ثقافة وفن

الصانع الألماني سباستيان شتنزل

من الطب الصيني والفيزياء إلى صناعة الجيتار والعود

د. محمد بدوي مصطفى

يحكي سباستان شتنزل عن نفسه قائلا:

بعد انتهائي من شهادة البكلوريا سافرت إلى أمريكا لدراسة الطب الصيني وكنت مولعا منذ صغري بالعلوم سيما علم الأصوات والفيزياء. تركت الطب الصيني واتجهت إلى توسيع معرفتي بالفيزياء عبر حب الاستطلاع، الاطلاع والقراءة، وهذا المجال ساعدني كثيرا في حياتي العملية عندما بدأت أهتم لصناعة الجيتار أولا وبعد مراحل بصناعة شيخ الآلات العربيّة العود.

كان أول عود أسمعه في حياتي في عام ١٩٨٩، وكان ذلك من خلال باب مفتوح في قاعة الحفلات الموسيقية في مؤتمر اللوت (العود الأوروبيّ) في مدينة ساربروكن الألمانيّة، وكان يومئذ العملاق منير بشير على المسرح. سحرني النغم وفاض بيّ الهيام بكل نوطة موسيقية تنساب من ريشته، هذا الأستاذ العظيم، فطلبت منه بعد الحفل أن أرى العود الساحر وأن أحمله طيّ يديّ. وكانت لحظة لا تنسى.

وحينما عدت إلى البيت أحسست أنني قد قررت سلفا أن أصنع لنفسي آلة مماثلة، مثل التي رأيتها عند بشير، لكني أيقنت في الفور أن هذه الجرأة لابد أن تتبعها معرفة تامة بخفايا وأسرار هذه الآلة العربية البديعة.

حاولت في السنوات التالية الحصول على عود مقبول لكن باءت كل محاولاتي بالفشل، إذ كانت كل الآلات المعروضة للبيع عبارة عن آلات للعب، ليس بها ذرة اتقان أو جمال ناهيك عن مشاكلها الكثيرة التي انصبت بدواخلها. فكانت أغلب الآلات التي وقعت بيديّ من القاهرة، تُباع في معارض خصصت للسيّاح والعوام، أقصد ليست آلات للدارسين. ومع مرور السنين رأيت العديد من الآلات الأخرى من سوريا ومن العراق لكن كانت أسعارها تفوق طاقتي الماديّة ولم يكن بها – رغم سعرها الباهظ – توازن بين السعر والجودة على الإطلاق. عرض عليّ صانع قيثارات ترميم آلة عود وكنت سعيدا جدا بذلك وكان ذلك في عام ١٩٩٠، وتمكنت عند الترميم من فحص أجزاء الآلة والتعرف على كثير من أسرارها الدفينة. وبين عام ١٩٩٦ و١٩٩٨ تحصلت على عود فاروق تورينج التركي وشرعت في عمل المسودات والدراسات التصميمة وقارنت بينها وبين صناعة العود الأوروبي الذي نشأ في عصر النهضة (لوت). وشاركت من بعد في عدة ورش للعود وتعلمت الكثير عن الآلة ولكن هذا الحلم ظل يراودني طيلة ١٨ عاما ولم أحققه، لكن سعيت في السفر إلى بيروت وتعرفت على الصانع ألبرت منصور وتربطنا الآن علاقة حرفية وصداقة حميمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق