ثقافة وفن

العالم الفلكي الشيخ الدكتور الريح العيدروس 1893-1971 … مؤسس مدارس الفلاح بأم درمان

تزوج أكثر من ستين امرأة وتنبأ بالحرب العالمية الثانية

محجوب عمر باشري

شخصية نادرة في مسار الحركة الفكرية السودانية تعددت مواهبها وامتزجت حتى أصبح الامر صعبا على واحد ان يحدد هذه المواهب فهو اديب وشاعر ومؤرخ وكاتب وفلكي ومنجم ومعلم ودارس لا يقف الباحث علي حياته حتى يعجب ويتساءل عن سر خفوت اسمه في عصره وعلو اخبار نوادره واحداثه دون علمه وفضله. ذلكم هو الريح العيدروس. نشأ في اسرة تميزت بالعلم والاجتهاد فوالده من قبيلة السناهير وهم فرع عربي يرجع في جذوره الي عرمان ووالدته من قبيلة الهوارة وهم اقوام من العرب هاجروا من سوهاج الي غرب السودان وكانوا اخوة سبعة نشب بينهم الخلاف فافترقوا فهاجر أحدهم الي غرب السودان واقام في الابيض ولهم مقبرة في الابيض تعرف بمقبرة البررة السبعة ومنهم اسرة الصلحي وحسين عثمان. اراد الريح الذي اطلق عليه والده هذا الاسم تيمنا برجل ولي تقي من العركيين اراد ان يشق طريقه في عالم الحياة وقد حفظ القرآن وتلقي طرفا من علوم اللسان والدين ان يلتحق بالمدارس المدنية ولكنه اختير ليدرس في مدرسة العرفاء ليتخرج مدرسا في المدارس الاولية فشق عليه ذلك فعكف علي دراسة اللغة الانجليزية وتقدم ليسلك مسلك الموظفين المدنيين في مدرسة نواب المآمير ولكن باءت جهوده بالفشل فراسل مدرسة بنيت بلندن وكان منجذبا لعلم الجغرافيا فتلقي منهجا في الجغرافيا اتاح له ان يعرج لعلم الفلك وعني بمراقبة المذنبات وكان يسميها الاسماك وكتب مقالا في الحضارة عن كيلر وعارض نظريته في سقوط ضوء الشمس علي المذنبات وراجع في هذا المقال ارسطو في تحرك المذنبات في الفضاء والمسافة التي تتجاوزها والتي حددها ارسطو بزحل. وقارن بين المذنبات والكواكب وابان تألقها. اثار هذا المقال بعد ان ترجم المستر غراهام فرد عليه عام 1935 في دورية السودان «مذكرات ووثائق» فراجع الريح العيدروس مقال المستر غراهام وتحدث عن الاخطاء الحسابية ونظرية روبرت هوك ومشكلة الجاذبية الكونية وحركة القمر والكواكب واشار لمشكلة كريستوفر رن وتعرض لمذنب هالي. بعد ذلك انتقل الي مجلة المقتطف في يناير1936 وافاض في الحديث عن قوي جذب الكواكب الكبرى المشتري وزحل ورسم صورا للمذنب لرأسه والذؤابة التي تحيط به بعد ذلك تقدم ببحث للجمعية الفلكية المصرية وتوج هذا البحث بدرجة الدكتوراه ومازال يبحث في الفلك ويراسل جامعتي برنستون وهيدلبرغ بألمانيا وله رسالة عن تحرك المذنبات نحو الشمس وبعد فترة اتجه لعلاقة الكواكب والنجوم والمذنبات بحياة الانسان وفي عام 1936 اخرج كتاب تقويم السودان واستعرض فيه تاريخ السودان وجغرافيته واقتصاده وهذا الكتاب نادر وقد كتب مقدمته السيد غراهام.

تنقل الريح العيدروس وهو يعمل معلما في المدارس الاولية في مناطق كثيرة في السودان وكانت اطيب ايامه في مدينة عطبرة عندما نقل ليدرس في مدرسة الصنائع فهناك ألقى عددا من المحاضرات في الفلك والتنجيم وتنبأ بالحرب العالمية الثانية وانهيار الرايخ وموت هتلر فاستجوب ونقل الي ام درمان مغضوبا عليه وفي ام درمان اشتهر كمنجم وتعددت زيجاته حتى ان ملفه الرسمي يثبت انه تزوج أكثر من ستين زوجة ولم يبق منهن الا ما احله الشرع. هناك مراسلات بينه وبين الجمعيات الفلكية في امريكا والمانيا وقد أرسل الي جامعة كمبريدج رسالة عن مذنب بيلا وانتهائه عندما انشطر الي قسمين وردت عليه الجامعة ان ذلك يحتاج الي دراسة، ولكنه لم يقتنع فراسل جامعة موسكو مفصلا يسال على اضطراب وتلاشي المذنبات وله اراء يدرك قيمتها الفلكيون عن الانقاض الكونية وحسابات اوبيك وفي ملفه رسالة شكر من الفلكي الهولندي جان اورت بتاريخ 1951. اننا ننقل هذه المعلومات عن ملفه لان مكانته في المجتمع السوداني لم تتضح بعد. فالناس يعرفونه كمؤسس لمدارس الفلاح المنتشرة بأم درمان البنبين/البنات وكمعارض للاستعمار البريطاني وككاتب في الصحف وشاعر في المناسبات ولكن مكانته لا تتحقق الا لدارس علم الفلك اما خبراته في التنجيم وعلم نفس الخوارق فأنها لم تسجل بل ان جمع المعلومات الشفوية زاخرة بالكثير فانه راجع كتاب شمس المعارف للبوني واستحدث آفاقا جديدة ونقد كتاب مجربات الديربي الكبير وله الفية تضاهي الفية ود دوليب وهي مشهورة في السودان لان العالم الفقيه ود دوليب الذي ذكره مؤرخ الاولياء والصالحين العالم الفقيه محمد ضيف الله بن محمد الجعلي الفصلي المولود بحلفاية الملوك 1139هـ والمتوفي بها سنة 1224هـ وود دوليب وهو محمد بن محمد الضرير بن ادريس ابن دوليب الركابي ولد بالدبة وعمل بتدريس علوم الدين ومات ودفن بالدبة… كتب ود دوليب جدولا للأحداث الاتية في السودان والتغييرات. تنبأ فيها بما سيحدث وهذا الجدول اشبه بما كتبه نوستردموس في الثقافة الأوروبية. فالريح العيدروس له جدول من التنبؤات وقارن بين الافلاك والاحداث في السودان ولم نحصل على هذا الجدول. وقد كان الريح العيدروس يعالج الصداع والصرع والالام النفسية ويكشف الحظ وقد امّ منزله الكثيرون. وقيل انه تنبأ بساعة موته. رحمه الله قد كان انسانا نادرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق