
فرصة تاريخية لتحول دول الشرق الأوسط إلى الطاقات النظيفة
مدير وكالة الطاقة الدولية... قمة المناخ كوب 28
عبد العالي الطاهري
على هامش المؤتمر المنعقد بأوسلو عاصمة النرويج، أكد مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، أن قمة المناخ كوب 28 -المقرر عقدها هذا العام في الإمارات العربية المتحدة- تحمل فرصًا واعدة لمنطقة الشرق الأوسط.
وقال بيرول في ذات المؤتمر، الذي انعقد الثلاثاء 14 فبراير/شباط (2023)، إن أرباح صناعة النفط والغاز العالمية قفزت إلى 4 تريليونات دولار خلال عام 2022، لكن يتعين على الدول المعتمدة على عائدات الوقود الأحفوري الاستعداد لانخفاض الطلب، وِفق تقارير رسمية عالمية، نقلًا عن وكالة رويترز.
ويعتقد بيرول أن دول الشرق الأوسط يتعين عليها تنويع اقتصاداتها، مشيرًا إلى أن استضافة الإمارات لقمة المناخ كوب 28 توفر فرصًا تاريخية للمنطقة، وتمثّل علامة فارقة لتغيير مصير دول الشرق الأوسط.
وأضاف: «لا يمكن بعد الآن إدارة دولة يعتمد اقتصادها بنسبة 90% على عائدات النفط والغاز، لأن الطلب على النفط سينخفض».
أرباح صناعة النفط والغاز
قال مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، إن قطاع النفط والغاز حقّق قرابة 4 تريليونات دولار خلال عام 2022، وهو ما يمثل ارتفاعًا من متوسط 1.5 تريليون دولار في السنوات الأخيرة.
ووفقًا للبيانات التي قدّمها بيرول، تراوح متوسط عائدات النفط والغاز السنوية بين تريليون وتريليوني دولار في جميع أنحاء العالم خلال السنوات الأخيرة.
ومن وجهة نظر مدير وكالة الطاقة الدولية، فإن صناعة النفط والغاز لديها فرصة فريدة لتوجيه حصة ضخمة من هذه الأموال للاستثمار في التحول إلى الطاقات النظيفة، لا سيما في الاقتصادات الناشئة.
فقد سبق أن أعلنت عملاقة النفط والغاز شل أرباحًا سنوية بلغت 39.9 مليار دولار في عام 2022.وقفزت أرباح شركة النفط البريطانية بي بي خلال عام 2022 إلى أكثر من 27 مليار دولار، وارتفعت أرباح شركة توتال إنرجي الفرنسية إلى 20.5 مليار دولار.
بينما سجلت شركة النفط الأمريكية إكسون موبيل أرباحًا قياسية قدرها 56 مليار دولار، وبلغت أرباح شركة شيفرون 36.5 مليار دولار.
قمة المناخ كوب 28..فرصة تاريخية
نحو اقتصادات نظيفة
إلى ذلك، دعا مدير وكالة الطاقة الدولية دول الشرق الأوسط إلى تسريع انتقالها نحو الطاقة النظيفة.
وسبق أن أشار بيرول إلى الأسباب التي تثبت أن الظروف الحالية هي الأنسب لتسريع الانتقال.
وأوضح أن المنطقة تتمتع بإمكانات مالية هامة لتنويع برامجها الاقتصادية نتيجة ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2022.
وتُمثّل قمة المناخ، التي تعقدها الأمم المتحدة « كوب 28» وتستضيفها الإمارات، فرصة مهمة للمنطقة.
وأوضح مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول أنه لا يدعو إلى خفض إنتاج النفط في وقت قريب، لكن يتعين البدء في خطط التحول من الآن.
وقال: «ستكون هذه فرصة تاريخية لشعوب الإمارات والشرق الأوسط عامة، لإظهار مسؤوليتهم بصفتهم مواطنين عالميين».
وأضاف: «تحتاج دول الشرق الأوسط، وخاصة التي تعتمد اقتصاداتها على عائدات النفط والغاز، إلى التنويع في أسرع وقت، لأن الطلب على النفط يشهد تراجعًا».
وقال، إن هناك مؤشرات تُظهر اتجاهًا نحو انخفاض الطلب على النفط، وعلى رأسها صعود السيارات الكهربائية.
وأقرّ بيرول أن التحول في قطاع الطاقة قد بدأ في بعض البلدان بالمنطقة، لكن الوتيرة بطيئة بالنسبة للشرق الأوسط عمومًا.
وبالإضافة إلى ضرورة مكافحة تغير المناخ، قال مدير الوكالة الدولية، إن التحول مهم للاقتصادات الفردية التي تعتمد على عائدات النفط والغاز.
واستطرد موضحًا: «إذا قلَّ الطلب على النفط، ستنخفض الإيرادات وستضعف الاقتصادات».
وكالة الطاقة الدولية تتوقع هيمنة المصادر المتجددة على نمو إمدادات الكهرباء
توقعت وكالة الطاقة الدولية هيمنة مصادر الطاقة المتجددة على نمو إمدادات الكهرباء حول العالم خلال السنوات الـ3 المقبلة.
وقالت وكالة الطاقة الدولية -في تقرير صادر الأربعاء (8 فبراير/شباط 2023)- إن الطاقة المتجددة ستلبي مع الطاقة النووية الغالبية العظمى من زيادة الطلب العالمي على الكهرباء حتى عام 2025، الأمر الذي يمنع حدوث ارتفاعات كبيرة في انبعاثات الكربون.
وتوقعت الوكالة أن يتسارع نمو الطلب العالمي على الكهرباء، ليسجل في المتوسط 3% خلال السنوات الـ3 المقبلة، وذلك بعد تباطؤ طفيف حدث العام الماضي (2022) بلغت نسبته 2%، وسط أزمة الطاقة العالمية والظروف المناخية الاستثنائية في بعض المناطق.
وتشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على الكهرباء حتى عام 2025 سيأتي أكثر من 70% منها من الصين والهند وجنوب شرق آسيا.
انخفاض حاد في أوروبا
شهد استهلاك الاتحاد الأوروبي من الكهرباء انخفاضًا حادًا على أساس سنوي خلال العام الماضي بلغت نسبته 3.5%، نتيجة تضرر دول الاتحاد بشدة من الارتفاعات الكبيرة في أسعار الطاقة، التي أدت إلى تراجع الطلب من القطاع الصناعي.
كما كان الشتاء المعتدل بصورة استثنائية وراء تراجع استهلاك الكهرباء العام الماضي، وِفقًا لما ذكره تقرير وكالة الطاقة الدولية.
وعدَّت وكالة الطاقة انخفاض استهلاك الكهرباء في دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي بأنه ثاني أكبر انخفاض تعرّضت له منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، ليأتي بعد الهبوط الناتج عن صدمة فيروس كورونا في 2020.
وفي المقابل، ارتفع الطلب على الكهرباء في الهند، ليحقق نسبة نمو قوية بلغت 8.4% خلال العام الماضي، وذلك بسبب الانتعاش الاقتصادي للبلاد وارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف.
كما سجلت الولايات المتحدة زيادة كبيرة في استهلاك الكهرباء بنسبة وصلت إلى 2.6%، على أساس سنوي، مدفوعة بالنشاط الاقتصادي وارتفاع الطلب على القطاع السكني، لتلبية احتياجات التبريد في الصيف، والتدفئة في فصل الشتاء.
بينما تسببت القيود التي طبقتها الصين لمواجهة كورونا في تباطؤ نمو استهلاكها العام الماضي إلى 2.6%، مع استمرار حالة عدم اليقين، إذ أثَّرت سياسة مواجهة الوباء في النشاط الاقتصادي خلال 2022.ومع ذلك، توقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع استهلاك الصين من الكهرباء
بنسبة 5.2% خلال السنوات الـ3 المقبلة.
الطاقات المتجددة والمحطات النووية
.المصدر الأساسي المستقبلي
من المتوقع أن تلبي الطاقات المتجددة والطاقة النووية معًا في المتوسط أكثر من 90% من الطلب الإضافي على الكهرباء عالميًا.
وتوضح وكالة الطاقة الدولية، أن أكثر من 45% من نمو قدرة توليد الطاقة المتجددة سيأتي من الصين خلال المدّة من 2023 حتى عام 2025، يليها الاتحاد الأوروبي بنسبة 15%.
ومن جهة أخرى، أرجعت الوكالة رؤيتها بشأن زيادة إنتاج الطاقة النووية إلى الانتعاش المتوقع في توليد الطاقة النووية بفرنسا مع استكمال صيانة المحطات، وبدء تشغيل أخرى جديدة.
واعتبرت أن أزمة الطاقة العالمية والغزو الروسي لأوكرانيا جدَّدَا أهمية دور الطاقة النووية في الإسهام بأمن الطاقة وتقليل كثافة ثاني أكسيد الكربون.
ونتيجة لذلك، توقعت وكالة الطاقة نمو الطاقة النووية في المتوسط بنسبة 4% بين عامي 2023 و2025، مقارنة بمعدل بلغ 2% خلال مدّة (2015-2019).
ويعني ذلك -بحسب التقرير- إنتاج نحو 100 تيراواط/ساعة من الكهرباء بوساطة الطاقة النووية حتى عام 2025.
ويبيّن التقرير، أن أكثر من نصف النمو في التوليد النووي عالميًا حتى عام 2025 سيأتي من 4 دول فقط، وهي الصين والهند واليابان وكوريا.
الوقود الأحفوري وإزالة الكربون
توقعت وكالة الطاقة الدولية، أن يظل الطلب على الغاز والفحم في توليد الكهرباء مستقرًا بين عامي 2023 و2025.
ومن المقدر أن يعوّض النمو الكبير لاستعمال الغاز في توليد الكهرباء بالشرق الأوسط، انخفاض الطلب في الاتحاد الأوروبي بصفة جزئية.
وفي السياق نفسه، سيعوّض ارتفاع استهلاك الفحم في توليد الكهرباء بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، الانخفاض في أوروبا والأمريكيتين.
ونوَّهت وكالة الطاقة بأن استهلاك الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء ما يزال يخضع لتطورات الاقتصاد العالمي وأحوال الطقس وأسعار الوقود والسياسات الحكومية.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن اتجاه الاقتصادات المتقدمة إلى إزالة الكربون من قطاعات النقل والتدفئة والصناعة سينمو بالطلب العالمي على الكهرباء بوتيرة أسرع بنسبة تصل إلى 3% خلال المدّة (2023-2025) مقارنة بعام 2022.
وتوقعت أن تستقر انبعاثات الكربون من قطاع توليد الكهرباء حتى عام 2025، بعد تسجيلها أعلى مستوى على الإطلاق خلال العام الماضي.
ومن المتوقع أن تنمو حصة مصادر الطاقات المتجددة بمزيج توليد الكهرباء العالمي من 29% في عام 2022 إلى 35% بحلول 2025.
وبفضل التوسع في مصادر الطاقات المتجددة، من المقرر تراجع حصة الفحم والغاز في توليد الكهرباء، ما سيؤدي إلى استقرار انبعاثات الكهرباء حتى عام 2025، وتراجع كثافة ثاني أكسيد الكربون في السنوات المقبلة.
الاتحاد الأوروبي وحالة الاضطراب الطاقي
مع الاضطراب الذي شهدته دول الاتحاد الأوروبي خلال العام الماضي (2022)، ارتفع استهلاك الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء بنسبة 2%، على الرغم من نمو الطاقات المتجددة وأسعار الغاز القياسية.
بينما تراجع توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية بسبب الجفاف التاريخي، الذي تعرّضت له القارة العجوز، فعلى سبيل المثال شهدت إيطاليا انخفاضًا في توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية بأكثر من 30% مقارنة بمتوسط (2017-2021).
بينما أدى إغلاق المصانع في ألمانيا وبلجيكا إلى خفض القدرة النووية المتاحة خلال العام الماضي(2022).
كما واجهت فرنسا تراجعًا في إنتاجها النووي بصورة قياسية بسبب أعمال الصيانة وتحديات أخرى في مفاعلاتها النووية.
وأظهر تقرير وكالة الطاقة الدولية، أن كثافة ثاني أكسيد الكربون لتوليد الكهرباء زادت في الاتحاد الأوروبي خلال العام 2022، رغم انخفاضها عالميًا.وسجل الاتحاد الأوروبي في ذات السنة أعلى نسبة نمو في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة من توليد الكهرباء منذ أزمة النفط في سبعينيات القرن الماضي، محققة 4.5% على أساس سنوي.
وأرجعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع انبعاثات القارة العجوز إلى زيادة استهلاك الفحم في توليد الكهرباء بنسبة 6%.
ومع ذلك، عدت الوكالة ذلك الارتفاع بأنه سيكون مؤقتًا، إذ من المتوقع تراجع انبعاثات توليد الكهرباء في المتوسط بنسبة 10% سنويًا حتى عام 2025، مع انخفاض استهلاك كل من الفحم والغاز في توليد الكهرباء بصورة حادة.
وتوقعت انخفاض استهلاك الاتحاد الأوروبي للفحم في توليد الكهرباء بنسبة 10%، والغاز بنحو 12% سنويًا في المتوسط، مع زيادة الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة وتعافي الطاقة النووية.
أسعار الكهرباء في ارتفاع مستمر
رصد تقرير وكالة الطاقة الدولية استمرار ارتفاع أسعار الكهرباء في العديد من المناطق، وسط مخاطر نقص الإمدادات في أوروبا خلال فصل الشتاء.
وتعرّضت القارة العجوز خلال العام الماضي 2022 إلى زيادة في أسعار الكهرباء، إذ كانت في المتوسط أكثر من ضعف ما سجلته في 2021.
ورغم أن الشتاء المعتدل حاليًا ساعد على خفض أسعار الكهرباء فإنها ما زالت مرتفعة مقارنة بالسنوات الأخيرة.