سياسة

هل يدفع ترامب ثمن فاتورة العنصرية التي حملته إلى البيت الابيض

البخاري حبيب الله (دبلوماسي – القائم بالأعمال في سفارة السودان – برلين)

أجج مقتل الامريكي الاسود جورج فلويد احتجاجات غير مسبوقة في الولايات المتحدة ووتجاوزتها لبعض العواصم الغربية احتجاجاً على الطريقة البشعة التي مارستها الشرطة ضد فلويد حتي لفظ اخر انفاسه يترجي الشرطي ان يترك له مساحة للتنفس  ” لا استطيع ان اتنفس “  وهي العبارة  التي تختق دونالد ترامب سياسياً ومن المحتمل أن تكون بداية لعملية تغيير شاملة في المجتمع الامريكي ظلت محل جدل لعقود  تحت ذرائع عديدة

بدأت الاحتجاجات حقوقية على العنصرية المتجذرة في المجتمع الامريكي لكنها أصبحت تأخذ اشكالاً ثورية  ربما تتطور لمطالب سياسية  قد يدفع  ثمنها المباشر الرئيس الامريكي دونالد ترامب بصورة او باخرى  اما باجباره على تقديم استقالته او باجراء انتخابات مبكرة او على اقل تقدير فقدان حظوظه في الانتخاب  القادمة لدورة رئاسية ثانية كما كان يخطط ويجتهد في ذلك عن طريق إفتعال صراعات خارجية لكن الضربة جاءته من الداخل

طريقة ترامب  في ادارة الازمة ستكون  هي الشرارة  التى ستشعل الاحتجاجات وتساعد في ارتفاع وتيرتها وتوسعها داخليا وخارجياً وذلك لطبيعة شخصيته المصادمة والعنيدة بالاضافة الى عوامل داخلية وخارجية اخري ستدفع الجميع للتصعيد  ،،، وفي حال استمر ترامب بذات طريقته المستفزة للمحتجين ستتزايد الاحتجاجات لامحالة وقد تتحول الى اعمال عنف دموية ومواجهة مفتوحة  بين المحتجين والقوات الامنية التي  لن يتواني ترامب في استخدام سلطاته لتحريكها لمواجهة المحتجين بقوة وحسبما بدا من خطابه الاول بان خيارته امنية بامتياز وهو ما قد يجلب له مزيد من الاعداء.

قد تكون احدي محاولات تهدئة  الشارع الامريكي هي مراجعة القوانين وصلاحيات الشرطة والاجهزة الامنية في الاعتقال والتوقيف لكن سيظل هذا احد مظاهر الازمة حيث انها تمثل راس جبل الجليد  للعنصرية في المجتمع الامريكي  لاسيما مؤسسات الدولة وسيعمد معارضو ترامب وادارته من الديمقراطييين واليساريين وغيرهم من استغلال هذه السانحة النادرة التي وحدت طيف واسع من المجتمع الامريكي لتوجيه ضربة قاضية لادارة ترامب لتسهيل مهمة الانقضاض عليه قبل الانتخابات القادمة استكمالا لجهود كان قد بداتها الديمقراطيون من الكونقرس لسحب الثقة عن ترامب علي خلفية التدخل الروسي في الانتخابات التي اتت به للبيت الابيض

ييدو ان حادثة مقتل جورج فلويد هي القنبلة التي ستفجر جملة الاوضاع في الولايات المتحدة الامريكية لاسباب تتعلق  بتراجع القيم الامريكية التي وضعها الاباء المؤسسون من لدن جورج واشنطن الي جورج فلويد وفي مقدمتها صعود الشعوبيون من البيض الذين حملوا ترامب الي سدة الحكم في البيت الابيض في نكوص بيّن للقيم الامريكية كنتيجة لتصاعد حدة العنصرية في المجتمع الامريكية فضلا عن شخصية  دونالد ترامب وطريقة ادارته التي غيرت نهج الادارة الامريكية التقليدي الراسخ داخلياً وخارجياً مما جلب له غضب الامريكيين  وحلفائهم الدوليين في كثير من القضايا اخرها التخبط في ادارة ازمة كرونا وتوزيع الاتهامات يمينا ويسارا لتغطية فشله في ادارة الازمة،  فهل سيدفع الرئيس الامريكي دونالد ترامب  ثمن فاتورة العنصرية التي حمله بها الشعوبيون البيض الي سدة البيت الابيض وشكلت عمود سياساته الفقري ام سيهب العنصريون الجدد لنصرته مرة اخري  ليكمل مهمة تقسيم المجتمع الامريكي حسبما يشتهون

الولايات المتحدة بعد مقتل جورج فلويد لن تكون كما كانت قبله  وستكون كل الاحتمالات مفتوحة ولكن من الخطورة بمكان  السماح لتزايد وتيرة العنف في الاحتجاجات لانها لن تكون كارثية على الولايات المتحدة فحسب بل ستكون كذلك على كل العالم بحكم مكانة الولايات المتحدة كدولة عظمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق