سياسة

كثر الكلام عن اسرائيل والتطبيع

شوقي بدري

تصريح الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية، والذي تم نفيه أكد اننا شعب متخبط لا يعرف ما يعمل. هذا سفير ودبلوماسي ماذا كان سيحدث إذا كان شخصا غير متعلم او متمرس. كيف صار سفيرا. هل هنالك سفير خلاء مثل جنرالات الخلاء؟ تصور

اقتباس   

قبل فترة وجيزة رفض وزير الصحة الإسرائيلي مصافحة وزيره أوربية فى فرنسا، واصيبت الوزيرة والجميع بالدهشة. لأنهم كانوا يحسبون ان هذا الامر ينحصر فقط على المسلمين. ولقد ناقشني بعض الأخوة السودانيين، واكتشفت ان الأغلبية الساحقة من المسلمين لا يعرفون أي شيء عن اليهودية.

المتطرفون في اسرائيل لا يؤمنون بدولة اسرائيل الحالية ويقولون بالمفتوح انها نوع من الكفر لان دولة اسرائيل يبنيها المسيح بعد عودته. وقبل أكثر من ربع قرن كان الشباب في اسرائيل يسخرون من المتشددين وكانت هنالك اغنيه شعبيه تقول، المسيح قد تأخر لأنه تعرض لحادث سير. والشباب اليوم في اسرائيل لا يهمهم ما حدث لليهود والمحرقة في المانيا. ويقولون بالمفتوح دعونا نعيش ونترك الحرب. وانا متأكد من ا ن اسرائيل في يوم من الايام ستذوب في المحيط التى هى فية. انه موضوع وقت.

أربع زوجات، وخمسه صلوات، هذه اشياء وجدت في الديانة اليهودية قبل الاسلام ولا يزال بعض المتشددين يرفضون الانصياع لأوامر الدولة والاكتفاء بزوجه واحده. ويدخلون السجن لأنه حسب الشريعة اليهودية ان الانسان لا يغير شرع الله.

هذا الموضوع كتبته من قبل وقد يساعد في تفهم بعض الامور

ذكريات اسرائيل

تحت بوست بعنوان… شوقي بدري ينضم الى زفة عمرو خالد والدعاية لإسرائيل دون ان يدري… للكاتب محسن الفكي. بالسؤال عن عمرو خالد عرفت البارحة انه داعية اسلامي. وقالوا لي انه يدعو للوسطية.

انا انضممت الى زفات كثيرة في امدرمان. كان الناس فيها يركبون عربات الكارو. ويهتفون الفن لمين؟ …للخياطين. ويرد كارو آخر الفن لمين؟ للبنّايين، او للنجارين.

انا لم انضم لاي حزب او تنظيم او زفة. ولا اعرف عمرو خالد حتى ينضم اليه شوقي بدري. المشكلة ان الكاتب اقتبس من كتاب حكاوي امدرمان الجملة الاتية.

(تحريم اكل الخنزير فرض على اليهود اولا عندما خرجوا هاربين من رمسيس الثاني في صحراء سيناء ولان لحم الخنزير يفسد بسرعة. وقد مرض ومات بعض من اكلوه على عكس لحم الغنم والضأن.)

المذكور ان الكتاب نشر في سنة 2009 وقد صمم الغلاف الفنان سامر محمود.

الكتاب كتب في منتصف التسعينات. ونشر من قبل بكثير من الغلطات. الكتاب الذي نشر في سنة 2009 انا لم اقرأه. والفنان سامر محمود له جزيل الشكر. ولكن لم اعرف انه قد صمم الغلاف. ولم اشاهد الكتاب ولم اعلم انه قد اعيد طبعه الا اخيرا. والنسخة التي وصلتني ابتاعها الاخ خالد الحاج (سودانيات) من الخرطوم وارسلها لي.

ولمن انتقد التبويب والالوان والشكل. انا ليس لي اي صلة بهذه الاشياء. ولمن اصابه الندم على شراء الكتاب، انا ليس لي اية صلة بالكتاب او طباعته او بيعه.

في الكتاب فصل افردته ليهود السودان، وزيارة اسرائيل. وحول هذه الزيارة نسجت قصص ومواويل ومقالات عن ذهاب شوقي بدري لإسرائيل، ومقابلته للجالية السودانية هنالك واهتمامهم به. واشياء لا يعلم بها الا الله.

انا ذكرت بأنني قابلت يهودي يمني وفرح عندما عرف بأنني سوداني. وحذرني من اكل الاشخناس (الاوربيين). وان اكله يمني. وفرجني على الحلل والقدور المليئة بالمرق اليمني والطبيخ. وافهمني بأنني يمكن ان آتي في اي وقت وآكل بدون ان ادفع. وكتبت انا، هذا الكرم لم استمتع به.. والمطعم مطعم شعبي بسيط في حي تكفة الشعبي.

انا لم اقابل اي سوداني يهودي في اسرائيل ولم اذكر هذا ابدا. ولكن ذكرت ان عجائز اليهود كانوا يتكلمون عن طول المقاتلين السودانيين وشجاعتهم ومعاملتهم الجيدة للأسرى اليهود، خاصة أسرى القدس. والجنود السودانيون كانوا منضبطين. ولكن العرب في بعض الاحيان ينتقمون من الاسرى اليهود.

وكلما اذكر السودان في اسرائيل. يذكر العم قوان الذي كان من اثرياء السودان. وصديقا وزميل تجارة لكثير من السودانيين الذين كانوا ينزلون في فندقه. وهو هيلتون جنيف في سويسرا. ولقد نزلت انا في هذا الفندق في الثمانينات.

أحد المهووسين كتب قبل ايام في سودانيز اون لاين المنبر العام ان شوقي بدري ذهب الى اسرائيل وكان ضيفا على نتنياهو. نتنياهو ده خدرجي. ولا عربجي. ايه البلمو مع شوقي بدري؟

في التسعينات كان هنالك مواضيع سخيفة وادعاءات بأن نتنياهو سوداني. ولقد فندت انا تلك الهلاويس وقلت ان نتنياهو امريكي وهو شقيق يوناتان نتنياهو وهم من شيكاغو. ولقد كرمت شيكاغو ابنها يوناتان نتنياهو بإقامة ضريح في غاية الجمال.

يوناتان نتنياهو كان على رأس فريق الكوماندورز الذين خلصوا الركاب المخطوفين من الطائرة التي اخذها الالمان الموالين للفلسطينيين الى يوغندا. وبعد ان نجحت العملية كان يوناتان يقف امام باب طائرة الهيركوليز مخاطرا بحياته كقائد حتى يركب آخر جندي. واصابه جندي يوغندي من برج المراقبة في المطار برصاصة اودت بحياته.

يوناتان كان من منظمة ماسكال وتعرف ب 101. اعضائها من الضباط الممتازين وهم 101 ضابطا. وكلهم متطرفون يمينيون ولا يخلون من نظرة فاشية. وهم فقط من الضباط (الاشخناس) ولا يدخلون الضباط الشرقيين في هذه المنظمة.

مفاز وزير الدفاع انضم الى هذه المجموعة بطريقة استثنائية، لأنه كان مساعد يوناتان نتنياهو في عملية استخلاص الرهائن. واصله الشرقي لم يكن يسمح له بدخول المنظمة.

ويوناتان نتنياهو لم يكن ليدخل تلك المنظمة، ولم يكن من أصل أمريكي (غربي)

الايرانيون لا ينظر لهم في اسرائيل كمحاربين. بل يعاملون كتجار او محبين للمال. والجندية تعني الكثير في اسرائيل. وعندما يشتم الاسرائيلي رجلا ويصفه بالبخل لا يمكن ان يقول له يا يهودي. لان الكل يهود، بل يقول له يا ايراني. لان الايرانيين في اسرائيل اشتهروا بحب المال والبخل.

من تلك المنظمة موشي ديان وزير الدفاع السابق. وهو اوروبي الاصل مولود في فلسطين. فقد عينه في الحدود السورية عندما انعكس ضوء على زجاج منظاره العسكري. واصاب جندي سوري المنظار الذي انغرز في عينه. ومنهم الرجل الكريه شارون الذي سمح للمسيحيين العرب بذبح الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا. وهو روسي الاصل اتى من امريكا لإسرائيل. وهنالك مردخاي قور وآخرين. وهذه منظمة مكروهة من الاشتراكيين واليهود المعتدلين. يظهر للبعض أن كل الإسرائيليين يفكرون بطريقة واحدة وهذا خطأ.

ذهابي لإسرائيل كنت اريد ان اعرف كيف تمكن اليهود الذين لا تجمعهم حتى لغة مشتركة في ان يعيشوا مع بعضهم البعض. بينما فشلنا نحن في السودان. وآخر زيارة كانت بدعوة من الاخ يحيل فتوة حي تكفة في تل أبيب بمناسبة زواج بنتيه التوائم. وشقيقه قابي الاصغر من ألطف واعقل وأكرم البشر الذين قابلتهم. ولقد زاملته لسنين عديدة في كوبنهاجن. وكان صديقا لصيقا لفارس امدرمان الريح البلولة رحمة الله عليه.

اما الاخ الاكبر داني ميلاميد فهو صاحب (اقوى راس في العالم). وعلى عكس قابي لا يقتنع ابدا. ولكنه يكره المتدينيين اليهود والمتشددين. ولقد اشترك في حرب 56 و67 و73. والدتهم اليمنية، والتي تتكلم بلهجة يمنية شرعبية، كنت أجد صعوبة في فهمها. وكان داني في بعض الاحيان يترجم لي بعربي فلسطين. السيدة، مازال، كانت فراشة (شغالة) الرئيس بنغوريون في مكتبه. وعرفت بانها كانت تصرخ في وجهه. لأنه كان لا يهتم بالنظافة والانضباط. وكان يحترمها. واليهود اليمنيون من تعس قد يغضبون لأن أحدهم قد زوج ابنته ليهودي من صنعاء، ويتهمون الصنعانيين بأنهم متغطرسون لأنهم من العاصمة.

وكان ابن عمتهم اللواء طوبيا قولان مسؤول امن المناطق المحتلة في التسعينات يتواجد دائما في منزل يحيل في ايام الفرح التي امتدت لأسبوع. ويحيل كان لا يتحدث معه لان زوجته اوروبية (بولندية) وكانت المدعي العام بتل ابيب. واثنين من اصدقاء يحيل قد حكم عليهم بأحكام سجن طويلة بتهمة القتل. ويحيل نفسه حكم عليه بعد فترة قصيرة من زواج بنتيه بعشرة سنين سجن. لأنه ادخل مدفع اوزي في مؤخرة شخص وأطلق النار. وبعد خروجه من السجن في اجازة بعد قضاء خمسة سنين، كرر نفس العملية مع نفس الشخص حيث أنه لم يمت في المرة الأولى.

يحيل كان ككثير من اليهود اليمنيين يكره اليهود الاشخناس والمغاربة. فحسب رايه ان كثير من اولاد المغاربة يبيعون اجسادهم للعرب. فوالدتهم ووالدهم حضروا من اليمن. وكانوا وابنائهم يعيشون بالعقلية اليمنية. ولا يتقبلون ابدا عمل بنات المغاربة اليهود في البارات او الهوتيلات.

يحيل ذهب للسجن عدة مرات. احدى المرات كانت بسبب الاعتداء بالضرب على شاب يهودي صغير السن يسكن في منطقتهم. بالسؤال قال لي هذا كوكسنيل. يسحب الاولاد للعرب. وعرفت ان كوكسنيل تعني مخنث.

القاضي لم يجد عذرا ليحيل. وحكموا عليه بالسجن. لان اسرائيل بلد ديمقراطي ويحق للناس ان يفعلوا ما يريدون. ولكن يحيل كان يعيش بالعقلية اليمنية.

عندما كان دانيال في المطار. تعداه جندي نرويجي من قوات حفظ السلام وحدثت مشادة وضرب النرويجي دانيال. فقفز يحيل وضرب النرويجي برأسه وطرحه ارضا. يحيل كان يقول ان القاضي كان منحازا للأوروبي لأننا يمنيون.

وقال القاضي يجب ان تحترموا الجندي فهو نرويجي. فقال داني وانا كمان سويدي فقال القاضي مستهزئا.. انت يمني وستظل يمنيا.

وهذه الاحتكاكات والمشاكل هي التي كنت اريد ان احسها وان اعيشها في المجتمع الاسرائيلي. فحي تكفة هو حي أقدم من تل ابيب. وهو حي شعبي بمعنى الكلمة. ويفصله عن حي يادي الياو (يد سيدنا الخضر) شارع واحد. ولكن الفرق بين الحيين كبير جدا. وفي هذا الشارع كنا نقف مع شاويشة بوليس وهي قريبة داني. وظهر اثنين من الشباب من اقرباء داني. سلموا علينا وتجنبوا النظر الى الشاويشة. وعرفت فيما بعد من دانيال انهم مروجي مخدرات. ولكنهم لا يروجون المخدرات في حي تكفة. ولكن يادي الياو تعتبر بالنسبة لهم كوكب آخر. ولا يحسون بالتعاطف معهم.

مشكلة المخدرات مشكلة كبيرة جدا في اسرائيل. والكل كانوا يقولون انها بدأت بعد غزو لبنان. واحتلال اسرائيل لجنوب لبنان. ومن هنالك تدفقت المخدرات. واللبنانيون شطار في التجارة. وامتلأت اسرائيل بالمخدرات للاستهلاك المحلي او للتصدير لأوروبا ولبقية العالم. وبما ان كل جندي اسرائيلي يزود بثلاثة خزن للرشاش فكانت خزنتين يمتلئن بالمخدرات في حالة الرجوع الى اسرائيل. هذا زائدا الكميات الكبيرة التي أعتقل بسببها بعض كبار الضباط. والبعض كان يجد عذرا للشباب المجند ويقولون، لكي يتزوج الانسان ويتحصل على شقة يجب أن ينتظر لعشرة سنوات على الأقل. ولهذا هرّب بعض المجندين المخدرات. وإحدى اسباب الانسحاب الاسرائيلي من لبنان هي مشكلة المخدرات. والانفلات الذي حدث للجنود الإسرائيليين. وطبعا هنالك أسباب أخرى.

في الفترة التي كنت هنالك ظهرت الى السطح مشكلة الاطفال اليمنيين الذين كبروا. واكتشفوا ان شكلهم يختلف عن اهلهم الالمان او السويسريين او الانجليز. فلأن بنغوريون كان يقول بأنه يحلم باليوم الذي يكون فيه أحد اليمنيين طيارا او جنرالا. فلقد اعطي بعض اطفال اليمنيين ليهود اوربيين فقدوا ابنائهم في المحرقة او لظروف اخرى. وكان عند اليمنيين الاميين كثيرا من الاطفال. وزعموا لهم ان اطفالهم قد ماتوا عندما أدخلوهم المستشفيات او المعسكرات. والمجتمع الاسرائيلي كأي مجتمع آخر له مشاكله. ومشاكلهم وتحدياتهم أكبر من مشاكلنا. ولكنهم يسيطرون عليها.

أكبر مشكلة تواجه اسرائيل هي التطرف الديني الذي يصعب كبحه. والاسلام دين تسامح. وأعني الاسلام الحقيقي. ولكن اليهودية دين متشدد. فبينما نحن قريبين من حائط المبكى وهو مباشرة تحت المسجد الاقصى. هجم مجموعة من الجنود الغاضبون على سويدي وهو زوج داليت ابنة داني من ام سويدية وتوأمها هو ديكل، ولم يوقفهم الا صراخ داني والكلمة الوحيدة التي فهمتها كلمة (بعل) طبعا تعني زوج. وكان يقول لهم هذا زوج ابنتي. السبب ان الخواجة كان يرتدي شورت وتي شيرت. وبالنسبة لهم كان هذا يماثل كونه عاريا. ثم اتوا له بإسكيرت يصل الى كعبيه وغطاء آخر يغطي جسمه الاعلى وهذا الزي يتوفر في كل الاماكن الدينية في اسرائيل زائدا الطاقية (كيبة). وبعد خطوات اخرجت انا الكاميرا والتقطت بعض الصور. وبدأ الجميع في الصراخ …شبات ….شبات….شبات. وتعني يوم السبت او يوم الاجازة والصلاة. 

يحرم استعمال سيارة او اشعال نار او ركوب بص او طائرة او قطار او حلب بقرة والقائمة تطول. وشاهدت سيارة قد هشم زجاجها لان صاحبها اليهودي قد ساقه حظه العاثر الى أحد احياء اليهود المتدينين في يوم سبت. وموشى ديان وزير الدفاع السابق كان يقول (في إمكاني أن أحارب العرب وانتصر عليهم، ولكن الانتصار على اليهود المتشددين مستحيل. وهم الذين قتلوا الرئيس رابين الاشتراكي، موقّع السلام مع ياسر عرفات.

اغلبية اهل اسرائيل يعانون من التشدد الديني الذي يمكن ان يشل البلاد. فليس من المعقول ان تزرع الارض سبعة سنوات ثم تتركها لمدة سنة حسب الشريعة اليهودية. واليهود يتحايلون بان يأتوا بمسلم ويوقع على عقد شراء وبعد دقائق على عقد بيع للأرض. ويعطونه مبلغا من المال.

كلما تشاهد سيارة شيفرولية او سيارة امريكية كبيرة يقول الناس… دا عربي. والعرب في اسرائيل اشطر من اليهود في التجارة الصغيرة. ويسيطرون على سوق اللحوم والخضار وجزء كبير جدا من سوق السمك. فاليهود لا يأكلون اي سمك بدون قشور، او الاسماك التي تعيش في القاع، وهذه تترك للعرب. صديقنا عبد الله الفلسطيني (المعروف بالسوداني بسبب لونه) والذي كان يعيش في كوبنهاجن من قبل، صار ثريا من تجارة الأسماك. وشقيقه أمام جامع حيفا، التي كانت ترى بالعين المجردة بعيدا من تل أبيب واليوم قد اتصلت بتل ابيب.

واليهود لا يتعاملون كأسر بل كأفراد. والعرب يسيطرون على التجارة عن طريق ابن الخال وابن العم وابن الاخت. واليهودي يقضي ثلاثة سنوات ونصف من حياته في الخدمة العسكرية وشهرين من كل سنة. بينما الشاب العربي يكون نفسه ويعمل بتواصل. وكثير من العرب في اسرائيل يقولون ان وضعهم الاقتصادي والتعليمي والصحي لا يقارن بالدول العربية، وانه ليس في امكان اي رجل بوليس ان يتطاول عليهم. ولكن طبعا ليسوا هم براضين عن التفرقة التي تقع عليهم. والالم لضياع وطنهم. ولكن وضعهم الاقتصادي لا غبار عليه.

لا تزال هنالك فوارق عرقية بين اليهود. داني قال لي انه كان في اجازة الخدمة العسكرية وذهب الى منزل صديقه اليهودي الالماني. والمنزل فاخر في حي راماد قان الغني حيث البورصة والاغنياء. واراد والد صديقه ان يطرده. فقال الشاب لوالده، ان صديقي أحسن منك لان منزله مفتوح بالنسبة لي، واكلهم اطيب من اكلنا، وانت الذي تعرض للاضطهاد في ألمانيا تضطهد الآخرين. ولا يزال الانسان يحس بهذه الفوارق حتى وسط اليهود.

في اسرائيل كنت اقول بالمكشوف وبصوت عال وامام ضباط كبار، بانه ليس هنالك امة اسمها اليهود. وان الامة هي مجموعة تاريخية متماسكة لها لغة مشتركة، تاريخ مشترك، اقتصاد مشترك، تركيبة نفسية مشتركة (شخصية) وارض مشتركة. وكل هذا ينعكس في الثقافة. وان الاشخناس لا يتكلمون العبرية. فبعد احدى السهرات كنا في مطعم في شارع المبي الفاخر في تل ابيب. واتت سيدة مع آخرين وطلبت لخوخ. فضحك عليها رفاقي وقالوا لها اسمه لحوح. وقالوا لها كيف تعيشون في هذه الدولة ولا تعرفون لغتها. واللحوح هي اكلة يمنية صومالية مثل، القراصة. وكنا نريد ان نأكل الاكلة اليمنية سلاتة عبارة عن خبز معطون في بيض ثم يغلي في الزيت ويقدم ساخنا جدا على الفخار..

اليمنيون يبدؤون حفلاتهم بالأغنية اليمنية العربية. جينا نفرح معاكم يا جماعة. ويرقصون الدعسة اليمنية. وليس هنالك ما يجمعهم مع اليهود من باكستان، الذين يأكلون الارز والكري، او الالمان الذين يحبون البطاطس والمقانق.

وكان كثير من اليهود يوافقوني، واحدهم قابي. والذي كان يصرخ في وجه الجميع قائلا. إذا كنت عربيا لحاربتكم ولقاتلتكم لأنكم سرقتم بلدي. وتعاملونني كإنسان من الدرجة الثانية. وتبنون الدولة على الدين وهذا كلام فارغ. والآن تستوردون اليهود من روسيا وتبنون لهم افخر المساكن. وانا وزوجتي الدنماركية وابنتي نسكن في غرفة واحدة في منزل والدتي. وإذا اردت شراء شقة فانا احتاج الى 150 ألف دولار ومرتبي 2000 شيكل (950 دولار).

السيدة مازال والدة داني كانت ترفض قطع شجرة القات الضخمة واضافة مبنى. فالقات لليمني يعني أكثر من السكن. وبالنسبة للسيدة مازال القات يساوى العلاج والتواصل الاجتماعي.

اوودي بطل المصارعة ومدرب فريق المصارعة كان يوافق وينتقد الحرب وصرف المال على التسليح. وكان مجبورا ككل رجال اسرائيل على ان يقفل دكانه لمدة شهرين كل سنة، وهو صائغ، لأداء الخدمة العسكرية. ويفقد زبائنه. وهو يشارف الخمسين من عمره. والده كذلك الذي نشأ في فلسطين كان يحن الى فلسطين القديمة واصدقائه العرب. ويقول بالمفتوح ان المهاجرين الاوربيين هم الذين خلقوا المشكلة. وان دورهم الان هو التضحية بأبنائهم لحماية المصالح الامريكية والاوربية.

نتنياهو مكروه جدا في اسرائيل. فهو الذي مزق فاتورة الضمان الاجتماعي والعلاج المجاني والتعليم. وحول اسرائيل الى مقاطعة امريكية. وجعل كل الاسرائيليين يتحصلون على أكثر من وظيفة. وغير المعادلة. فعندما كان اليمنيون فقط يمثلون 40 % من الإسرائيليين، صاروا الآن اقلية وصار الروس ويهود شرق اوروبا هم الاغلبية. ولم يكن الكثير منهم بيهود حتى. وأضعف سلطة الحستدروت او النقابات. وحارب الكيبوتث وفرض عليها لأول مرة ضرائب، وهي المعسكرات الجماعية ونواة قناة اسرائيل، حيث يعمل الجميع ويقتسمون العائد الزراعي او الصناعي ولا يمتلك الفرد أي شيئا، بل ما يحتاجه وتحتاج اليه أسرته من مأكل ومشرب وملبس وتعليم وعلاج. وسلط على العرب واليهود سوط اقتصاد السوق الأمريكي كما في أمريكا، ورفع يده عن دعم السلع.

اذكر انني كتبت كثيرا عن رفض التطبيع مع اسرائيل لان النظام الموجود الان نظام ديني بغيض، يمارس التفرقة ضد العرب وبين اليهود اشخناس وسفر ديم. ونتنياهو ومجموعته تلعب على مشاعر اليهود وتعزف سيفونية الخوف وتستغل الدين. وما ارتكب في غزة بغض النظر عن حماقة حماس، هو جريمة ضد الانسانية. لا يمكن ان يقبلها اي عاقل. اي كلام غير الذي ذكرته الآن منسوب الى شوقي بدري لا وجود له.

انا ودانيال ميلاميد واسرته نتشارك السكن في مالمو الآن لمدة ما يقارب 40 سنة. وأطلق اسمه على أحد اطفالي. ولا اخشي ولا اخاف من هذه الحقيقة وانا اتعامل معه كإنسان. وهو في شبابه قد تعرض لعملية طرد من الدين اليهودي لانه لم يوافق على كثير من الكلام الفارغ الذي يردده الحاخامات. ولكن شفع له ان شقيق جده الحاخام شرعبي شخص معتقد في اسرائيل، يعلق البعض صورته في منازلهم ويعتقد بعض النساء ان يمكن ان يرزقهم اطفالا. وهذه نفس الخزعبلات التي نعاني منها في السودان.

ولقد مارست الانقاذ في بداية عهدها هوس احضار كل من ادعى الاسلام واسكانه في السودان واعطائه جوازا سودانيا.

مرة اخرى وكما كتبت من قبل إذا كان نتنياهو سودانيا لقالها بالصوت العالي وهذا ما يفعله كل اليهود من أصل سوداني. لان السودان كان بلدا رائعا.

موشي ساسون سفير اسرائيل في مصر والذي كتب كتاب (سبعة سنين في بلاد المصريين) عاش في السودان. واسرته اتت من سوريا مثل كثير من الاسر اليهودية مثل قطان وقرنفلي وآخرين.

السفير الاسرائيلي عندما حيا السيدة كوكب السودانية باحترام وحنية في احدى فنادق القاهرة، هجم عليها الامن المصري بعد ذهابه. وبالسؤال عن صلتها بسفير اسرائيل كان ردها… منو السفير؟ ده ولدي شلتو في صفحتي واتربى مع اولادي. والسيدة كوكب هي والدة زوجة الطيار كسباوي الموجود الآن في نيوزلندا. وهو من خريجي الكلية الحربية في الخمسينات الدفعة العاشرة. واليهود الذين عاشوا في السودان كانوا جزءا من النسيج الاجتماعي. أحبوا السودان وأحبهم السودانيون.

التحية …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق