ثقافة وفن

ليلي طويل

أغنية كل الأجيال

خديجة منصور
أحيانا يشدك الحنين الآسر وتعيدك الذكريات الحالمة إلى ماضٍ بطعم اللوز والزيتون، وقد تتأسف تارة على حقبة لم تعش جُلّ تفاصيلها، لكن تبقى الأحداث شاهدة عليها وعلى وقائعها التي نُقِلَت إلينا عبر السنين والحقب، من جيل إلى جيل. وقد ينتابك شعور دفين للغوص في عمق التراث المغربي الأصيل في رحلة موسيقية مثيرة تجمع بين الماضي الذي طبع بصماته في أنفسنا والحاضر الماثل أمام أعيننا، لتتذوق مسامعنا تناغم اللحن وانسياب النغم مع كلمات رصينة وفيّة سامقة. توقفت رحلتي في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي لأغنية خالدة مازلت حية في نفسي ومازال صداها يتردد في أذني، “ليلي طويل” سحر الكلمات المعبرة وإحساس الملحن الراقي وأداء الفنان المبدع يونس ميكري، توج هذا العمل بأغنية ذاع صيتها إلى آخر الدنيا، بحيث أعاد أداءها عدد كبير من الفنانين بلغات متعددة، من كلمات محمد الزياتي الإدريسي وألحان يونس ميكري سجلت سنة 1970، وكان لاشتهارها في العالم أثر ايجابي على فرقة الإخوة ميكري والتي يعتبر يونس أحد أعضائها. إن طريقة الإخوة ميكري قريبة من “فن الروك”، فهي طريقة عصرية، ليس من ناحية الإيقاعات فحسب والمادة الموسيقيّة لكن أيضا من ناحية الأداء والتنفيذ. والجدير بالذكر أن ذوق الجمهور السائد في حقبة الستينات لم يبطر الفرقة من التفرد والتميّز بطابع موسيقي شبابي جديد عرفوا به بل أنهم صمدوا وثابروا في بثه والتعريف به. فكان صراع ضد العرف والعادة و صراع مع عقارب الساعة والزمن.
ينحدر أعضاء المجموعة الموسيقية الإخوة ميكري من شرق المغرب وبالضبط مدينة “وجدة”، استطاعوا الإخوة وقتها إدخال الآلات الموسيقية العصرية “القيثارة والبيانو” وحتى طريقة الأداء المختلفة للفرقة ساهمت في بروزها رغم الطابع المحافظ الذي كان سائد مقارنة مع المجموعات الموسيقية المغربية الأخرى التي عايشتها الفرقة.
قدمت المجموعة أغاني متنوعة “ودعته، ياريت، ويا مريا،…”، وقامت آنذاك بجولات فنية في بعض الدول العربية والغربية “بفرنسا، هولندا، تونس، الجزائر…” حاصدة عدد من الجوائز كجائزة الرباب الذهبي سنة 2003 من المجلس الدولي للموسيقى برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” و”الميدالية الذهبية” من أكاديمية الفنون والعلوم والآداب في باريس 2007. تظل أغنية “ليلي طويل” لحن خالد لكل الأجيال ومسار حافل لمدرسة التجديد الموسيقي للإخوة ميكري، هذه المجموعة التي بصمت تاريخها في صحائف التراث الفني المغربي بجدارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق