سياسة

كابوس اليمين يطل برأسه

عبد اللطيف المناوي

كثير من المتابعين والمشتغلين بالشأن السياسي يتساءلون عما سيُحدثه فوز جورجينا ميلوني برئاسة الحكومة الإيطالية في الانتخابات الأخيرة، خصوصا أنها أول رئيس حكومة يميني يتولى المنصب منذ الحرب العالمية الثانية.

هل العالم فعلا ينقصه زعماء متطرفون؟، هل العالم تنقصه حكومات متشددة في بعض القضايا؟، هل العالم ينقصه يمين ذو آراء تهدد السلم في البر والبحر كما يحدث مؤخرا؟

ويرى البعض الآخر أنه بمجرد الوصول إلى مثل هذه المناصب، فإن الوضع يختلف، فيتخلى المرشح الفائز عن عباءة اليمين، وعن عباءة التطرف في الآراء، حتى يستطيع أن يتحدث إلى العالم، وأن يتحدث العالم إليه.

باستثناء بعض الشطحات لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق دونالد ترامب، وبعض الآراء المدهشة لرئيس حكومة بريطانيا السابق جونسون، فإن من قدموا وعودًا متطرفة في مرحلة الدعاية الانتخابية تخلوا عن نبرتهم المتشددة، وتعاملوا بهدوء مع معظم القضايا. وأعتقد أن هذا الأمر غير نابع مما يعتقده البعض من تحولات عبثية تصيب الزعيم الفائز أو المرشح الفائز بالمنصب، ولكن يأتي التحول من إدراك أهمية المنصب وأهمية المكانة التي صار عليها المرشح، وانتقاله من دائرة مجرد مرشح حزبي إلى دائرة صانع قرار بامتياز، لا سيما أن تكون القرارات التي يتخذها متعلقة بقضايا عالمية كبرى. أميل فعلًا إلى أن العالم «مش ناقص» يمين!، أقول هذا بعد أن أرهقتنا وأرهقت اقتصاداتنا جائحة كوفيد 19 لأكثر من عامين، وبعد أن أرهقتنا حرب غير واضحة المعالم حتى الآن، حرب شحيحة المعلومات، ومشوشة الأهداف، وهي الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير الماضي، ولا يعلم أحد إلا الله متى ستنتهي.

رئيسة الحكومة الإيطالية، التي من المتوقع أن يحصد ائتلافها الأغلبية في البرلمان الإيطالي، وسيكون لكلماتها الأثر الأكبر في تنفيذ سياسات واحدة من أهم دول الاتحاد الأوروبي والعالم، ومنها الموقف من الحرب الروسية الأوكرانية، وقضية اللاجئين والمهاجرين- في كل هذا سيكون هناك عقل وإدراك بأهمية اللحظة وأهمية الموقف.

صعود اليمين المتطرف مقلق بالفعل، لكن ثمة حربا عالمية كبرى غير وارد حدوثها، ومن غير المنطقي أيضا ومن غير المعقول أن نشبه رئيسة الحكومة الإيطالية الجديدة بموسوليني الزعيم الفاشستي الإيطالي الشهير، مثلما قرأت في بعض وسائل الإعلام العربية.

العالم يتغير واليمين أيضا يتغير والأفكار والتحالفات تتغير، صار من الطبيعي أن تعقد تحالفات يمينية مع دول ذات خلفية وتاريخ يساري، أن نجد مواقف متداخلة، وأن نجد عمليات تخريب تستهدف خط الغاز الروسي من دون أن نعرف من الذي ارتكب هذه الحماقة.

من الوارد أن تستمر رئيسة الحكومة الإيطالية الجديدة في دعم أوكرانيا بالحرب، كما كانت تقول في مرحلة ما قبل الانتخابات، من الوارد أن تستمر في الدعم المالي لها، ولكن من الوارد أن يحدث العكس.

الوقت ما زال طويلا للحكم على رئيسة الحكومة الإيطالية ومواقفها، خصوصا أن العالم يمر بفترة من التغير قد أصاب الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق