آراء

أجراس المدائن

واو ود البان ورحمة حمدوك

عاصم البلال الطيب

عيار ود البان

طريق وعر شبه صحراوي تحفه تلال من الرمال شقت بينها إطارات سيارات الدفع اليدوي كلاسيكية الصنعة مجارٍ طرقٍ متناثرةٍ لا يقطعها ويطويها إلا سائق حذق يماثل رماة الحدق ، كان هذا حال طريق الخرطوم أم ضوابان في قديم الزمان وسابق الأيام، ربما تشارف مسافته وتقارب خمسين كيلومترا تستغرق لقطعها ساعتين بأحدث موديلات ذاك الزمن شريطة أن يكون السائق ماهرا، ولطبيعة بيئة الطريق ولعدم شيوع التكييف بين موديلات تلك الايام، تشرع نوافذ السيارة للتهوية فتتسلل عبرها الأغبرة العالقة وتلك القائمة من تحت مداس السيارات فيتعفر الركاب المتنقلين بين المدينتين الكبيرة والصغيرة باتجاه الشرق، ركاب شتى من رموز البلد الكبير الصلاح فى سيماهم، إلا الكبير ابن أم ضوابان ود البان من لا يتعفر قاطعا الطريق جيئة وذهاباً، يصل ولكأنما زيه الأبيض الناصع بعمامته المميزة توا من المصنع مستلم، قطع ود البان هذا الطريق الشاق فبل تعبيده آلاف المرات متأبطا مقالته الراتبة لصحف ذلك الزمن ولقرائها من ينتظرونها بشوق، ود البان عاصرته ملتزما بالمهنة وبآدابها بل أسس لمدرسة بصمتها وختمها عيار ود البان.

ابن أم ضوابان

رحمة عبدة، فتى صحفي يبرع في تقديم قوالب المهنة وأشكالها وكذا فى تلقيها، يتوافر على روح قارئة، ليست قارئة لفنجان نزار إنما لكفوف الناس رمز البذل والعطاء والنماء والحكم والمعارضة، وقعت فى يديه مصادفة بعد طول عدم مواقعة نسخة من صحفنا الورقية بعد توقفها القسري فتلمس ضعفها وبؤسها التحريري وظن بالكورونا الظنون، ولولا طالت غيبته لأدرك أن الكورونا مما ظن براء، فساق في صحيفتنا نقداً مهنيا اطمأننت بعده على الخيرية في شبابنا، لم تمت الصحافة الورقية ولكن ماتت المهنية والروح الصحفية المولعة والشغوفة والمتطلعة لتقديم الأفضل، ذات سنوات خلت، عاصرت واحدا من افذاذ كتابة الاستراحة بالصحف، ابن أم ضوابان ، الراحل ابن البان، سليل الصالحين، كان كاتبا راتبا متخصصا وآخرين بالاسم فى تحرير الاستراحات والنوافذ بالصحف التي لم تمت وتنطفئ جذوتها ولكن تلاشي من يقدرون على تحريرها بسلاسة وليس تدبيجها بغلاظة وجلافة استسهالا، ذات نافذة لابن البان سلمني إياها بوصفي سكرتيرا لتحرير  صحيفة من صحف الثمانين، نافذته مكتوبة بعناية وموضوعة داخل فائل يتأبطها بنتا من بنات أفكاره، يحملها بعربته الخاصة من ام ضوابان للخرطوم خصيصا ثم يعود ادراجه، أعددنا نافذته للنشر فى يومها المعهود الراتب وقبل الدفع بها للطبع فوجئنا بالعظيم ابن البان أمامنا على غير عادته منزعجا وقد عاد مسابقا الزمن من أم ضوابان لمقر الصحيفة بالخرطوم ليلحق بنافذته بنت فكره ليضيف لها واواً سقط عنها سهوا ولم يرض لبنت فكره الظهور في غير زي قشيب لأجل عيني متلقٍ كيس فطن، تصور يا عزيزي رحمة لو كل محرر تحلى بذات عطائية هذا الفخيم ابن البان من أعظم من دونوا الاستراحات وملأوا بها الأسافير قبل بزوغ تقنيتها التي لو ادركها ابن البان لعقلها بعد جنها ، لو تحلى وسطنا الصحفي والإعلامي لنهضت من سبات غفوتها ووهدتها وسائل إعلامنا ولتمكنت صحفنا من تعديل طبائعها لتواكب  الإعلام الإسفيري وبعراقتها يعلو كعبها علي كل ما عداها، ليست كورونا وحدها ولا الفشل المتوارث في إدارة الدولة السبب الرئيس لضعف صحفنا وإعلامنا ومرحلة علوها فى تدنى الوضعية العامة  للدولة المسئولة  الصحف عن انتشالها بعمل تحريري مكتمل وبروح وطنية سامية وحاضرة فى كل الحالات، ويؤسفنا يا رحمة أن الصحف ووسائل الإعلام  جزء من المشكل إن لم تكن الجل والكل بتغذيتها لكل أسباب الفرقة والشتات وتحولها لمعقل ووكر سوق نخاسة يجتذب كل المكونات السياسية والمجتمعية لتدور كلها ببغاء في دوائر البغي.

ألسنة حداد

رئيس الوزراء عبدالله حمدوك اطلق يا رحمة أهم رسائله فى مؤتمره الصحفي للإعلان عن الولاة المدنيين إعلانا عقد المشهد والصبر والأناة كانت الخطوة الأوفق لتجنب هذه الهرجلة والدعوة لهيكلة اي بالسوداني فرتكة قوى إعلان الحرية والتغيير، حمدوك انتبه متأخرا وهذا أفضل من عدم التفاتته مطلقا لعبث الأسافير تحت غطاء ثوري بالسوية والروح السودانية، ما كان عليه الانتظار حتي يدخل الاسافرة مكتبه ومن ثم بيته ليتحدثوا عن إدارته لشؤون البلاد والعباد بشللية مزرعة وكوتشينة، ما كان علي رمز الثورة أن يسكت عن حملات  استهداف انتظمت البلاد ونالت من العباد شيطنة وتسفيها واغتيالا معنوياً للشخصيات ولاحقتها داخل عقر دارها بالنيل من محارمها بسبب خصومات سياسية، فصوتها كان عند المبتدأ جدا مسموعاً، لا ينبغي النيل حتى من متهم بفساد باستهداف آل بيته وعشيرته ولئن تمت إدانته فلا تزر وازرة وزر أخرى، انتبه حمدوك متأخرا أن من يتم اختياره لشغل منصب عام يفكر ألف مرة مما قد يطاله يوما في بلد لم يستقر سكانها على مشهد يدوم حتى حين يطول على مواطنة تجمعهم قابلة للتعديل لحركية الحياة بالتغير والتبدل، علي الدكتور حمدوك أن يبادر لإطلاق حملات مضادة لحملات الاسافرة الخطرة على اللحمة السودانية، أعجبني رفضا لوكيل أول وزارة الإعلام لاتهامهم بشيطنة الآخرين ،خبير إعلامي استحسن تصريح الأستاذ الرشيد سعيد ظانا فيه علو كعب مصداقيته الفطرية والمدعمة والمعززة بمصداقية مجتمع أوروبي مشهود عاش فيه عقود، الخبير يؤكد ان سعيد يعني ما يقول، وليته، وكيل أول الوزارة يقود حملة باسم رمز الثورة الحاكمة لتنقية وتصفية النفوس مما علق بها من أدران وشوائب أسوأ ما تبدت في الأسافير، المجتمع ينهض بروح التصالح والتسامح والحسم والحزم للمخالف للروح العامة النابذة لكل ما هو إنساني وسوداني، ولأن الأيام دول والتاريخ أقوى إنباء، على قادة المرحلة استغلال روح التأييد قبل انحسار ربما بطبيعة الأشياء والحياة محتوم ويسارعوا بدعوة منصات وسائل الإعلام مخالفتهم قبل موافقتهم لبناء دولة معافاة فيها براح لتكريم كل من يترجل لا بألسنة حداد يُسلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق