سياسة

وحي الفكرة

نحن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير

محجوب الخليفة

▪️أولا يستبدل الشيء أي يستلمه بديلا لما بين يديه أي المستبدل مستلم مقابل نظير وليس ممنوح كما يظن كثيرون. أي ان المستبدل اقل قيمة من المستبدل به، مما يعني تفريط متعمد في مملوك عظيم القيمة طلبا لمقابل رديء.

وقد جاء في القرآن الكريم (قال أتستبدلون الذي هو ادني بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم) سورة البقرة

، ولكن ما الذي استبدلناه نحن السودانيين تفريطا، ربما دون وعي، او ربما بغفلة. ولعل استبدالنا للذي هو أدني بالذي هو خير يظهر بوضوح في خياراتنا.. الثقافية واﻹنتماء (الهوية) وفي خياراتنا اقتصادية (انتظار اﻵخرين وتصدير الخام، واهدار الموارد)

وفي خياراتنا الرياضية (التراجع واهمال التدريب بديلا للمحافظة علي التفوق والمهارة والتطوير) وفي خياراتنا السياسية (التشرزم وتعدد اﻷحزاب) ثم في خياراتنا النضالية (تعدد الحركات المسلحة)

▪️استبدلنا القبيلة والجهوية والصراع التنازع حول الهوية مقابل الهوية الواحدة والظاهرة والجامعة والمعروفة بالهوية السودانية وهي خلاصة الهجين لتمازج جينات شكلت ملامح المواطن والوطن، لنرتكب بوعي او دون وعي تجاوزا لجمال الناموس الكوني الذي جعل الهجين أساسا لتخليق العناصر اﻷفضل، فإذا كانت الماء اساس كل اﻷشياء (وجعلنا من الماء كل شيء حي) فهذا الماء المخلوق اﻷساسي العظيم اكتشف علماء الكيمياء والفيزياء انه مخلوق هجين ناتج من تزاوج اﻷوكسجين والهايدروجين، بل أن شفرة التكوين لكافة المخلوقات هي تزاوج بين الموجب والسالب ، ولكن اﻷهم هو ان نركز دائما علي نتيجة ذاك التزاوج ونتفق علي أن كائنا جديدا تخلق كنتيجة لذاك التصاهر او التزاوج، ولعل تلك هي سقطتنا المخجلة في فهمنا للهوية وتأسيسنا لثقافة مثقوبة وعاجزة عن الابتكار وتوظيف التنوع .

▪️ واستبدالنا الذي هو ادني بالذي هو خير يتجلى بوضوح في وضعنا اﻹقتصادي (اغني وطن وأفقر شعب) ، ويبدو بشعا في حالنا السياسي (احزاب مستوردة الفكرة والانتماء مهزوزة اﻹرادة) ويظهر غبيا في مواقفنا النضالية (الحركات المسلحة والتركيز علي النظرة العنصرية والتهميش).

▪️يمكننا تصحيح المسار إذا اكتشفت اﻷجيال الجديدة تلك اﻷخطاء المزمنة لتنشأة فكرة الهوية الواحدة (سوداني) وتنهض ثقافة جديدة تدعم الهوية وتكتشف مهارات التنوع وابتكاراته.وتترجل الأحزاب المحنطة وتختفي احزاب الفكرة والمسميات المستلفة من الخارج.

وتتاح الفرص للشباب لاستغلال الموارد الاقتصادية العظيمة حيث تنشأ الصناعات التحويلية ليكون الصادر متتجا سودانيا وليس صادرا من المواد الخام والتي تتحول في الخارج الي عشرات المنتجات الصناعية لندفع نحن ملايين الدولارات من أجل استيرادها.

▪️ نحن وللأسف الشديد مازلنا محبوسين داخل سجن اختياراتنا الخاطئة ، وثقافتنا المثقوبة واحزابنا المحنطة والمستوردة وحركاتنا المسلحة المأزومة نفسيا بالعنصرية واوهام الهوية الكذوب. ونحتاج لثورة تخلصنا من خطأ استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق