سلايدرسياسة

العالم يمنح السودان شهادة التعافي من العزلة

محجوب الخليفة

يخطئ من يقرأ مؤتمر شركاء السودان الذي جرت وقائعه أمس بمشاركة فاعلة لأكثر من أربعين دولة علي أنه مؤتمر للمانحين أو أنه النموذج المدني للتسول على موائد المانحين بطريقة مغايرة لما كانت تمارسه اﻷنظمة السابقة، قلت لا يمكن أن تكون رؤية من ذهب بقراءته للمؤتمر على ذاك النحو صحيحة لعدة أسباب منطقية إذ لا يعقل أن تظل قراءتنا متخلفة عن ركب التحول الذي يجري اﻵن من ترتيب لاستعادة السودان لعافيته بالتخلص من كل العقبات والعوائق التي جعلته حبيسا لعقود وقيدته ثم جعلت صورته مشوهة في مخيلة دول العالم أجمع.

لا يعقل أن نقرأ المؤتمر علي أنه توافق دولي لمساعدة السودان وتصحيح مساره الاقتصادي وإنما الصحيح أن نري  المؤتمر كإجماع عالمي واتفاق بين دول العالم علي منح السودان شهادة التعافي من أخطر الأمراض، فالأمر ليس كما يظن البعض مليارات من الدولارات وملايين من اليوروهات ولكن اﻷمر في حقيقته قناعة دولية بحقيقة التحول واقتناع تام بنجاح الثورة وإعلان موقف عالمي للشراكة الكاملة مع دولة ذات مجد تستفيق من جديد وتنهض بعد سنوات طويلة من اﻷمراض المزمنة، وليس مهما عقد المقارنات بين ارقام الملايين او المليارات الممنوحة او الديون المعفاة وإنما المهم التركيز علي الحرص والإرادة القوية والاهتمام العظيم لدول العالم بما يجري في السودان من ثورة راغبة في اقتلاع كل اساليب الفساد السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي واعتماد الشراكة الإيجابية النظيفة في كافة اﻷنشطة بلا استثناء.

مؤتمر برلين شهادة من دول العالم لسودان يجتهد في تحقيق التحول الديمقراطي وإنجاز الحكم المدني وتأسيس دولة ناهضة بالعلم والعدل والسلام والحقوق المتساوية، دولة المواطنة والهوية السودانية الواحدة، ولطالما أنها تراهن علي فكر وإبداع الشباب والأجيال التي لم تتلوث بجرثومة العنصرية والطائفية والقبلية، بل تعتمد علي العلم والتكنولوجيا والقناعات الراسخة بأن لا مستحيل تحت الشمس.

لم تعد الرؤية للواقع واضحة لمن يحتفظون بنظارات سميكة ملطخة بأدران عهود الظلام أو يحتكمون لعقول ظاهرة مازالت اسيرة ﻷوهام راسخة في عقلها الباطن والذي يدين بالولاء الخفي لمرجعيات العهود المقتلعة.

المرحلة اﻵن مرحلة أصحاب النظر الحاد والتقييم المحايد والقراءة المجردة من الهوى والغرض والحسد.

ولذا نجدد القول بأن مؤتمر برلين ليس عطايا ومنح وتسول او تعاطف من المانحين وإنما هو شهادة عالمية تحدث عن تعافي السودان وتخلصه من امراضه وأوجاعه المزمنة ليكون بهذه الشهادة مؤهلا للشراكة والمشاركة كدولة فاعلة في كل انشطة العالم المعاصر يبني واقعا جديدا ويؤسس لمستقبل مشرق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق