
عاصم فقيري
إذا كانت عصبيتك لقبيلتك تعني اعتزازك بقبيلتك فهذا ليس بضار طالما انك لا تتعدى على الآخرين وتعتبرهم اقل منك او ادنى منك فقط في سياق اعتزازك بقبيلتك دون مهاجمة الآخرين!
قرأت مقالا قديما للمرحوم الاديب خالد الكد، يقول فيه (بتصرف): أنا أحب والدي و والدتي واخوتي ولذلك أحب بيتنا لأنه يجمعنا، وأنا أحب حينا في ام درمان لأن فيه بيتنا وجيراننا واصدقائنا، وأنا أحب أم درمان لأن فيها حينا الذي فيه بيتنا واسرتنا واصدقائنا وجيراننا، وأنا أحب السودان لأن فيه أم درمان التي فيها حينا، وهكذا، إذا حب السودان كوطن يأتي من حبنا للأسرة والاصدقاء والحي والمدينة؛ أي من الجزء أحببنا الكل وليس من الكل أحببنا الجزء!
وذلك يندرج على اعتزازك بقبيلتك، التي تجعلك حتما تعتز بسودانيتك أيضا، فالحب والانتماء يبدأ من الدائرة الصغيرة ثم يتوسع ليشمل الدائرة الكبيرة!
إذا، مشكلتنا ليست في مشكلة قبلية إطلاقاً، مشكلتنا في انه في ناس عندهم حساسية ضد القبائل السودانية العريقة، واستغلوا ذلك بتجيير كل مشاكل الحكم في السودان لاتهام قبائل سودانية وتركوا اسباب المشاكل الأساسية والتي تنحصر في فئة استغلالية بدأت بسيطرة الاحزاب الطائفية واستمرت بحكم الجماعات الاسلامية او الحركة الاسلامية والتي هي مجموعة من الانتهازيين عزفت على نفس وتر محاربة الطائفية ولكنها عندما اعتلت سدة الحكم اصبحت أسوأ من الاحزاب الطائفية بل حتى انها عندما تتحالف مع كيان كانت ولا زالت تختار نفس الاحزاب الطائفية كحليف، بل ذهبت إلى ابعد من ذلك بتكوين مليشيات لتخدم مصالحها وذات المليشيات ذات طابع ليس طائفي بل عرقي ولم تكن تحسب حسابا لأن هذه المليشيات عندما تقوى شوكتها ستكون هي نفسها طائفة عرقية وخنجرا في خاصرة الوطن، حيث ان هذه المليشيات تشكلت من جماعات مجلوبة من خارج الحدود فأصبحت بذلك خطرا على الامن القومي الاستراتيجي!
هذا ما لم تضع له الحركة الاسلامية حسابا واعتبارا حيث انها كانت غارقة في الفساد المالي وحماية المصالح على حساب الامن القومي الاستراتيجي، فتفاجأت هي نفسها بتشعب المليشيات وانتشارها بل باطماع المليشيات ليس فقط في ما كانت تعرفه الحركة الاسلامية في منحها جزءا من الثروات المنهوبة سواء الذهب والمعادن او غيرها من الموارد الاخرى، بل اصبحت المليشيات قوة موازية للقوات المسلحة وابعد من ذلك اصبحت تطمع في الحكم منفردة او متحالفة مع بعض الحركات المسلحة التي لها نفس الاطماع!
والآن بعد تكشف كل هذه الكوارث، لا زالت الحركة الاسلامية بكل مسمياتها التنظيمية متعصبة لمواقفها ورايها الذي اورد بالبلاد والعباد موارد التهلكة وجعل مصير الوطن تتلاعب به مثل هذه المليشيات والقوات المسلحة تغض الطرف عن دروها التاريخي لانها هي ايضا جزء من الحركة الاسلامية، والتي كانت قد ادلجت هذه القوات وجعلتها تحت قبضتها لا موقف وطني ولا قومي لها وليست من اولوياتها حماية حدود الوطن ولا حماية الامن القومي الاستراتيجي للسودان فما بالك إذا طلب منها حماية انتقال مدني ديمقراطي، هي بعيدة تماما منه لأنه يتعارض مع ايدولوجية الحركة الاسلامية وما القوات المسلحة الا ربيب الحركة الاسلامية بعد أن قامت الأخيرة بتشويهها واغلت يديها!
السودان الآن في غيابت الجب، ولا سيارة تستطيع انتشاله، فوهة الجب تحرسها كلاب وجنود، لا تريد لهذا الوطن ان ينهض، فنهوض الوطن يعني نهايتهم، الأمر اكثر من مفضوح، وبالرغم من ذلك، فهم يغالطون الحقيقة، لذلك تجدهم يلجأون للخداع تارة باسم الدين واخرى باسم رجال الدين، والذين هم ليسوا سوى ايادي لذات الاخطبوط المدعو بالحركة الاسلامية، فقط الشعب السوداني وتحديدا شرفائه يعرفون ما لا تعرفه الدول العظمى والمحاور في الاقليم، والاخيرة التي يفرحها الراهن هذا، حيث يسهل عليها تمرير اجندتها وشراء هذه الايادي الملطخة بالدماء والفساد فهي التي يسهل شراؤها، لذلك تأبى المحاور أن يجد الشرفاء طريقا لانتشال الوطن السودان من الجب، فهكذا هي تستفيد وتكسب وليذهب شرفاء الشعب السوداني الى الجحيم، طالما ان اللصوص يطيعون الغازي سواء كان من مليشيات الجنجويد او من دول المحاور او من اقاصي الشرق الاوربي!
تبا للخونة وتبا لمجلوبي غرب افريقيا، وحتما سيهب الشعب هبات متتالية لاقتلاع الطواغيت!
ونغنى .. شعبك اقوى وأكبر مما كان العقل يتصور!
فهل نحن جاهزون لمقاومة كل تلك الشرور، يبدو ان الشرور اجتمعت في سلة واحدة، لم يتبقى لنا سوى التخلص منها دفعة واحدة!
فهل سيفعلها شرفاء الشعب؟!