سلايدرمجتمع

غيداء بحر الشمال

أوسلو

د. محمد بدوي مصطفى

شددت الرّحال في عام ١٩٨٧ إلى النرويج بصحبة صديق سوريّ جميل، تفرقت بنا السبل في أرجاء الدنيا الواسعة، اسمه بشار سلطجي، عبرنا حينذاك بالقطار ألمانيا، الدنمارك وبعدها أقلتنا السفينة إلى عاصمة النرويج أوسلو التي تنطق باللغة النرويجيّة الاسكندنافيّة أُوشلو. أخبرنا صديق دراسة تونسيّ، حميم لنا بمدينة ليون (إدريس بن سعيد) أن له أخ بأوسلو ويمكننا أن نسافر إليه فسوف يقوم بمساعدتنا للعمل في موسم السمك الذي يأتي إليه الطلاب من كل أنحاء أوروبا. ذهبنا ولكن في تلك السنة للأسف الشيد لم نر حتى سمكة واحدة، ولا الأسماك الموعودة التي حلمنا بها، فقد شاء الله أن تتلوث المياه الإقليمية، كما أعلموني ولا أذكر جيّدًا أسباب أخرى، وحدث ما حدث! على كل سكنا كلانا في شقة شقيق صديقنا (نجيب بن سعيد) وحامت بنا الدنيا معه وبه وتعلمنا من أمور الحياة التي لم نكن ندركها إلى ذلك الحين أشياء فوق التصور ولكن تلك قصة أخرى.

كما نعلم أن أوسلو عاصمة مملكة النرويج وأهم مدنه حيث يبلغ عدد سكانها حوالي الستمائة ألف نسمة ويتعدى المليون في التجمعات الحضريّة المحيطة بها. تعتبر هذه الحسناء مركزا ثقافيا، صناعيا واقتصاديا هام للمملكة النروجيّة فضلا عن أنها أهم ميناء بحريّ بها وحتى في المنطقة. تقع على السّاحل الجنوبيّ الشّرقيّ في رأس مضيق أوسلو البحريّ الكبير، أو كما يُعرف بخليج أوسلو، على مسافة 130 كم تَقريباً شمال سكاجيراك، وهو لسان من بحر الشمال يمتدّ داخل اليابسة.

ينتصب في وسط المدينة القصر الملكي ومبنى البرلمان النرويجي في موازاة بوّابة كارل يوهانز على الشّارع الرئيسيّ في وسط المدينة، ويقع مبنى إدارة البلديّة وقلعة أكيرشوس صوب هذه البوابة التاريخيّة.

حصلت حسناء بحر الشمال في سنة 2003  على جائزة “المدينة المستدامة” وفي عام 2007  على المرتبة الثانية في جائزة ريدرز دايجست التي تعطى للمدن الخضراء والأكثر ملائمة للعيش حول العالم. وهذا إن دلّ فإنما يدلّ على الاهتمام الفائق الذي توليه المملكة لهذه العاصمة الشامخة والمركز الثقافي العتيد.

تحكي صفحات التاريخ أن أحد ملوك المملكة قام بإرساء دعامات تأسيس المدينة، وهو الملك هارولد هارد راد حوالي عام 1048. وفي عام 1299 بنيت قلعة أكيرشوس في شبه جزيرة صخرية على المضيق البحريّ. حدثت حرائق فظيعة بالمدينة فدمرتها النيران في عام 1624، بعدها تمّت إعادة المنشآت كما كانت بقوة جأش سكانها الأوفياء وكان ذلك في فترة حكم الملك كريستيان الرابع ولهذا عُرِفَت المدينة باسم كريستيانيا من ذلك الوقت حتّى عام 1925 إكراما لما قام به الملك كرستيان من أعمال في التعمير والبناء والاستدامة إذذاك.

كانت مملكة النرويج في تحالف مع الدنمارك في الفترة ما بين ١٣٨٠ لغاية ١٨١٤ كما اتحدت أيضا مع السويد من عام ١٨١٤ وحتى عام ١٩٠٥ ثم صارت مستقلة وجعلت المملكة من المدينة الغيداء عاصمة لها. ارتفع شأن المدينة وتطورت إلى مركز تجاري، إداري، اقتصادي وعسكري هام للغاية وكانت الملاحة هي إحدى العوامل الرئيسة التي اتاحت لها التطور المستمر بين العواصم الأوروبيّة.

أوسلو مدينة ساحرة، غيداء الشمال جديرة بزيارة لكل من أحبّ الجمال، الطبيعة والوجه الحسن!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق