
عاصم البلال الطيب
البادي
صديق الباد ي، مؤرخ سوداني وموثق وكاتب صحفي متميز، من بين صلب وترائب الجزيرة الخضراء الوضوع والمولود والسودان هو الموضوع، أربعين سنة إلا قليلا اعرفه، سيرة طويلة ومسيرة، تخطر منها وجهاز الأمن عل ي البال بكل المسميات، أقصوصة بين الباد ي والجهاز في زمنية قوش النسخة الأول ي بسبب مقالة دونها صديق في اخبار اليوم وما خاف وخفنا عقباها بيد انها اوقعتنا في المحظور كناشرين وألقت بود الجزيرة في الخضم، استدعاءات متكررة تحقيقاتها يوم في السماء وآخر في الأرض، لكنها لم تبلغ يوماً خروجا عن النص عدا كيفية الاستجواب بشيء من الاستفزاز وهيئة جلسة المُحقق من في الغالب يصغرك سناً لشيف في نفس الريس، طبيعة ظلت تتبدل حتي في النسخ الماضية ولم تعد ناجعة والحياة والامزجة تتغير، ومتوترة كانت العلاقة بين الجهاز والصحف معيناً رئيساً للإعلام ووسائل التواصل لم تكن قد بلغت ما ه ي عليه الآن، استدعاءات مستمرة وتحقيقات وتلويحات، نلت منها القسمة والنصيب وعجبت يوم اتهام ي بالمشاركة في قائمة الطابور الخامس في هجوم العدل والمساواة عل ي أمدرمان واخضاع ي لا حول ل ي ولاقوه للتحقيق بمبان ي الأمن السياس ي، واذكر جلسة مع الباد ي نورن ي فيها بكيفية التحقيق معه بسبب تلك المقالة المتعدية للخطوط الحمراء بفهم الجهاز، كانت الدنيا قبائل عيد، ثم انصرف وتركني مهموما، بعد ساعات بلغتن ي رسالة استفزت الباد ي، رئاسة الجهاز دونت كروت معايدة ومع كل واحد ارفقت علبة ماكنتوش واوفدت منسوبيها لتوزيعها علي قيادات الصحف وكان نصيبي منها كرتا وعلبة، لم أتردد في تدبيج مقالة تحت عنونة حلاوة الجهاز في ذات هذه المساحة ابديت فيها شجاعة نصف كُم، صديق الباد ي القارئ الأنهم الذ ي لا تفوته من صحيفة فتفوته، قرأ المقالة، فجاءني متأبطا الصحيفة مبتسماً مشيرا للعنوان المستفز ولو للمتن مخالفا قليلا قراءة للكرت والماكنتوش محاولة للتطبيع مع الصحف مع ان جلها ان لم يكن كلها بمن فيها في دائرة الاتهام بالتبعية للجهاز والعاملون مصنفون بين منسوبين ومصادر متخفية، الاتهام لازال قائما كفرانا بكل ما ومن عاش وتنفس في ثلاثينية الإنقاذ الت ي اقر قائدها ذات مخاطبة متلفزة مباشرة في باحة القصر الجمهوري بأنهم في السنوات الاول ي قبضوا وسجنوا وجلدوا، الإقرار بمثابة التعبير عن الانتقال من تلك الحالة للتصالح مع الآخرين ولكن! سقطت الإنقاذ ولم تنته بعد الهجمات عل ي الأجهزة النظامية والامنية ولم تنجها تبديل طبيعة اعمالها بشرعية ودستورية الثورة ولازالت محل شكوك وظنون رغم تبدل قياداتها و تعرض منظومتها البشرية لواحدة من اكبر عمليات الإحالة، الجهاز عينا لم يجد فتيلا تغيير اسمه لجهاز المخابرات العامة ووظيفته لجمع المعلومات هذا غير إلغاء استحداثات هيكلية مثل هيئة العمليات، والحال يعود لمربع اول بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر واشتداد الاوار وارتفاع درجات الغليان واتساع مساحات الرفض ليس للأجهزة النظامية والأمنية بل لكل المشهد والمحضر لازال مفتوحا للتوقيع.
مفر
لم يكن أمام القائد العام للجيش من بد ومفر غير إعادة بأمر طوارئ صلاحيات مسلوبة بالثورية الشرعية عن الاجهزة النظامية للجهاز منها القدح المعل ي وبدا كأنه المعن ي بالإعادة ولم يتبق غير الاسم والود القديم، قبلها لم يقف الجهاز مع تعديل طبيعته واسمه وسع ي لمجاراة المد الثور ي وخفت صوته عاملا في صمت حت ي علا مع أحداث شقة جبرة الموسومة وقائعها بالأنشطة الإرهابية، وابرز المحطات الانتقالية في سوح الجهاز زيارة رئيس الوزراء السابق د عبدالله حمدوك مصحوبا بالزخم الثور ي لمقره ولقاء ومخاطبة القيادة والقاعدة مما عُدّ تطبيعا ورضاء عن اداء الجهاز إلا من ململات واصوات من وهناك تنتظم حينا في حملات ومرات في محاولات للإجهاز عل ي ما تبقي من صلاحيات الجهاز، الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية المطاحتين معا بقرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، حثيثا سعت لإنشاء جهاز أمن داخل ي تحت إمرة الداخلية والإدارة الشرطية بصلاحيات جهاز الأمن المنزوعة، مسعا غريبا كان، في عاصمة ولائية قابلت في بدايات الفترة الانتقالية الحاكم العسكر ي مهموما بقضية امنية داخلية تقض مضجعه، جريمة متخالطة بين السياسية والجنائية، اختزل الوال ي بعض اصبعه تعبيرا عن نزع صلاحيات الأمن في الاعتقال واذكر عباراته الاستعجابية هل الجهاز جهاز بدون صلاحية القبض والاعتقال استباقاً وتلافيا! واكتفيت بالصمت إحابة، وقبيل بيان الخامس والعشرين من أكتوبر، قطعت خطاوي إنشاء جهاز امن داخل ي مشوارا بالدفع بقانون ما تسرب منه ما يكفي بجلاء لإقامة جهازا بكل الصلاحيات تلك المنزوعة تحت إمرة السلطة التنفيذية مما عده محللون إيمانا من المسؤولين الحزبين الانتقالين الحاكمين بأهمية وجود جهاز بذات تلك المواصفات وكفرانا ببشرية الجهاز القديم وان بُدلت تبديلا و تغيرت قيادته و جلدته، وصنف المسع ي إيمانا من حاضنة حكومة د حمدوك بوجود جهاز يتغول رويدا رويدا عل ي ما تبق ي من صلاحيات جهاز المخابرات العامة وكأنك يا ثائر ما ثرت وحظيت! والشاهد من كل ذلك، ان وجود جهاز بالصلاحيات المسلوبة المعادة توا بمثابة القاسم المشترك بين التنفيذيين ومن وراؤهم من سياسيين كانت سلطتهم شمولية أو مدنية، وهذه إشارة لاهمية وجود جهاز للامن القوم ي والمخابرات بكافة الصلاحيات لخدمة الدولة وليس الحكومة القائمة أية حكومة الأمر الذ ي يتطلب فصلا دقيقا ومحكما بين مختلف سلطات الدولة لحماية الجهاز عينا من شر التغول.
مفضل
وإعادة القائد العام بأمر طوارئ للصلاحيات المنزوعة للأجهزة النظامية بما فيها المخابرات العامة بمنطوق إعلان حالة الطوارئ، تشعل حملات بعدم دستورية كل إجراء بعد الخامس والعشرين من أكتوبر بينما تستند القيادة العامة وفقا لبيان القائد العام عل ي دستورية تأسيسها للفترة الانتقالية عطفا عل ي لجوء الثوار وتفويضها بالانحياز لإدارة الفترة الانتقالية بحكومة مدنية بعد التشاور وهذا ما قد تم وانهدم وشرعنته بصورة او اخر ي عودة واستقالة حمدوك شرعنة لازالت محل جدال، التزمت القيادة العامة بالروح الثورية للانتقالية المدنية حت ي قدرت بعد حين بالقيام بخطوة تصحيحية كما وصفتها ببنما المعارضون وحت ي دكتور حمدوك بعد العودة وصفوها بالانقلابية، توقيع حمدوك عل ي الاتفاق السياس ي بعد العودة شرعن بيان الخامس والعشرين من أكتوبر وهذا مما جر عليه غضبات لم يستطع معها صبرا تاركا المشهد من خلفه عرفيا مع محاولات عسكرية للشرعنة ومساع لبسط الامن والهيبة بإجراءات بعد مؤشرات وفقا لقراءات امنية تفض ي لسقوط الدولة من بينها إعادة الصلاحيات المسلوبة للأجهزة النظامية وجهاز المخابرات العامة، الخطوة أيضا مجابهة بالرفض ممن يرونها حيلة قمعية للمواكب والتظاهرات السلمية، حالة من المد والجزر والشك والحذر لاتقف حيالها قيادة جهاز المخابرات ساكته، المدير العام الفريق اول مفضل افاض في تنوير لضباط الجهاز بعد اعادة الصلاحيات في توضيح خارطة طريق قوامها الإسهام بقيادة مبادرات وطنية سياسية واقتصادية ومجتمعية شاملة مفتوحة للتواصل حت ي مع الرافضين والمتشككين لتجاوز اخطر المراحل في تاريخ البلاد ومن بعدها فليكن الخلاف في ظروف مواتية تقدير مواتاتها باتفاق الكل، المهنية والاحترافية والقومية ه ي الرؤية الت ي اعلن عنها المدير العام نبراسا للعمل وتغييرا حقيقيا للنمطية وترسيخا لمفهوم المؤسسية في ظل تقلبات سودانية بشرية الجهاز وسائر المؤسسات النظامية هدفا ثابتا لها، قيام جهاز مستقل غير معزول عن منظومة سياسية اصيلة حاكمة ومعارضة في إدارة الدولة التحد ي الاكبر المتطلب التغلب عليه عملا جماعيا مع إدارة الجهاز الت ي تعي اهمية مصالحة سودانية دونها المسالخة الت ي تعيق الجهاز وتهدد بقاء الدولة مالم تتفق المنظومتين النظامية والمدنية علي حلول عاجلة للحالة الشاخصة ، جهاز المخابرات العامة عليه اتباع الاقوال بأعمال تنتظم مبادرات شجاعة تصبح معها صلاحيات القبض والاعتقال في شأن داخل ي نسيا منسيا بإنهاء مسببات الصراع السوداني السودان ي، تصريح الجهاز بكارثة امنية خطرة تلوح في افق البلد القريب لابد من كشفها دونما تأثير عل ي ترتيبات التعامل معها حتي لا تُعد محض فزاعة وحيلة للإجهاز عل ي الخصوم السياسيين، وعل ي الرغم من عدم وجود حاضنة سياسية للجهاز، لم يزل الاتهام بالتبعية للدولة العميقة قائم من وراء حجاب لكل قيادات المنظومة الأمنية، ودحض الاتهام بإبداء حسن النوايا كما يبديها مدير عام الجهاز لا تكفي وحدها مما يتطلب القيام بعمليات ملموسة بكشف التحديات والمخاطر والإعلان عن سياسة محددة لمحاصرتها من قبل منظومة الدولة مجتمعة، سياسة لا تتعارض مع سرية مطلوبة في ملفات معينة يفصح عنها بعد انتهاء صلاحيتها، فالجهر بالسر إشراك للكل في محله، وخارطة عمل الجهاز الجديدة تتضمن قضايا مساسة ليس بأمننا الداخلي فحسب ملامسة هموم دولية ومخاوف من القوي الكبر ي من الهجرات الشرعية وأنشطة جماعات مصنفه بالإرهابية بمعيارية لا تخلو من ازدواجية هذا غير تهريب السلاح من وإلي داخل البلاد، فهذه وتلك مما يرفع معدلات التحد ي امام ادارة الجهاز المخنوقة بالخلافات السياسية ووليدها الاتهام بالتبعية والانحيازية لأمن النظام وليس الدولة وهذا عل ي مر تقلب الأنظمة المتسبب في وضع المنظومة الامنية والجهاز عينا نصب أعين كل تغيير، تغيير قيادة وقاعدة، هذه الصورة الذهنية يتصعب تغييرها بالحالة الانتقالية القائمة، برز الجهاز غير مرة للقيام بأدواره المهنية والاحترافية في حادثة جبرة الموسومة بالإرهابية ولكن بسبب هذه الحالة الشاذة من الصراعات والاستقطابات، تشكك من تشكك في حقيقة المهمة الت ي قام بها الجهاز وان قدم قربانا للعملية من فلذاته، وضعية غريبة مسببها الصراع السياس ي القميء الذ ي تسع ي إدارة الجهاز للتحصن منه بالمهنية والاحترافية والقومية عل ي مستو ي الفرد والأداء، نجاح الجهاز في بعض ما أعلنته إدارة إعلامه، يقدم خدمة حقيقية لانتقال الدولة السودانية لبرارٍ آمنة لا تغرق بعدها، فكسب ثقة المجتمع الدول ي رهينة في الحد من ظاهرة الهجرة لكعبة الخلاص المفترضة هنا وهناك والمتخذة من السودان مقرا للإحرام المكان ي لموقعه الوسطان ي ولحدوده المترامية الت ي تصعب من محاصرة عمليات التهريب وهدرها الكبير للاقتصاد هذا غير مكافحة تدفقات الأسلحة و البشر والمتاجرة بهم ودخول أصحاب الأجندات المصنفة مطلقا وقبلا بالخطرة ، هذا وغيره منسحب عل ي تعقيدات المشهد الأمن ي الداخل ي والقائمين الواعون بكل هذه التعقيدات ويبدون سياسة مكاشفة ومصارحة ومرونة تأكيدا بأن إعادة صلاحيات بأمر طوارئ إنما للتمكن من القيام بإجراءات استباقية في قضايا قومية خطورتها ليست محل خلاف و عدمها تسبب في خسائر ممكنة التلافي مثالا في عملية شقة ح ي جبرة، لازال امام الجهاز الكثير لتعزيز العلاقة والثقة مع المتشككين ولدعم المبادرات الوطنية الت ي اعلنتها قيادة الجهاز بلا تفصيل للقيام بها تحت نير الأجواء الانتقالية، ولتثبيت أركان و دعائم المهنية والحرفية والقومية الحصن من التبعية دعك من الاتهام في الوقوع في أحضانها الحرام، علي قيادة مفضل توزيع المزيد من حلاوة ماكنتوش.