سياسة

بيت فتحية (4)

زيارة الى الخرطوم بعد عام من السقوط

النساء قمن بدور أساسي في سقوط عمر البشير

شارلوت فيدمان

ترجمة فادية فضة ود. حامد فضل الله

وجدت فاطمة، أبنة عائلة مربوطة في السرير. لم تعد تأكل. رفضت الأسرة بشكل صارم عرض تهاني للوساطة. بعد بضعة أيام، حاولت الفتاة في غفلة من الحراسة، الانتحار. عندها فقط طلبت الأسرة النصيحة.

هل يستطيع المرء أن يتخيل وجود دراسات جندر في مثل هذا المجتمع؟  في السودان، يقف الظلام أحيانًا بشكل وحشي بجانب النور.

أنني لا أعتبر نفسي ضحية

عندما التحقت الطالبات الأوائل، قبل سنوات في قسم دراسات الجندر، قصّ بعضهن شعرهن وبدأن بالتدخين، والذي ظهر وكأن هذا ينتمي الى النسوية. تخبرني علوية حسنين بهذه القصة مع ابتسامة خفيفة، فهي بعيدة عن مثل هذه المُغالاة في التصرف.

أكملت الفتاة البالغة من العمر 32 عامًا درجة الماجستير في “الجنُوسة (الجندر ــ Gender) والسيطرة ” في جامعة الأحفاد للبنات مع التركيز على محاربة الفقر؛ وهذا يحمل اشارة الى خلفيتها الشخصية. غادر الوالدان لأسباب اقتصادية ولاية شمال كردفان التي ابتليت بالجفاف. جاءت فاطمة من القرية إلى منطقة الخرطوم وهي في الخامسة من عمرها. ولأن بشرتها قاتمة، تم ضمها الى الصف الخلفي في المدرسة مع أطفال من جنوب السودان. “لقد حصلت على شعور ما هي العنصرية، بوقت طويل، قبل أن اعرف الكلمة)”.

في المنزل ستة أشقاء أصغر سناً وأم، كسب القوت من بيع (مبيعات) الشاي والطهي للأثرياء. المساهمة في النفقات أمر طبيعي بالنسبة لنهلة، وعندما توفيت الأم مبكراً، قامت بتحمل المسؤولية. تتذكر نهلة وتقول “أمي هي التي سمعت مني كلمة حقوق المرأة لأول مرة”.

الأب الذي يعمل في مطعم لا يظهر في قصتها. لم تستشره أبدًا (“سيكون عديم الجدوى، إنه عالق في التفكير القديم”) وتفضل أن تضعه أمام الأمر الواقع. تخبره عن رحلة إلى الهند، ماسكة بالحقيبة المعبأة في يدها، حيث تحتاج كشخص غير متزوج بالفعل إلى موافقته – مبدأ الوصاية -. “لقد تجاوزته.”

المصطلح يبقى عصياً: التجاوز

تذكر علوية أعضائها التناسلية المشوهة، بشكل عرضي، وتضيف على الفور: “أنني لا أعتبر نفسي ضحية”. تتلقى جامعة الأحفاد أموال المانحين لدعم المهمشين، وتعتبر “كوسيط للتغيير” من خلفية علاقات محافظة، وتستشهد نهلة بهذه المفردة بتهكم. تنتمي الجامعة إلى عائلة نخبوية، وهنا أيضًا خلفية طبقية، ولكنها تنتج شابات واثقات. “لقد تعلمت أن أحترم نفسي وأتحدث ورأسي مرفوعًا”. وما يدرج تحت وسيط للتغيير، سيكون هذا الشي شأنها الخاص.

سألتها، ما هي الحركة النسوية؟

تطلق بعض النساء على أنفسهن نسويات لأنهن أنهين دراسات الجندر، أو لأنهن يأملن في الحصول على وظيفة في منظمة غربية. بالنسبة لها، النسوية تعني الفعل. “كنت أول من دخل من عائلتي الجامعة. والبعض الآخر تحت الضغط. من المهم جدا للمرأة، أن يكون لها إرادة قوية. وإلا ستصبح ضحية “.

ربما كانت الإرادة المطلقة بعدم أن تكون ضحية قد شكلت قامتها الشامخة وأيديها التي تكون باردة قليلاً دائمًا، والحزن الطفيف على سحنتها، هي الميزات التي تبقى أيضا عندما تبتسم.

أدرنا أحاديثنا على بنابر نساء الشاي، وحولنا الشباب المتناظرين، الذين لا يستطيعون تحمل أكثر من نفقات كباية شاي. تلخص نهلة، بين ما كان قبل الثورة وما يحدث الآن – وما يمكن أن يحدث: “كانت تجربة الثورة: إن النساء يستطعن فعل كل شيء، وتختتم: “الحواجز نفسية ولكن يمكن التغلب عليها”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صدر لها حديثا:

* Charlotte Wiedemann, Der lange Abschied von der weißen Dominanz, dtv, München 2019.

شارلوتَ فيدمان، الوداع المديد لهيمنة البيض، ميونيخ 2019

Sudanese Organization for Research and Development (SORD)

حاشية: ** في فقرة الأستاذ محمود محمد طه، تم تعديل طفيف لتوضيح الرسالتين ــــ مثل الإشارة الى الآيات المكية والآيات المدنية- فقط من أجل الدقة ولا يؤثر اطلاقا على نص الكاتبة (المترجم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق