خبراء المناخسياحة

قطر..ريادة طاقية خضراء برؤية تنموية مستدامة

ـ عبدالعالي الطاهري (المغرب)
alasdaemedia@gmail.com

لطالما كانت دولة قطر وستظل واحدة من أبرز الدول العربية، بل وعلى المستوى العالمي، التي
راهنت وستبقى على المحافظة على التوازنات البيئية في كل مشاريعها المرتبطة بالرؤية الاستثمارية و مفهوم التنمية المستدامة، حيث جعلت من التحول التدريجي نحو الطاقات المتجددة والنظيفة هدفًا استراتيجياً، من خلاله تمرُّ جميع البرامج والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية في بُعدها التنموي الشمولي الحديث.

رؤية قطر 2030..ورهان التحول نحو « الطاقات المتجددة ».

إلى ذلك، تعتبر قطر من بين الدول التي تهيمن على سوق الغاز المسال، وهي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز تغطي حاجاتها لسنوات قادمة. ويعتمد اقتصاد قطر أساسًا على الإيرادات من الطاقة لتمويل النفقات العمومية وتنفيذ سياستها الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل. لكن التطور التكنولوجي وبروز منافسين جدد في صناعة الغاز والتأثير البيئي للصناعة النفطية وضع قطر أمام العديد من التحديات، مما اقتضى جهودًا إضافية من صنَّاع القرار لتحقيق التنمية المستدامة المرجوة في قطر. وفعلًا قامت قطر بوضع استراتيجيات تنموية، من خلال رؤية قطر 2030، تهدف إلى رفع هذه التحديات ومواكبة التحول في مجال الطاقة. وتبرز هذه الاستراتيجيات من خلال توجهين رئيسيين، أولًا: سياسات متعلقة بكفاءة الطاقة والتي تتطلب استثمارات في تكنولوجيا أقل تلوثًا حيث ستلعب تكنولوجيا الغاز الطبيعي دورًا جوهريًّا في هذا التحول، وثانيًا: سياسات تتبنى استعمال الطاقة المتجددة. ويتجسد ذلك من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية والرياح والتي تُستخدم كبديل لتقليل الاعتماد على الطاقة الهيدروكربونية.

قطر للطاقة تطلق مشروعًا رائدًا للطاقة الشمسية

و في ذات السياق المرتبط بالخطوط الكبرى لرؤية « قطر 2030 »، أرست شركة قطر للطاقة عقد أعمال الهندسة والتوريد والإنشاء الخاص بأحدث مشروعات الطاقة الشمسية في قطر، في المدن الصناعية الخاصة بها، إلى شركة سامسونغ سي آند تي الكورية الجنوبية.
ووفق بيان للشركة القطرية، فإن المشروع يتضمن محطتين عملاقتين للطاقة الشمسية الكهروضوئية، من المقرر بناؤهما في مدينتي مسيعيد الصناعية وراس لفان الصناعية.
ومن المتوقع أن يشهد مشروع الطاقة الشمسية في قطر إنتاج الكهرباء في أواخر عام 2024، وفق ما أوردته تقارير حكومية رسمية.
يشار إلى أن قطر للطاقة للحلول المتجددة، شركة مملوكة بالكامل لقطر للطاقة، وهي المكلّفة بالاستثمار في مشروعات ومنتجات الطاقة المتجددة والاستدامة في الدوحة، وجميع أنحاء العالم.

الدوحة تسعى لتنويع مصادرها الطاقية

سبق لوزير الدولة لشؤون الطاقة، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة، المهندس سعد بن شريدة الكعبي، أن أكد أنَّ المشروع يعدّ خطوة رئيسة على طريق تنفيذ إستراتيجية تنويع موارد الطاقة، وخاصة الطاقة الشمسية في قطر، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة عالية الكفاءة.
وأوضح المهندس سعد بن شريدة الكعبي، أن المشروع يؤكد الالتزام بتنفيذ إستراتيجية قطر للطاقة الخاصة بالاستدامة، وتحقيق الهدف متوسط المدى المتمثل في توليد 5 غيغاواط من الطاقة الشمسية في قطر، بحلول عام 2035.
وأعلن أن هذا المشروع الضخم هو أول استثمارات قطر للطاقة للحلول المتجددة، المنشأة حديثًا، والمملوكة بالكامل لشركة قطر للطاقة، والتي ستستثمر وتملك جميع المشروعات المعنية بالطاقة المتجددة، وغيرها من مبادرات الاستدامة المستقبلية.

مشروع الطاقة الشمسية في قطر..رهان المستقبل

يعدّ هذا المشروع هو الثاني في قطر، بعد محطة الخرسعة للطاقة الشمسية الكهروضوئية التي تُنشَأ حاليًا، ومن المنتظر أن يسهم المشروع في المدن الصناعية بزيادة قدرة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في قطر إلى 1.675 غيغاواط بحلول عام 2024.
ومن المقرر أن يستخدم المشروع ألواحًا ثنائية الوجه ذات كفاءة عالية، تُثَبَّت على أجهزة تتبّع أحادية المحور، بجانب روبوتات تنظيف ستعمل يوميًا للحدّ من الخسائر في التوليد بسبب التلوث، عبر إزالة الغبار من الوحدات الكهروضوئية، ما يؤدي لزيادة إنتاج الكهرباء.

حجم إنتاج الكهرباء من المشروع

من المقرر أن توزّع الكهرباء المولدة من مشروع قطر للطاقة الجديد بشكل إستراتيجي بين المدينتين الصناعيتين، إذ تبلغ قدرة التوليد في مسيعيد 417 ميغاواط، في حين تبلغ في راس لفان 458 ميغاواط، من المحطتين اللتين ستُبنَيان على مساحة 10 كيلومترات مربعة.
وتبلغ تكلفة المشروع 2.3 مليار ريال قطري (630 مليون دولار أمريكي)، وسيؤدي إلى خفض الانبعاثات المباشرة بأكثر من 28 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون على مدار عمره.

الانطلاق نحو مستقبل « الاقتصاد الأخضر »

وقد أدركت دولة قطر ضرورة وضع رؤية تنموية تأخذ بعين الاعتبار عددًا من أبعاد التنمية المستدامة بما فيها البعد البيئي. وتشمل هذه التوجهات: ضرورة التحديث عبر اقتناء التكنولوجيات المتطورة، والعمل على خلق توازن بين الاحتياجات الحالية للمجتمع واحتياجاته في المستقبل، والتأسيس لمجتمع معرفي، وحماية البيئة وتنميتها. كما تبنَّت رؤية قطر الوطنية هذه التوجهات عندما جعلت هدفها الأساسي تحويل قطر في عام 2030 إلى دولة متقدمة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة.
إلى ذلك، تحدد رؤية قطر الوطنية 2030، وهي خارطة طريق تنموية لدولة قطر، النتائج والأهداف طويلة المدى التي تعمل الدولة على تحقيقها، حيث تعتمد في رؤيتها التنموية طويلة الأجل على أربعة أسس متلازمة: التنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية البيئية.
يذكر أنه مضى على اعتماد رؤية قطر الوطنية عقد من الزمن، وجرى إعداد سلسلة خطط استراتيجية لتحقيق الأهداف الموضوعة للرؤية. فبعد مرور 12 سنة لا تزال التحديات أمام تحقيق التنمية المستدامة بشقيها، الاقتصادي والبيئي، قائمة وبقوة على أكثر من صعيد، وبوجه خاص في قضايا التوسع الاقتصادي، والقدرة على الحفاظ على الموارد الطبيعية بما يطيل أمد استخدامها، وبما يحفظ حقوق الأجيال القادمة فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق