
الثورة المضادة و فشل الانقلاب
أحمد الونزاني
إذا كان اليمين المتطرف و المحافظين و الشعبويين هم من يقودون الثورة المضادة ضد الديمقراطية في العالم الغربي. فإنه في عالمنا العربي اجتمع النقيضين اليسار و المحافظين و العسكريين والمجتمع المدني لقيادة الثورة المضادة ضد إرادة شعبية شرعية سلمية لا قيادة لها مرحليا.
و اعتقد ان الدرس الأمريكي أو ما حدث بالأمس ليلة السادس من يناير 2021 كان الهدف منه وضع التجربة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية على المحك و التشكيك في تجربة رائدة بما لها و ما عليها. لكن أهم خلاصة في كل هذا هو أن الممارسة الديمقراطية عمل يومي و جهد متواصل لا يتحقق بالأماني و التراجعات و الإنكسار بل يجب بذل المجهود الكافي و حتى المصارعة من أجله لكي نفوت الفرصة على كل من يستهدف أو يبخس أو ينقلب على العملية السياسية الديمقراطية باي شكل من الأشكال. و قد عشنا ليلة تميزت بمواقف ثابتة من كل المؤسسات السياسية والدستورية و القضائية و حتى المؤسسة العسكرية و التي عبرت بشكل واضح عن إدانتها للعملية الانقلابية التي يقودها الرئيس ترامب و بعض من مؤيديه ذوي النزعة المتطرفة. ضدا على إرادة الشعب الأمريكي الذي قال كلمته في عملية انتخابية انتهت بفوز بين للمرشح المنافس. و قد كان موقف الجيش صارما و واضحا بادانته للعنف و وقوفه على الحياد الإيجابي فيما يخص العملية السياسية لكنه سيضطر إلى مناصرة الشرعية الشعبية المعبر عنها في الانتخابات الرئاسية إذا ما اضطر لذلك و للحفاظ على سلامة البلاد.
و قد شهدنا كيف تدحرجت الأمور بسرعة كبيرة مما شكل تهديدا للعملية السياسية و أصبحت الديمقراطية قاب قوسين أو أدنى من التحول إلى ديكتاتورية تشبه النازية و الفاشية و الديكتاتوريات في العالم الثالث و في عالمنا العربي حيث النزعة الشوفينية و سلطة القهر و غياب الحرية و مصادرة الرأي.
و قد تذكرت انقلاب مصر العسكري في 2013 و اصطفاف اليسار و القوميين و المحافظين و الأزهر و الأقباط مع العسكر ضد الإرادة الشعبية المنتخبة في غياب تام للمؤسسات التنفيذية والتشريعية و الدستورية والقانونية للوقوف ضد الانقلاب العسكري و مساندة الشرعية. فيما كان الترحيب عربيا و الصمت المريب من الدول الغربية.
كما تذكرت انقلاب تركيا في 2016 و خروج الشعب التركي للدفاع عن شرعيته و موقف المؤسسات الدستورية المشرف في إدانة العملية الانقلابية و دور الإعلام التركي البطولي في هزم الإنقلابيين و الوقوف مع الشرعية. ليلة لا يمكن نسيانها فقد كانت عنوانا للتضحية و البذل من أجل الأجيال القادمة و لكي تصبح الممارسة الديمقراطية واقع في المجتمع كله.
لكن الشيء الجديد هو الإدانة السريعة من كل الدول الغربية لعملية الانقلاب و الانفلات الأمني الخطير و اجتياح الكونجرس الأمريكي رمز السلطة و الديمقراطية بتلك الطريقة الهمجية و تمت تسمية الأشياء باسمها الصحيح. الانقلاب على الشرعية الشعبية المنتخبة و هو الشيء الذي غاب في انقلابات عدة هنا عندنا في العالم العربي بحيث فتح الباب أمام التاويلات فتاه المصطلح في التفسيرات و القراءات من منظور مصلحي صرف ليس إلا.
كما ساد الصمت في العالم العربي لأنهم رأوا صورة مصغرة لواقع يشبه حالنا أو ما نحن عليه تماما.
و ختاما إذا كان عام 2020 هو عام كورونا فهل يا ترى سيكون عام 2021 هو عام الانقلابات! !!!!!!! انقلابات تصحيحية أو نكوصية؟