آراء

بداية ونهاية

نحو مهارات الكتابة (14)

عبد الله مرير

اختيار صيغة الزمن في كتابة القصة (فعل ماض، حاضر، مستقبل)

سوف تختار صيغة الفعل المناسب للقصة بشكلٍ مبكر عندما تتهيأ للكتابة، وربما تختار زمناً مختلفاً في مرحلة التنقيح. لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة حول ماهية صيغة الفعل الواجب اعتماده. ما يناسب كاتبًا قد لا يناسب كاتبًا آخر، وما يصلح لمقطعٍ واحد من الكتابة، قد لا يصلح لآخر وفقاً لاعتبارات مختلفة من حيث زمن حصول الاحداث في القصة وشكل السرد من حيث ضمير الراوي الذي ربما يتحدث بصيغة الحاضر عن فعلٍ ماضٍ في القصة. مثال:

النص: استقل معلم المدرسة الجديد قطار منتصف الليل حتى وصل صباحاً القرية النائية. وقف في المحطة وأطال النظر من حوله، مر به صبية يجرون بصخبٍ وارتطم به أحدهم وسقطت حقيبته. التقطها من الأرض ونفض عن قميصه ما علق من تراب، ثم مضى نحو مركز المحطة وتحدث إلى الموظف.

الراوي: في اليوم التالي سوف يلتحق المعلم في مدرسته الجديدة، عليه أن يستقل الآن العربة نحو البيت الريفي حيث سيقيم به. السماء تنذر بعاصفة قادمة، بينما هو يبدو مضطرباً بعض الشيء حيث سمع الكثير عن الغموض الذي يلف القرية والمدرسة. لقد بحث كثيراً عن العمل في مدينته التي نشأ فيها حتى نال منه اليأس. نصحه زملائه بالتريث قبل أن يلتزم القبول في مدرسة هذه القرية؛ ولكنه لم ينصاع لهم فهو اعتاد الخوض في التجربة والمغامرة.

نلاحظ تنوع الأزمنة ما بين سرد الاحداث في النص وعلى لسان الراوي.

ضع في اعتبارك نوع السرد الذي تستخدمه وكيف تريد أن تتكشف الحلول في الحبكة. ربما يمكنك استخدام مزيج من أزمنة الماضي والحاضر لتقديم القصة وعرض شخصياتك بشكل أفضل. سيؤدي استخدام الأزمنة بشكل جيد إلى تطوير كتابتك الخاصة وإحياء عملك، ولكن الكثير منها يأتي من الممارسة والتجربة والخطأ. يجد بعض الكتاب أنهم يميلون إلى الجمع بين الأزمنة في عملهم للحصول على أفضل تأثير بما (يتطلبه النص،) بينما يلتزم آخرون بصيغة واحدة طوال الوقت ويقومون في (تطويع النص) والاحداث وفقاً لأسلوبهم وسيجدون ذلك أقل تشويشًا وأسهل في التحرير والتنقيح. بالنسبة إليهم الكتابة بصيغة المضارع يكون أفضل في اللحظة المباشرة مع وقوع الفعل؛ إذ يشعرون أيضًا أنه من خلال الكتابة في المضارع، لديهم المزيد من البصيرة، ويمكنهم الوصول إلى الأفكار الحالية في شخصيات القصة.

المفتاح هو العثور على أفضل ما يناسبك من حيث يعود إلى القارئ بالفائدة والرضا. أهم شيء يجب تذكره هو أن كل من الأزمنة تجلب شيئًا ما يدعم سير الاحداث في القصة.

بإيجاز، إذا كنت تكتب قصة تدور أحداثها في غضون أيام قليلة، فقد يكون الزمن المضارع خيارًا مثاليًا. من ناحية أخرى، إذا كانت قصتك تدور على مدى عدة سنوات، وتتبع العديد من شخصيات وجهات النظر، وتركز بشكل أكبر على السرد، فمن المؤكد أن الزمن الماضي هو أفضل رهان لك.

يتبع: سوف نتناول إيجابيات وسلبيات استخدام الأزمنة المختلفة وأحوالها مع أمثلة من القصص العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق