولمة في إحراز نتائج أفضل وعادلة للجميع فمنذ العام 2008 تشير التقارير إلى بلوغ معدّل نمو العمالة في المتوسط 0.1%، مقارنة مع معدل 0.9% بين عامي 2000 و 2007. ويفتقر أكثر من 60% العمال إلى أيّ نوع من عقود العمل، ونسبة العمال في وظائف بدوام كامل هي أقل من 45% من إجمالي العمال في العالم، وتلك النسبة في انخفاض متواصل. ومع حلول عام 2019، عانى أكثر من 212 مليون شخص من البطالة، مقارنة بـ201 مليون في السنوات السابقة. وبحلول عام 2030، ستكون هنالك حاجة لأكثر من 600 مليون وظيفة جديدة لمواكبة النمو السكاني في سن العمل.

إنّ الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية يؤكد العزيمة القويّة التي ينبغي أن تسود في مجتمع الإنسانية باعتبار العدالة قيمة عظيمة وحق إنساني يستوجب أن تعمل الدّول والمنظمات وكلّ أصحاب المصلحة من أجل تثبيت دعائمه. كما أن فيه تذكيراً بمتطلبات المرحلة الآنية والتي حدّدها شعار احتفال هذا العام الداعي لتطبيق العدالة الاجتماعية في الاقتصاد الرقمي الذي من شأنه تغيير عالم العمل من تقليدي إلى تقني لما أثبتته التكنولوجيا الحديثة في اختراق مختلف القطاعات في الاقتصادات ، فضلاً عن أن جائحة كورونا منذ العام 2020 فرضت ضرورة اعتماد ترتيبات العمل عن بُعد، ممّا سمح بمواصلة عديد الأنشطة التجارية، وهو ما عزز نمو الاقتصاد الرقمي وتأثيره الإيجابي، ويتيح فرصاً متكافئة للنساء والأشخاص ذوي الإعاقة والشباب والعمال المهاجرين تدرّ دخلاً مقدّراً، ويدعم احتفال العدالة الاجتماعية الجهود التي ظل يبذلها المجتمع الدولي سعياً لإيجاد حلول تحقق التنمية المستدامة، وتقضي على الفقر، وتوفّر العمل اللائق للجنسين دون تمييز، وصولاً إلى الرفاه الاجتماعي والعدالة الاجتماعية الشاملة للجميع. فالاحتفال بهذه المناسبة يهدف إلى تعزيز الحوار مع الدول الأعضاء ومؤسسات الأمم المتحدة ذات الصلة وأصحاب المصلحة الآخرين بشأن الإجراءات اللازمة لسدّ الفجوة الرقمية، وإتاحة فرص العمل المناسب.

   معهد جنيف لحقوق الإنسان من واقع رسالته الإنسانية يشارك في الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ويساند الأسرة الدولية بمنظماتها المختلفة من أجل النهوض بعالم الإنسان وتثبيت الحقوق الإنسانية للجميع؛ دون تمييز لأسباب جنسية أو عرقية أو غيرها، والمعهد إذ يحتفي بيوم العدالة الاجتماعية لهذا العام يؤكد ضرورة الاهتمام بالتقنيات الحديثة باعتبارها أداة العصر الدافعة لتحدياته، وحريّ بها أن تسعف الإنسان في ظروف الشدّة والأزمات وتجعله ممارساً لأنشطته من على البعد، ويطالب الدول والشعوب للعمل من أجل تنفيذ شعار اليوم العالمي للعام 2021م. ويشدّد المعهد على ضرورة الإنصاف في الأجر للعاملين نساء ورجالاً بما يحقّق العدالة الاجتماعية والتعايش السلمي، ويتحقق في ظلّه الازدهار والمساواة بين الجنسين، سواء من الشعوب الأصلية أو المهاجرين. ويناشد معهد جنيف لحقوق الإنسان دول العالم كافة ومنظمات المجتمع المدني أن تكثّف جهودها من أجل إرساء قيمة العدالة الاجتماعية بكل الوسائل، وسنّ القوانين اللازمة التي تمنع الاختراقات والتعدّي على حقوق الغير خاصّة عبر التكنولوجيا نفسها، كما يطالب المعهد بتنفيذ القوانين والاتفاقيات الدولية التي تضمن الحقوق الإنسانية وحماية العمل وتحقق العيش الكريم؛ والمبتغى أن تشهد الإنسانية حياة آمنة مستقرّة وفق متطلبات التنمية المستدامة.

جنيف 20 فبراير/شباط 2021م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق