ثقافة وفن

الدولة الأموية هي الفيصل الحقيقي في التأريخ العربي

عبدالسلام القيسي

أتسعت وتوسعت لتشمل اسيا وبعضاً من اوروبا الى جانب الشمال الأفريقي ولم تصبح للاسلام أو للعرب دولة الا بالأمويين ، الذين قادوا الفتح خلف السند وخلف الأندلس وعلى أبواب القسطنطنية وخلف صقلية وكانوا الرسم الأول والجذر الأول والبيان الأول لإعلان الدولة وتثبيت أركانها على هذه الأرض ، وكل الدول عقبها حددتها سيوف الأموية ..

ولما سقطت الدولة الأموية تعرضت للكذب والتزييف في التأريخ العباسي ، لبدء التدوين الحقيقي أنذاك ولكون الفرس مادة العباسية وهم يحقدون على بني أمية خاصة وعلى العرب عامة وزيفوا ، بكل قبح ، تأريخ الأموية دولة الصميم العربي ، وكذلك لكون العباسية هاشمية الدعوة ولايمكن للهاشمي أن ينال حظاً من الحكم .. ، وأن يطمح اليه ، الا بهدم الرمزية الأموية وهذا الذي حدث ..

كل الدول الاسلامية ورثت عن الأموية وجودها المركزي ، حتى العثمانية التركية ، وجودها إستند على الأبهة الأموية منذ انطلاق الدعوة ، وطيرانها ، من دولة الخلافة الى دولة نصف الأرض .. ولولا الأموية لما كانت هذه الرقعة .. فالدعوة كانت صميم الجهاد الراشد للخلفاء بعد رسول الله وفتحهم العراق والشام ومصر إنما لازالة العائق .. عائق الفرس والروم ، الذي يمنع انتشار دعوة الاسلام وبعد ازالتهما ستحفظ الخلافة حدودها المرسومة في العهد الجديد وقد تلكأ عمر ابن الخطاب في السماح لابن العاص بفتح مصر ، بعيدة غريبة ..

للأموية صورتها المختلفة ، خلافة بقدر ما هي إمبراطورية توسعت بالدعوة بقدر ما توسعت بتثبيت أركان امبراطورية عربية حلت في القلب من العالم بديلاً للروم والفرس والقوط وللبربر وللحميريين ..

سقطت دولة بني أمية ، لم يكن التشيع لعلي الا بعد سقوط دولة الأموي ، كانت خلايا الدولة العباسية تدعو سراً للرضا من آل محمد ، فالعباسي هو بذرة التشيع ، ولما حازت دعوة الرضا من ال محمد الدولة ، كشف العباسي وجهه وأنكر حق ابن عمه ، وإنكار العباسي حق بني هاشم يعني إنكارها على نفسه وتأكيد العباسي حق بني هاشم يعني تأكيد حق الطالبيين الذين سلبوا حقهم من الدولة التي قامت على دعوتهم في خراسان وذهب الحكم لابناء عمومتهم آل العباس وبذلك وبقلم فارسي أكدوا الحق الهاشمي ، تأكيد المنتصر ، والهاشمي ، وعجز العباسي عن انكارها على الطالبين بثبيت أحقيته بالخلافة وأرسلهم الى البلدان الخلفية لاكتفاء شرورهم في قلب الخلافة ..

وهكذا تأسست بذرة التشيع وتأكدت النطفة المقدسة بسطوة الدولة وسلطة الايمان الغبي لدى عموم المسلمين .. وتستقيم دولة بني هاشم كل مرة بالكذب والتزييف على الأمويين وتسلطت سيوف الفرس على رقاب العرب ، وتحولت الخلافة الى فارسية الصميم ، ليتنبه المنصور أول مرة وقتله للفارسي أبو مسلم الخراساني وقد صاح قائلاً قبل ذلك : والله أن الأموي أهون بعداوته من هذا العلج الأعجمي الفارسي .. وقتله ..رغم ذلك .. بقيت للفرس سطوة ، أنهاها هارون الرشيد بتخلصه من البرامكة ، وهناك تحولت الذهنية الفارسية للتقليل من الحق العباسي وتأكيد حق الطالبي أو العلوي ، عندما شعروا أن حقهم بالسطوة تلاشى بسيوف المنصور والرشيد.، ويعود المأمون ابن جارية فارسية ليعيدهم ، ومع ذلك لولا الموت لتنازل المأمون بالخلافة لآل علي ، كان المأمون المحاط بجند خراسان يرى أن الحق لابناء عمه ، كما تربى لدى أخواله من الفرس ..

الأموي يحكم برجاحته ، وبأسه ، والهاشمي يحكم بجذر نسوي ، وبأفضلية مزيفة ، والعقل يغلب العاطفة ، عقل بني أمية مهد لهم دولة الشرق برجاحة معاوية ومهد لهم دولتهم في الغرب برجاحة عبدالرحمن الداخل ، وعاطفة الهاشمي لم تمهد لعلي العراق وقتلت الحسين في كربلاء وكان ابن الزبير هو الكفة الراجحة التي توازي الأمويين ، برجاحة عقله ، واستطاع ما قدر له أن يمهد الجزيرة والعراق وأن يحكم وبقيت للأموي دمشق فقط ومع ذلك تغلب عليه الأموي ، العقل ينازل العقل فقط ..

لكن في حالة الهاشمي الحرب بين التدبير والتزوير ، فالأموي يدبر والهاشمي يزور ، والا لما نجح عبدالله ابن الزبير في مواجهة بني أمية أكثر من علي ومن بنيه ..

كانت جيوش الدولة الأموية تواجه الحسين وبذات الوقت تتوغل في الشرق والغرب ، وتواجه عبدالله ابن الزبير ولم تتخل عن شهية الفتح ، جبهة الخارج والداخل ، فيما خصومهم يفكرون فقط في الانتصار وحيازة الحكم والمغانم ولا يأبهون لمغارم الحكم ، فهو على عاتق بني أمية ، فمالت الأمة للأموي ورجاحته..

لذا .. كل التدوينات وقفت تسفه بني أمية ، الهواشم والفرس ، وكل طامع عجز عن أخذ مغنم الحكم ذهب للتقليل من شأن الأموي ، والكذب عليه،وحملة العلم كما قال ابن خلدون في الاسلام أكثرهم من العجم، وهو يقصد الفرس ، فالى جانب العباسي كان الفارسي والى جانب السطوة كان القلم ، بيد الفرس ، فوجهوه ناحية الأموي قتلاً وتزييفاً وسنة وشيعة ، ضد الأموي الراجح وتناقلت المرويات تلكم الأكاذيب وكأنها آيات منزلات ..!!

أحسن الأموي في التدبير والهاشمي في التزوير ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق