سلايدرسياسة

دارفور مشاهد وشواهد (1)

محمدالمنتصر حديدالسراج

بدءا كنت أود مواصلة موضوع الدراسة السوسيولوجية للأحزاب، ولكن الأحداث المتسارعة فى السودان- (ما حدث في نيرتتى وبعدها في كتم وفتابرنو وربما ما سيحدث بعد ذلك فى مواقع أخرى) – تفرض التفاعل معها خاصة وأنها تقع فى جغرافية لها محبة ومودة في نفس الكاتب لمعرفته بها معايشة وقد جال بين ربوعها لسنوات ممتدة بين منتصف الثمانينات في القرن الماضي والى العشرية الاولى وبعض الثانية من القرن الحالي.

وقد كنت هناك إعلاميا منتدبا من التلفزيون القومي ثم ضابطا للإعلام فى هيئة تنمية غرب السافانا في الرئاسة بنيالا ثم مشرفا على شؤون الولايات(الغربية)بالمركز الوطني للإعلام الإنمائي والاتصال السكاني المتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ثم ناشطا فى حقل الدعوة والاعلام عاملا مع المركز العالمي للدراسات الدعوية والتدريب.

ولعهد متطاول كنت أحدث من أعرف بأن غرب السودان عموما ودارفور خاصة تشابه دور الغرب الأمريكي عندما تحركت الولايات المتحدة فى باكر تاريخها واستكشفت غربها بكل ما فيه من ثراء فى ظاهر الارض وباطنها ومثل ذلك انطلاقة عملاقة فى قوة الدولة الامريكية.

فى الجزء استعير كلمات للأستاذ الدكتور سيد احمد العقيد من كتابه (دارفور والحق المر) -الماضي-الحاضر-المستقبل.

يقول: لقد كانت دارفور وستظل إحدى ثلاث مناطق مفصلية فى تاريخ السودان الوسيط والحديث والمعاصر، وتعتبر ايضا من أغنى المناطق تاريخا وثقافة وأرضا وإنسانا وعطاء وموضوعا وواقعا. سواء من الناحية السياسية او الاجتماعية او الاقتصادية او الثقافية او من الوجهة التاريخية والروحية والعرقية.

كما انها تعتبر من المناطق الواعدة اقتصاديا واجتماعيا بالرغم من ظلام الحاضر وضبابية رؤية المستقبل، فهي منطقة مفصلية من الناحية الموضوعية، ومن وجهة النظر التاريخية لأنها شكلت بوتقة انصهار عرقي وثقافي وروحي واجتماعي يرجع مداها الى أزمان سحيقة. وقد ظلت دارفور حاضنة ومفخرة لهذا الانصهار على نار هادئة وبدفء حنون لمدة تربو على الخمسة قرون من الزمان وهي فترة بكل المقاييس ليست بالقصيرة من تاريخ الامم. ولقد ظلت دارفور باستمرار تشكل منطقة تمازج عرقي وحراك ثقافي وسياسي واجتماعي متنام، وتداخل اقتصادي عبر التاريخ، كما كانت نقطة التقاء وتحول خطير فى تاريخ المنطقة سياسيا واجتماعيا وروحيا وفكريا واقتصاديا، فقد ضمت دارفور بين حناياها أعراق متعددة، عربية وزنجية منذ القدم. وتعتبر دارفور من الناحية الحضارية من المناطق المفصلية الخطيرة والمهمة فى بنية السودان الحديث باعتبارها إحدى الحاضنات الرئيسيات لمكونات هويته الحضارية والثقافية والاجتماعية.

وأول عهد الكاتب بدارفور كان تغطية مؤتمر أمن دارفور المنعقد فى 1988 أو86 إبان الديمقراطية الثالثة وقد حضره عضو مجلس رأس الدولة على حسن تاج الدين ورئيس الوزراء الصادق المهدى وكان حينها د. عبد النبي على أحمد حاكما في اقليم دارفور، وهو زوج الزميلة بالتلفزيون الاستاذة فاطمة سليمان. انعقد المؤتمر في حاضرة الاقليم مدينة الفاشر وناقش مستجدات الامن في الاقليم، وعند خواتيم المؤتمر طالب حاكم الاقليم وفد المركز ان يبقى وفد التلفزيون لفترة حتى يغطى كثيرا من اوجه الحياة في دارفور لأنها بعيدة من اجهزة الاعلام وتحتاج للتعريف بها جغرافية وإنسانا ومواردا، وكان ان مكثنا في ضيافة الاقليم لمدة 40يوما ذهبنا فيها شمالا حتى مليط وجنوبا الى نيالا ثم غربا الى الجنينة دار اندوكة دار مساليت ومرورا بكاس وجبل مرة الذى تجولنا خلاله لمدة أسبوعين تقريبا في كاس وطور وقلول ونيرتتى ومرتجلو وتارا وطرة الجامع وبرنجية والموية الحامية وساورا وبلدونق حتى الضريبة قمة جبل مرة ونزولا الى زالنجى ومرورا بكتم وكبكابية وهبيلة حتى الجنينة وتلك المعالم الراسخة في وادى طويلة وجبال أوم وكاورا ووادى برلى وكجا وأزوم، طبيعة خلابة وثراء وسماحة في الارض والبشر،…ولكن!

نواصل في الحلقة الثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق