
ردًّا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان
ما هي تَبِعات توقف محادثات تغير المناخ بين الصين وأمريكا؟!
عبد العالي الطاهري
في مفاجأة كبيرة قلبت موازين ملف «التغيرات المناخية» عالميًا، ألقى قرار الصين تعليق محادثاتها الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن تغير المناخ بظلال قاتمة على إمكان حشد الجهود العالمية الطموحة لمواجهة الاحتباس الحراري وتفادي آثاره الضارة في الوقت المناسب.
ويأتي القرار الصيني -الذي جاء قبل أقل من 100 يوم من قمة المناخ كوب 27 التاريخية التي ستنعقد في مصر- ، حسب تقرير رسمي في الموضوع.
وكان التصدي لظاهرة تغير المناخ مجالًا رئيسًا للتعاون بين الدولتين العظميين، اللتين تُعدّان أكبر بلدين مصدريْن لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز (Reuters).
وقال وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، الذي يشغل حاليًا منصب المبعوث الرئاسي لشؤون المناخ في إدارة بايدن، جون كيري: «إنه لا ينبغي لأي دولة أن تعرقل التقدم في القضايا الوجودية العابرة للحدود الوطنية بسبب الخلافات الثنائية».
وأضاف أن «تعليق التعاون لا يعاقب الولايات المتحدة، وإنما يعاقب العالم، خصوصًا العالم النامي».
ظلَّ التعاون الصيني الأمريكي بشأن تغير المناخ
على مدى السنوات القليلة الماضية، وسيلة مفتوحة للتعاون بين البلدين حتى مع تصاعد التوترات بشأن قضايا أخرى، مثل سيادة هونغ كونغ وتايوان وحقوق الإنسان والعمل القسري، والتجارة، وفق ما اطلعت عليه «المدائن بوست «.
وبدأ المسؤولون الأمريكيون والصينيون في تكثيف مشاركتهم بشأن قضايا المناخ في المدة التي تسبق قمة المناخ للأمم المتحدة كوب 27، التي ستُعقد في نوفمبر/تشرين
الثاني، في مصر.
وأثارت زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي القصيرة، الأسبوع الأخير ، إلى تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي -التي تدعي الصين أنها تابعة لها- غضب بكين وأطلقت تدريبات عسكرية صينية على نطاق غير مسبوق بحرًا وجوًا حول الجزيرة.
وعلاوة على ذلك، ساعدت المشارَكة الثنائية السابقة بشأن تغير المناخ بين البلدين على تمهيد الطريق لاتفاقية باريس للمناخ في عام 2015، وأعادت إحياء مفاوضات المناخ الدولية المتعثرة في غلاسكو في عام 2021.
-أهمية مشاركة الدول العظمى.
وذكر محللون إنه مع اقتراب موعد انعقاد قمة المناخ المحورية كوب 27، وتراجع الدول عن تعهدات خفض الانبعاثات التي قطعتها في غلاسكو، فإن غياب مشاركة الدول العظمى يمكن أن يعرقل المفاوضات ويضعف الطموحات المناخية لدى الدول الأخرى.
إلى ذلك، قالت المديرة التنفيذية لمركز اقتصاد الموارد المستدامة في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، بيرنيس لي: إن هنالك خوفًا من أن يصبح التوتر بين الولايات المتحدة والصين ذريعة للدول التي لا ترغب في رفع مستوى أهدافها المناخية».
وأوضحت أن من المهم أن يواصل المجتمع الدولي -خصوصًا البلدان النامية الضعيفة- التأكد من أن الدول الكبرى الأعلى في مصادر الانبعاثات تواصل الوفاء بالتزاماتها المناخية، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
-الفصل بين تغير المناخ والخلافات الدبلوماسية.
كثيرًا ما كرر المبعوث الأمريكي لشؤون تغير المناخ، جون كيري، أن الولايات المتحدة والصين يمكنهما مواصلة المناقشات المشتركة بشأن أزمة التغيرات المناخية، نظرًا إلى أهميتها العالمية دون التوغل في الخلافات الدبلوماسية الأخرى.
وقال الخبير في معهد آسيا لسياسة المجتمع، ثوم وودروف، إنه يجب النظر إلى تغير المناخ بصفته مجالًا قائمًا بذاته وتحييده عن القضايا الجيوسياسية.
في المقابل، قد يُجبر الضغط المحلي الصين على الاستمرار في معالجة بعض انبعاثاتها على الرغم من الجمود الدبلوماسي.
وأشارت إلى أنه حتى إذا توقفت المشاركة الدولية بشأن هذا الموضوع، فإن هذه الحرب المحلية على الميثان لن تتوقف، لأنها جزء كبير من خطة الصين الإستراتيجية للسيطرة على الانبعاثات.
ويرى مراقبون آخرون أن توقف المفاوضات بشأن تغير المناخ بين الصين والولايات المتحدة قد يكون مؤقتًا، وأن البلدان لا يزالان يوحدان جهودهما حتى في السنوات التي شهدت توتر العلاقات.
وتساءل أحد كبار مساعدي شركة الاستشارات ( إي 3 جي)، ألدن ماير عمّا إذا كانت هذه الخطوة تكتيكية قصيرة المدى من جانب بكين لمحاولة جذب انتباه واشنطن، أم أنها جزء من تعديل إستراتيجي كبير وطويل الأجل من جانب الصين.