خارج الحدود

صناعة الجلود في المغرب.. فن يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام

تعد دباغة ومعالجة الجلود واحدة من المهن الموغلة في القدم بالمغرب، والتي قاومت الاندثار، خاصة بمدينة فاس، حيث يحافظ نحو 23 ألف من العمال المهرة على فنيات الإنتاج لأكثر من ألف عام. وترتبط مهنة دباغة الجلود ارتباطاً وثيقاً بهوية المغرب، حتى أن السائحين الإسبان يطلقون عليهاماروكينيريانسبة إلى المغرب.

وفي فاس، لا يزال يتم التعامل مع الجلود في نفس الأماكن التي بدأت فيها تلك الصناعة، ويحافظ العاملون بها على جزء كبير من التقنيات والفنيات والمواد والأدوات المستخدمة منذ إنشاء المدينة في القرن الثامن الميلادي.

عملية الدباغة

تمر عملية معالجة الجلود بمراحل متعددة، وتتم في مناطق عدة من مدينة فاس، فقبل الوصول إلى مرحلة الدباغة، هناك سوق الجلود بمنطقةعين النقبي، حيث يتمركز جامعو الجلود الذين يقومون بشرائها من المذابح لبيعها لاحقا للمدابغ.

وتوضع الجلود فوق بعضها فيعين النقبي، حسب أصولها (ماعز أو أغنام أو ماشية)، ويتم تحميلها على التروسيكل أو على أظهر الحمير، لنقلها إلى المدابغ الثلاثة الموجودة بالمدينة.

وبعد وصولها إلى المدبغة، يتم غمر الجلود في أحواض مملوءة بالماء لتتخلص من صلابتها، ثم يتم لفها بالجير لإزالة الشعر أو الصوف، قبل ان يتم غمرها من جديد في ماء مضاف إليه نخالة القمح أو فضلات الحمام، مما يمنح الجلد نعومته النهائية.

ثم تتم عملية تجفيف الجلود في الشمس، لتصبح جاهزة للتقطيع، قبل تزيينها بألوان مستخلصة من النباتات، قشر الرمان للون الأصفر أو الأقحوان للأحمر، وهكذاكمرحلة أخيرة قبل أن يصل المنتج إلى شكله النهائي.

وبعد تلك المرحلة، يتم نقل الجلود إلى سوق صغيرة في المدينة حيث تباع بمساعدة وسطاء محترفين في مزاد يتوجه إليه حرفيون آخرون متخصصون بصناعة النعال والحقائب أو السروج للحصول على مواد خام لمنتجاتهم.

ويتجمع عشرات الوسطاء لمدة ساعة كل يوم في السوق، حيث يصيحون للإعلان عن بضاعتهم وأسعارها المتغيرة، بينما يراقبهم الحرفيون وهم يتفحصون الجلود للتحقق من جودتها، ويتفاوضون على السعر.

ويعمل في قطاع المنتجات الجلدية 23 ألف شخص بمدينة فاس وحدها، بما يمثل ثلث عدد العاملين بهذا القطاع على مستوى المغرب، والبالغ عددهم 63.871.

ويمثل حجم مبيعات القطاع في المغرب 8.2% من إجمالي الحرف، بينما يمثل 29% بالنسبة لفاس، ويقدر حجم تلك الصناعة بـ6.6 مليار درهم سنويا، أي نحو 610 مليون يورو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق