
خمس دول تستحوذ على نصف إنتاج الغاز في إفريقيا بحلول 2038ضمنها المغرب وموريتانيا
عبد العالي الطاهري
يعرف إنتاج الغاز في إفريقيا تغيرًا ملحوظًا مع دخول دول وافدة جديدة إلى السوق، بهدف توفير أحجام متزايدة للتصدير بصفة خاصة.
وتاريخيًا، هيمنت نيجيريا ومصر وليبيا والجزائر على أكثر احتياطيات وإنتاج الغاز المؤكدة، إذ شكلت الدول الأربع 78% من احتياطيات الغاز في إفريقيا في عام 2021، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وعلى الرغم من ذلك، أظهرت البيانات الواردة في برنامج تعقب النفط والغاز العالمي التابع لشركة مؤسسة «غلوبال إنرجي مونيتور» أن 84% من الاحتياطيات الجديدة في مرحلة ما قبل الإنتاج تقع في الدول الوافدة حديثًا إلى سوق الغاز الإفريقية.
وهذه الدول هي موزمبيق والسنغال وتنزانيا وموريتانيا وجنوب إفريقيا وإثيوبيا والمغرب، وفق معلومات رسمية.
توقعات إنتاج الغاز في إفريقيا
يبلغ إجمالي هذه الاحتياطيات الجديدة أكثر من 5137.5 مليار متر مكعب، مع انبعاثات محتملة تعادل نحو 11.9 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مع مواجهة الإنتاج من العديد من هذه الحقول معارضة بسبب التأثيرات المحتملة في النظم البيئية والمجتمعات المحلية.
ومن المتوقع أن تدفع هذه الدول أحجام تطوير الغاز على المدى القريب، إذ ستمثل موزمبيق وموريتانيا وتنزانيا وجنوب إفريقيا وإثيوبيا أكثر من نصف إنتاج الغاز في إفريقيا بحلول عام 2038.
ومن المتوقع أن تقود الجزائر ونيجيريا معظم أحجام صادرات الغاز في القارة السمراء في المدّة من 2022 إلى 2025، مع أحجام صادرات إضافية من غينيا الاستوائية ومصر وموزمبيق والسنغال وموريتانيا.
وإذا جرى السماح لخطط الصناعة لهذه الموجة من مشروعات حقول الغاز الجديدة بالمضي قدمًا، فمن المتوقع أن يرتفع إنتاج الغاز في إفريقيا بمقدار الثلث بحلول عام 2030.
وهناك حاجة إلى استثمارات جديدة تُقدر بـ329 مليار دولار أمريكي لتطوير كل من استخراج الغاز والبنية التحتية للتصدير.
ومع ذلك، فإن معظم تطورات حقول الغاز هذه مخصصة للتصدير، ولا تفعل شيئًا يذكر لمعالجة معدلات الكهرباء المنخفضة في جميع أنحاء القارة، مع تعريض مزيج الطاقة في إفريقيا لتقلبات أسواق الغاز.
الغاز الإفريقي يخدم التصدير
مهّد اكتشاف احتياطيات غاز جديدة في المحيط الهندي قبالة الساحل من موزمبيق وتنزانيا، وفي المحيط الأطلسي بالقرب من حدود السنغال وموريتانيا، الطريق لظهور الوافدين الجدد إلى سوق الغاز الإفريقية وفي مقدمتهم المملكة المغربية.
ويصف تقرير صادر عن غرفة الطاقة الإفريقية، إثيوبيا وموريتانيا وموزمبيق والسنغال وجنوب إفريقيا وتنزانيا بأنها «مراكز غاز طبيعي مقبلة».
كما تُظهر البيانات الواردة من وكالة «ريستاد إنرجي» أن موزمبيق تستعد لأن تصبح ثاني أكبر منتج للغاز في إفريقيا، ومن المحتمل أن تسهم بنسبة 18% من إنتاج الغاز في القارة الإفريقية بين عامي 2020 و2050.
وتقدر منظمة «أويل شينج إنترناشيونال» أنه في حين أن الجزائر ومصر وليبيا ونيجيريا ستستمر في السيطرة على إنتاج الغاز على المدى القريب، ستسهم موزمبيق والوافدون الجدد الآخرون بأكثر من 50% من إنتاج الغاز في إفريقيا بحلول عام 2038.
ومن بين الوافدين الجدد إلى السوق، تُعد موزمبيق هي الأقل من حيث الكهرباء، إذ يحصل 30% فقط من السكان على الكهرباء، كما أن مستويات الكهرباء في تنزانيا وموريتانيا وإثيوبيا منخفضة بنسبة 40% و47% و51% على التوالي.
وبالمقارنة مع الوافدين الجدد الآخرين إلى السوق، تتمتع السنغال وجنوب إفريقيا بمستويات عالية نسبيًا من الكهرباء، إذ يحصل 70% و84 % على التوالي من السكان على الكهرباء، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة. وعلى الرغم من انخفاض مستويات الكهرباء والتحديات في توفيرها بأسعار معقولة وموثوقة، يُقمع الطلب المحلي في قطاع الطاقة.
فالكثير من الغاز من المشروعات الجديدة غير مخصص للاستهلاك المحلي، إذ إن العديد من حقول استخراج الغاز في مرحلة ما قبل الإنتاج مرتبطة بمحطات تصدير الغاز المسال.
– هل يستمر الاهتمام بإنتاج الغاز في إفريقيا؟
أحد الدوافع الرئيسة لطفرة الاستكشاف هذه هو بحث الاتحاد الأوروبي عن مصادر متنوعة للغاز خارج روسيا.
فقد استورد الاتحاد الأوروبي 90% من استهلاكه من الغاز في عام 2021، وشكّلت الواردات الروسية نسبة 45%؛ وجاء خُمس واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز من إفريقيا، إذ أسهمت الجزائر بنسبة 12.6%.
وفي أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، سعى الاتحاد الأوروبي جاهدًا للوصول إلى الاستقلال عن الغاز الروسي بحلول عام 2030.
ومع ذلك، فإن استمرار اهتمام الاتحاد الأوروبي المتجدد بالغاز في إفريقيا لم يتضح بعد، وقد يجد الوافدون الجدد إلى السوق أنفسهم مدينين بأصول لا يمكن إعادة توظيفها للاستعمال المحلي دون تطوير بنية تحتية باهظة التكلفة.
فقد جرى بناء أكثر من 97% من البنية التحتية الجديدة للغاز المسال المخطط لها في إفريقيا للتصدير بصورة أساسية إلى أوروبا وآسيا، بحسب المعلومات التي اطّلعت عليها المؤسسة الإعلامية «المدائن بوست».
ومن الواضح أن اهتمام أوروبا الحالي بالغاز في إفريقيا مدفوع بأزمة إمدادات قصيرة إلى متوسطة المدى، في حين أن كميات كبيرة من الغاز من المشروعات الإفريقية قيد التطوير لن تظهر إلا في وقت لاحق من هذا العقد، ومن المحتمل أن تُقطع السبل بهذا الغاز دون مشترٍ.
علاوةً على ذلك، ما يزال النمو المفترض في الغاز المسال الآسيوي في حالة تغير مستمر، إذ تفكر الدول التي واجهت ذات يوم احتمال خروجها من سوق الغاز المسال في العودة، إذ
تتجه الأسعار نحو الانخفاض.
مشروعات الغاز الرئيسة في إفريقيا
من المتوقع أن تقود العديد من المشروعات الرئيسة حجم التنمية على المدى القريب في سوق الغاز في إفريقيا.
فقد جرى تكليف أول مشروع للغاز المسال في موزمبيق «كورال ساوث» في عام 2022، كما توصل مشروع غولفينو-أتوم الأكبر في موزمبيق، إلى قرار استثمار مالي مع استمرار البناء.
وتشمل مشروعات استخراج الغاز الأخرى في مرحلة ما قبل الإنتاج مشروعات تورتو أحميم في موريتانيا والزعفراني في السنغال ومامبا في موزمبيق، وهي مشروعات ستكون لها تأثيرات كبيرة في المجتمعات والتنوع البيولوجي في المنطقة.
وتُظهر البيانات من «ريستاد» أنه من المتوقع أن يؤدي الاستثمار في الحقول الجديدة إلى أن تعتلي الدول الوافدة الجديدة مستوى الحرس القديم، من حيث النفقات الرأسمالية الأعلى لإنتاج النفط والغاز.
ومن المتوقع حدوث زيادة في الإنفاق الجديد في النصف الثاني من العقد، إذ بدأت العديد من المشروعات الجديدة في رؤية قرار استثمار مالي.
وتقدر بيانات «غلوبال إنرجي مونيتور» إجمالي الإنفاق الرأسمالي لمحطات الغاز المسال قيد التطوير بنحو 103 مليارات دولار، 92% منها لمحطات تصدير الغاز المسال.
الدول الخمس الأولى التي تقود تطوير
محطات تصدير الغاز المسال في إفريقيا هي تنزانيا وموزمبيق ونيجيريا وموريتانيا والسنغال.
شركات أوروبية تسيطر على الحقول الجديدة
تظهر بيانات «غلوبال إنرجي مونيتور» أن الشركات التي يقع مقرها الرئيس في أوروبا تمتلك غالبية احتياطيات حقول الغاز الجديدة في إفريقيا.
فشركة سوناطراك الجزائرية المملوكة للدولة، وشركة النفط الوطنية في موزمبيق «إمبريسا ناشيونال دي هيدروكربونيتوس»، هي الشركات الإفريقية الوحيدة من بين الشركات الـ10 الأولى من حيث الحجم الاحتياطي لحقول الغاز الجديدة في إفريقيا.
وتمثّل الحصة المشتركة للشركات الآسيوية وأمريكا الشمالية وأوروبا أكثر من نصف الحجم الاحتياطي لحقول الغاز الجديدة المملوكة لأكبر 10 شركات تعمل في إفريقيا.
وتُعد شركتا النفط البريطانية بي بي وتوتال إنرجي الفرنسية أكبر مطورتين لاحتياطيات الغاز الجديدة في إفريقيا. ففي عام 2021، جاء 25% من إنتاج توتال إنرجي من الهيدروكربونات من القارة الإفريقية.
وبالتالي، فإن هيمنة الشركات متعددة الجنسيات تعني أن الكثير من الأرباح التي يمكن جنيها من هذه المشروعات لا يخصص للاستثمار في القارة السمراء.