
عاصم فقيري
سوف نظل نكرر أنه بوجود قوات الجنجويد والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا المزعوم لن يكون هناك سودان وحتى من يحلمون على أفضل الفروض أن يكون هناك سلام بعد التقسيم، فنقول لن يكون هناك سلام أيضاً بعد التقسيم، لأن الواضح للعيان أن الجنجويد لا يريدون دارفور فقط بل يريدون كل السودان، وكل نشاطاتهم تثبت أنهم يتمددون شمالا وشرقا وجنوبا في كل الاتجاهات، وبل يتمددون الى دول الجوار أيضاً واولى تلك الدول بعد السودان هي تشاد ومن بعدها النيجر ومالي وأفريقيا الوسطى!
إنه احتلال واستعمار من نوع جديد، ولا هو الاستعمار القديم ولا الجديد بل هو طفرة جديدة هجين من الاثنين ويتحور حسب الظروف تماما كما يفعل فايروس كورونا!
في العلوم الطبيعية كثيراً ما تتطابق اصطلاحات منها على ما يحدث في المجتمع وهناك روابط كثيرة بين الظواهر الطبيعية والظواهر الاجتماعية ليس أولها اصطلاح مسمى النشاط الطفيلي في الاقتصاد والذي يمارس فيه التاجر أو رجل الأعمال دور طفيلي بالحصول على أرباح دون أن يسهم في الناتج القومي تماما مثلما تفعل الطفيليات مع الكائنات الحية بالحصول على غذائها من الكائنات الحية دونما أن تساعد في انتاج أو تثميل ذلك الغذاء بعمليات الهضم الطبيعية، وليس آخر هذه الاصطلاحات هو التحور في الطرق المتنوعة للاستعمار واستغلال الشعوب وثرواتها من استعمار قديم الى استعمار جديد، كما هو الحال الآن في السودان بظهور هذا المتحور القديم الجديد من الاستعمار!
والغريب في الأمر أن هذا يحدث في نفس الفترة الزمنية الذي تظهر فيه متحورات فايروس كورونا التي حيرت العلماء!
ما يدعو للدهشة فعلا هو أن الجهة المناط بها أن تقوم بحماية البلاد من احتمالات حدوث استعمار ولو قديم بشكله التقليدي هي الآن تشارك في هذه الجريمة وتمهد الطريق للمستعمر المتحور فاذا أمعنا التفكير بعمق قد نخلص إلى أن الجنجويد هم المرض وجنرالات الجيش ومن قبلهم الحركة الإسلامية بكل مسمياتها (الكيزان) هم الفايروس! لماذا؟ نقول أن الفايروس دخل في الدورة الدموية للوطن وأضعف الخلايا أو كريات الدم البيضاء وجهاز المناعة حتى يتمكن المرض من أعضاء الوطن، بالطبع بدأ الفايروس أولا بالدخول في جسم الوطن بمسمى الاتجاه الإسلامي بمصالحة مع نظام مايو وبعدها عندما اشتغلت الدفاعات المناعية للوطن في مارس أبريل وتحرك الشعب وكاد أن يتماثل للشفاء قام فايروس الاتجاه الإسلامي بالتحور الى متحور جديد يسمى الجبهة لقومية الإسلامية وقبل أن يكتمل شفاء الوطن تمكن مرة أخرى بجسم الوطن وسهل عليه ذلك ضعف جسم الوطن ونقصان الفيتامينات الضرورية وبعض الحميات مثل حزب الأمة والأحزاب الاتحادية فالأول نكاية في الثاني يقوم بتمكين فايروس الجبهة القومية الإسلامية والثاني يستسلم أيضاً لأنه لا يعرف يقاوم أو أنه أضعف من ذلك ويقول أن الديمقراطية اذا سحبها كلب لا يمكن لاحد من أن يقول لها (جر)! الكلمة بين قوسين تعني أن ينتهر الكلب أو يمنعه من سحبها!
تمكن المتحور الثاني وبفعل تفاعلات كيميائية دون عمل الأجسام المضادة انقسم الفايروس الى متحورين جديدين أحدهما فايروس المؤتمر الوطني والآخر فايروس المؤتمر الشعبي، وتمكن فايروس المؤتمر الوطني من البقاء داخل دماء الوطن وقبع فايروس المؤتمر الشعبي على الأغشية الأخرى في حالة كمون منتظرا أن يجد طريقة لفك الشفرة ليتحول هو الآخر لمتحور جديد!
وتمكن فايروس المؤتمر الوطني من كل مفاصل وأعضاء الوطن وجلس عشرون عاما بعد أن غادره نصفه الآخر المؤتمر الشعبي لاحقا بعد التحور ذلك!
وبعد صراع عشرون عما استطاعت الدفاعات المناعية أن تقاوم فايروس المؤتمر الوطني ولكنها قبل أن تطرده تماما من جسدها ظهر في شكل متحورات جديدة منقسمة انشطاريا وتعمل كلها على تحين فرصة الانقضاض على جسد الوطن المنهك، منها الجبريلية والاردولية والمناوية والحجرية والطاهرية والكيزانية القديمة والكيزانية الجديدة والاصلاحية والشعبية وغيرها من متحورات تعمل من على البعد وتجد لها مقاعدا في اجسام وكيانات متنوعة وهذه أيضاً خطورتها في أنها قد لا يحس بها كثير من أعضاء جسد الوطن ولكنها حتما ذات تأثير ضار!
والخطورة الأكبر أن كل هذه المتحورات ليست هي المرض نفسه وانما كلها تعمل لتمكين المرض من السيطرة على أعضاء جسد الوطن وشله تماما!
المرض الناتج من كل تلك الفايروسات المتحورة هو الجنجويد الذي ان تمكن فعلا من جسد الوطن فعلى الوطن السلام، لذلك قلنا البتر (التقسيم) لن يكون علاجا بل ستكون نهاية هذا الوطن الجريح!
هبوا الى الشوارع واقتلعوا الفايروسات والمرض قبل أن يلتهمكم جميعا!
الا هل بلغت اللهم فأشهد!