ثقافة وفن

قصة من الواقع

«الـدودحـيـة»

د. إسماعيل محمد النجار

(الحلقة الأولى)

في المنطقة الوسطى من اليمن وبالتحديد محافظة إب، تعتبر أسرة بيت الدودحي من الأسر الكبيرة في وادي العطور، وهو من الأودية المشهورة في اليمن، ويتخلل الوادي سلسلة من الجبال والهضاب والتباب المرتفعة وتجري على منخفضات الوادي وتتدفق سيول وادي العطور من منحدرات الهضاب والجبال على شكل شلالات يفصل بين شلال وآخر حفر يتراوح قطرها بين مترين إلى ثلاثة أمتار وعمقها يتفاوت بين أربعة متر إلى مترين وتسمى الحوائر (برك)، وتصب المياه في منخفضات وادي العطور، وعلى ضفاف مجرى السيول والبرك يزرع الموز والبن وحولها تكثر الأشجار الحرشفية الكثيفة،  وعلى الجبال والهضاب والتباب مدرجات تزرع الحبوب والفواكه والخضر بأنواعها، واشتهرت أراضي الوادي  بزراعة الموز والبطاط والذرة وأنواع عديدة من الخضر والفواكه، وتنتشر في الوادي الزهور والورود الطبيعية وتبعث بروائح عطرية تشتم رائحتها على بعد مئات الأمتار من الوادي ولذلك سمي بـ (وادي العطور)، تجري المياه في الوادي طيلة فترة السنة وتقل خلال فترة الشتاء ليبقى السيل المتدفق من منابع الجبال والهضاب وينابيع العيون في الوادي، وتعتبر الحوائر والأحراش والأراضي المزروعة مصدراً للتنزه والسياحة لأصحاب المنطقة وما جاورها لتتجمع الأسر حول البرك والشلالات على شكل مخيمات للتنزه والترويح، ويسبح الرجال والنساء والأطفال في الحوائر ويشوون اللحم ويطبخون الطعام ويتناولون الفواكه والخضار التي تباع في مزارع الوادي، وتشكل الشلالات المتدفقة مصدراً للسياحة العلاجية الطبيعية وتسمى (المهدور)، وتحضر اليها النساء التي لا تنجب أو تنجب إناث للتعرض لضربات المياه المتدفقة من الشلالات لتصرخ النساء وتقول: يا مهدور يا مهدور، ولد ولد أما بنت أنت محجور ( ممنوع ) اعتقادا انه وسيط عند الله يجعلها تحمل ذكرا.

و في وادي العطور تقع هضبة الدودحي ويبلغ ارتفاعها ثلاثمائة متر تقريبا يحيط بها السيل الجاري لوادي العطور من ثلاث جهات، اما الجهة الرابعة الشمالية يتصل جزء منها مع منحدر جبلي يسمى (البرزخ) ويبلغ ارتفاعه مائة متر عن سطح الهضبة، اما مساحة الهضبة تقارب اثنين إلى ثلاثة كيلو متر مربع، وتوجد على حافتها الجنوبية مجموعة من الديار أكبرها (الدار الكبير) ويتكون من ثلاثة أدوار: الدور السفلي للمواشي ومخازن للعلف والحبوب، والدور الثاني تسكنه عائلة (جابر سعد الدودحي) ويتكون من ثلاث غرف وحمام ومطبخ وصالة في زاويتها  مطحن حجرية لطحن الطعام، اما الدور الثالث فتسكنه عائلة (ناصر سعد الدودحي) ويماثل الدور الثاني ويضاف اليه غرفة على الدرج تسمى (المقصورة) وغرفة على السطح تسمى (المخلفة)، وتتكون عائلة جابر سعد الدودحي من خمسة أولاد وثلاثة بنات الابن الثاني (سلامة) وعمره سبع سنوات، هادئ الطباع يشع ذكاءً، كثير التركيز والاستيعاب، أما ناصر سعد الدودحي تتكون عائلته من ست بنات وثلاثة أولاد، الولد الأول اسمه (قاسم) والبنت السابعة في الترتيب اسمها (زهرة) وعمرها خمس سنوات، حركية سريعة الفهم والبديهة، أما البنت الثامنة اسمها (فاطمة) وتتميز بذكائها وانزوائها، واسرة بيت الدودحي (ناصر وجابر) من اغنى و اكبر أسر الوادي ومرجعية بيت الدودحي، ولهما ثلاثة إخوة يسكنون خارج الدار وقريبا منه.

يوجد حول الدار الكبير مجموعة مساكن مكونة من دور وتقسم لجزئين: الاول منخفض للمواشي والاخر مرتفع ويسمى (الدكة) للسكن، وهناك منازل مستقلة للسكن وبجوارها ملحق للمواشي ومخازن للحبوب، يبلغ مجموع مساكن الهضبة ما يقارب خمسون منزلاً خلف الدار الكبير لأسرة بيت الدودحي، وخلفها مجموعة مساكن بدائية وصغيرة الحجم يقطنها خدم بيت الدودحي ورعيتهم، وتشغل المساحة المتبقية من الهضبة البساتين والمزارع ومناحل العسل، وتتبع لبيت الدودحي وتزرع الخضر والفواكه  ويعمل فيها رعية وخدم بيت الدودحي، وأسفل الهضبة من الجهة الجنوبية وعلى ضفاف سيل الوادي توجد قرية كبيرة تسمى (سابحة) وسميت بذلك لشكلها المشابه للسفينة وكأنها تبحر في سيل الوادي، يسكنها ما يقارب الثلاثة آلاف نسمة ويعملون في حقول الوادي، وتعتبر أسرة بيت الطمبشي من كبار الأسر في القرية، ويتقاسم ملكية القرية والوادي والمدرجات أسرتي بيت الدودحي والطمبشي، وكبير أسرة بيت الطمبشي (دحان صالح الطمبشي) وله إخوة وأولاد عموم يبلغ عددهم ما يقارب المائة والثلاثون، أما أسرة دحان فتتكون من عشرة أولاد وثلاث بنات، سادس اولاده من حيث الترتيب (حسن دحان الطمبشي) وعمره ثمان سنوات، هادئ الطباع قليل الحركة والاستيعاب ، ولأسرة الطمبشي ثلاثة أدوار كبيرة محاطة بإثني عشر بيت، أقل ارتفاعاً يسكنها بقية اسرة الطمبشي اما المساكن الاخرى يبلغ مجموعها اكثر من الف مسكن ويسكنها رعية وخدم أسرتي الطمبشي والدودحي ويوجد في مركز القرية ثلاثة دكاكين وجامعان ومدرسة لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم والفقه ويديرها (نور الدين الفقيه) ، ويوجد في القرية ملحقات للمواشي ومخازن للحبوب وعلف الحيوانات، وخارج القرية وعلى ضواحيها يوجد سوق اسبوعي يسمى (سوق الأحد) يجتمع سكان الهضبة وسابحة والوادي والقرى المجاورة، ويتم تبادل وشراء المواشي والحبوب واللحوم والفواكه وغيرها من منتجات المنطقة والمناطق المجاورة.

عاشت زهرة وسلامة في الدار الكبير مع أسرتيهما يلعبان فيها والبساتين المجاورة منفردان أو مع إخوانهما وكانا أكثر قرباً لبعضهما، وفي كثير من الأحيان ينام سلامة جابر  في سكن عمه ناصر مع أولاد عمه وبجانب زهرة ويذهبان للفقيه في قرية سابحة لدراسة القرآن وتفسيره وحفظه، وارتبط الاثنان بعلاقة اسرية وزمالة حميمة وكونا مع حسن دحان الطمبشي مجموعة دراسة ولعب وتعاون، عرف سلامة منذ صغره بشكله الجميل ولون بشرته  الحنطية وشعره الذهبي وعيونه العسلية الفاتحة والمبهرة وصوته الجميل وذاكرته القوية وسرعة فهمه واستيعابه، غيور على زهرة ويشاغب او يشاكل عند تعرضها للأذى ولا يرتاح إلا بعد أن يشفي غليله، ويلفت النظر لكل من يقابله ليتوقف عمداً لاستلطافه والتحدث معه، وكان والده ووالدته يخافان عليه أثناء ذهابه مع زهرة للمعلامة ( مدرسة الفقهاء ) وغالباً ما يحرصا والده وعمه ناصر على مرافقة حسن الطمبشي لهما اثناء ذهابهما لقرية سابحة لحفظ القرآن وتفسيره لما يتمتع به حسن من قوة ويستفيد  من مرافقة سلامة وزهرة بتعليمه دروس القرآن وتفسيره والفقه  لبطىء استيعابه،  ويتفاخر بمرافقتهما واللعب معهما أمام زملائه في المدرسة وأصدقائه في قرية سابحة، واستمروا على هذا الحال حتى حفظوا القرآن وختموه واستوعبوا دروس الفقه، ونشأت بين الثلاثة ألفة من خلال المدرسة وتقضية الكثير من الاوقات في اللعب بين الأشجار والسباحة في الحوائر (البرك) وقطف الأزهار والورد وتناول العسل من المناحل البرية المنتشرة في وادي العطور، وغالباً ما يلعب سلامة و زهرة  مع بعض ويظل حسن يراقبهما ويستمتع بلعبهما، يجمع سلامة بعض الفواكه والعسل ويشتري الحلويات لابنة عمه، وعند حدوث أي مكروه كسقوطها أو مرضها يحزن ويحن عليها ويلازمها طيلة الفترة حتى تشفى، والملفت للأنظار أنهما يغنيان اثناء لعبهما، وتميز سلامة بصوته الشجي والجميل بمرافقة العزف على أوتار مربوطة على طرفي قوس من الخشب لتعطي لحنا جميلاً، أما زهرة فتدق على الصحن أو علبة وتردد معه الغناء، و في الهضبة  يقضيان وقتهما في الدار الكبير يأكلان ويشربان وينامان بجوار بعض، وفي بعض الاوقات يخرجان للبساتين المنتشرة في هضبة الدودحي ويتناولا الفواكه وعسل النحل، نال سلامة إعجاب أولاد عمه وبيت الدودحي ويشيدون بذكائه وقدرته على إنجاز ما يطلب منه وأطلقوا عليه (الذئب)، ومرت الأيام ليصبح عمر سلامة أربعة عشر سنة، حفظ المزيد من علوم الفقه بمساعدة نور الدين الفقيه ليقوم سلامة بمساعدته في المدرسة وينوب عنه أثناء غيابه لتمكنه من القاء دروس الفقه والقران، وكلما كبر في العمر يزيد جمالا فجسمه متناسق وعيناه عسليتين فاتحتين أكثر وصوته شجي وخاصة عند ترتيل القرآن أو الإنشاد، يمشي رأسه مرفوعا وخطواته سريعة شديد الملاحظة والتركيز يجيب الآخرين عند إيقافه للاستفسار بكلام مقتضب ومستحب و فيه نوع من الدعابة، أما وقت فراغه يقضيه في السباحة في البرك أو الحوائر العميقة او السيل الجاري والجارف ويسبح باتجاه معاكس لإثبات مهارته ويجتمع بعض سكان هضبة الدودحي وقرية سابحة والوادي يتفرجون على مهارته في السباحة مستمتعون بحركاته البهلوانية وخاصة الفتيات ليتسابقن في تقديم ودهن بالهدايا ليخجل سلامة ويحمر وجهه مضطراً لإرجاعها مع الاعتذار والشكر ما عدا هدايا زهرة فيقبلها بترحاب وسرور ليأخذها دون تردد وأمام الجميع، وكلما كبر سلامة اصبح جماله ملفت للأنظار ويستوقفه كل من يصادفه أو يقابله قائلا: سبحان الله العظيم  أو ما شاء الله، ليرد عليهم بإيماءاته أو بالشكر والثناء خاصة في سوق الوادي، وعند سفره لمدينة إب لأخذ بعض الحاجيات لأسرته أو للفقيه نور الدين أو شراء الهدايا لزهرة يتوقف الكثير لرؤية جماله لدرجة أن جماله أصبح مصدراً لإيذائه والتحرش به من الذكور والإناث مضطراً في كثير من الأوقات للدخول في عراك مع المتحرشين الذكور، وساعده جسمه القوي والشديد على المقاومة وضرب أكثر من شخص في وقت واحد محدثاً إصابات بالغة في اليد أو الرأس أو الأرجل ويلوذ بالفرار، وسمي في مدينة إب بـ (النمر) ، اضطر سلامة نتيجة مضايقات الناس لأخذ شال أو قماش أصفر منقوش بالبني و يلفه على وجهه لتبقى عيونه وجبهته ظاهرتان للتخلص من ملاحقة وتعليق الناس، لكن جمال عيونه اثار انتباه الآخرين ليسأله البعض: هل أنت ولد أم بنت متنكرة بشخصية ولد؟ ونتيجة لهذه المعاناة أضطر للشكوى واستشارة الفقيه نور الدين فنصحه بتربية لحيته لتصبح طويلة وكثيفة ولونها ذهبي مغطيةً كامل الوجه وتظهر عيونه وأنفه وجبهته وفمه ويتغير شكله ليناديه سكان هضبة الدودحي وسابحة بـ (الأسد) بينما في المدينة  ينادونه بـ (النمر) لشكله المخيف والملفت للأنظار، ونتيجة حنقه واستعداده للاعتداء على من يعترضه يضطر الكثير للهروب ومشاهدته عن بعد، وهكذا تخلص من التحرش ، وفي احدى زياراته لمدينة إب اشترى سلامة ربابة وأضاف عليها بعض التحسينات ليعزف الأناشيد الدينية و الأغاني التراثية ويقضي معظم اوقات فراغه بين شلالات الوادي وبساتين الهضبة والأشجار الكثيفة التي تحيط بحوائر الماء ليسبح ويتناول الفواكه ويعزف بالربابة ألحاناً جميلة يرافقها صوته الملفت بعذوبته، ليثير انتباه سكان سابحة والوادي والهضبة ويتوقفوا في كثير من الأحيان للإنصات لصوته مع لحن الربابة، أما ليلاً فيعزف ويغني في البساتين المحيطة بالدار الكبير ويرافق صوته هدوء الليل وخرير المياه ، ويكون صوته قريبا من مسامع زهرة وسكان هضبة الدودحي و قرية سابحة ويردد البعض الأغاني أو الأناشيد معه، وعندما يتوقف سلامة عن الغناء ينزعج البعض ويصرخوا بصوت مرتفع طالبين مواصلته العزف ليلبي رغبتهم ويعتذر احيانا ، كانت زهرة تعرف الأوقات التي يغني ويعزف  سلامة على الربابة لتنتظر حتى تستمتع بغنائه وعزفه، و تعرف مواعيد سباحته لتشاهد حركاته البهلوانية، و بعض الأوقات تلتقي معه في أحد بساتين هضبة الدودحي أو على منحدرات الشلالات المغطاة بالأشجار أو على حوائر السباحة تحت الأشجار المتشابكة لترافقه بالغناء بصوت خافت ليشكلا ثنائي أوبرا مع لحن الربابة ويؤلفا قصائد توشيحية دينية وغنائية يلحنها سلامة ويعزف على الربابة لتغني زهرة ويردد  سلامة معها، وفي الفترة الأخيرة سادت الأغاني الرومانسية والتي تنطق بحبهما لبعض وتعبر عن مشاعرهما الغزلية بجمال الطبيعة الخلاب المحيط بهما، وانتشرت و تناقلت أغانيهما بين سكان هضبة الدودحي وقرية سابحة والوادي ، لتنتقل لمعظم مديريات إب والمحافظات المجاورة، وتابع الناس باهتمام كل جديد ينشر خاصةً أغانيهما الغزلية ليضيف لها الناس او يحرفوها او يؤلفوا قصائد غنائية خرجت عن الآداب ومست حبهما العفيف واساءت لسمعة بيت الدودحي و نسبت اليهما لتصبح مصدر عيب ومساس بأخلاق ناصر الدودحي، ويضيف ذلك خلافا جديداً وحادا للخلافات العائلية بخصوص تركة الأراضي ومردوداتها بين الاخوين جابر وناصر، وعندما تقدم سلامة ووالده يرافقهما كبار بيت الدودحي لخطبة زهرة رفض ناصر نتيجة هذه الخلافات وسوء السمعة التي سببها سلامة لعمه ناصر على إثر ذلك اضطر جابر وعائلته ترك الدار الكبير والسكن في دارهم الجديد بالقرب من الدار الكبير ، منع  ناصر زهرة الخروج من الدار الكبير ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تعرضت  للضرب اليومي لدفاعها عن عفة حبها لابن عمها سلامة واصرارها على الزواج منه، لتؤلف المزيد من القصائد الغنائية لحبها لسلامة وترسلها ليعزفها ويغنيها بصوته الجميل وتصبح في متناول الناس، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أكثر المهتمين بقصة حبهما يؤلفون القصائد الغنائية الشعرية باسم الدودحي أو الدودحية .

 علم حسن دحان الطمبشي برفض ناصر لخطبة سلامة وأظهر حبه لزهرة وجاهر برغبته الزواج منها ، و تقدم حسن دحان الطمبشي لخطبتها و وافق والدها فورا على الخطبة والزواج لترفض زهرة وتعرضت للضرب من والدها، حاول جابر ثني اخاه  عن زواج زهرة بالطمبشي واقناعه ان الوضع السليم لتجاوز السمعة زواج سلامة بزهرة  بغض النظر عن الخلافات حول التركة ليرفض ناصر و يوافق ويصر على زواجها بالطمبشي سريعا لقطع الطريق على اخيه ، وضغط بيت الدودحي لإقامة  العرس سريعا واجبرت زهرة على الزواج ليتم في جو من الاكراه والحزن ليوصفه كل من عرف قصة الدودحي والدودحية بالعرس اليتيم ،  في اول ليلة قابلت زهرة حسن دحان الطمبشي  وحاولت اقناعه أنها وسلامة يحبان بعضهما وأن قصة حبهما قد انتشرت بين القاصي والداني ولا يليق به ان يتزوجها وانها تعتبره بمثابة أخ عزيز، لكنه رفض مصراً على الاستمرارية وان كلامها غير لائق، ونصحها ان تنسى الماضي وان تحمد الله لزواجه منها لتخلص من ماضي معيب ، وراهن على مرور الزمن لتنسجم معه وتنسى موضوع سلامة وأجبرها على طاعته والسير ضمن ثوابته الزوجية الشخصية، وارغمت زهرة على ملازمة المنزل وما جاوره على مدار الساعة وتعامل معها بقسوة تصل لحد التعنيف، واصيبت بحالة من التشنج، وبعد سنة سمح لها بالخروج أملا في تحسن حالتها النفسية وعلاقتهما الزوجية واستغلتها زهرة لمقابلة سلامة خفيةً في بساتين الهضبة وفي الوادي،  لتعود القصائد الغنائية الاباحية من قبل المتربصين والناقمين على بيت الدودحي والطمبشي وخاصة الذين تعرضوا للظلم وأعمال السخرة والعبودية، لينتقموا من الأسرتين في خدش عفة حب سلامة وزهرة وأدبهما المحتشم، وما أن علمت أسرة الطمبشي بموضوع اللقاءات المتكررة لزهرة وسلامة وتداولها بين الناس حتى ذهبوا لمقابلة ناصر الدودحي وتم الطلاق والانفصال بهدوء، وقام ناصر الدودحي بأخذ زهرة وحبسها في غرفة السطح الصغيرة (المخلفة) مساحتها ثلاثة × ثلاثة متر داخلها حمام مساحته 50 × 50 سنتيمتر وللغرفة ثلاث نوافذ مساحة الأولى 20× 20 سم بجوار باب الغرفة وتفتح وتغلق بالخشب المحكم وفي الأعلى وقريب من سطح الغرفة النافذة الثانية وتحتها مباشرة النافذة الثالثة، ويغطي النافذتين شبك للتهوية ومن الداخل غطيت النوافذ بستائر سميكة ، و يقع باب الغرفة على يسار فتحة باب السطح ومقاس الباب متر طول × خمسين سم عرض ، وعند اقتياد زهرة للغرفة بقوة حاولت الاستفسار عن المكان الذي تقاد اليه من والدها وأخوها قاسم،  ليتعاملا بعنف و بدون ردود، وعند فتح باب الغرفة لإدخالها وجدت زهرة أن الغرفة قد جهزت في وقت سابق لسجنها، فحاولت المقاومة والصراخ للخروج من الغرفة  لكنهما دفعوها ورموها في قاع الغرفة و أغلقوا بابها المصنوع من الخشب المقوى وأقفلوا الباب بالربعة ( القفل ) وظلت زهرة تدق بقوة باب الغرفة والنافذة  المجاورة لها وتصرخ وتستنجد  دون مجيب، ورافق ذلك قيام ناصر وأسرته بعمل جنازة صورية، بلف مجموعة من الأخشاب بالكفن الأبيض ووضعت داخل نعش ( الصندوق ) ليسيروا جنازة رمزية لزهرة أمام الناس قائلين أن زهرة سقطت من سطح الدار الكبير على الأرض وتوفيت طالبين من الناس ان يترحموا عليها و دفنت في البستان المجاور للدار الكبير ولم يسمح لأحد حضور مراسيم الدفن باستثناء أسرة ناصر الدودحي ليثار الهرج والمرج بين سكان الهضبة وقرية سابحة والوادي حول موضوع وفاتها، ليتهم الكثير أسرتها بالقتل ودفنها غسلا للعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق