ثقافة وفن

في الهدف

ود تورشين وهيبة الدولة الغائبة

أبو بكر عابدين

قال رجل حكيم ذات مرة: (الأمة التي تفضل التغيير وهي مستلقية على السرير لن يغيروا لها إلا البامبرز)

* ثورة التغيير عاتية، ثورة التغيير مهرها غال، ثورة التغيير دفعت الثمن أرواحا ودماء ودموعا ومفقودين، ولكن ماهي النتيجة؟

* نقرأ التأريخ بمنهج علمي ونقول بالفم المليان والصوت العال أن الفرق بين مفهوم الثورة والانتفاضة كبير ولو تمعنا المعني لوصلنا الى الحقيقة الغائبة والسؤال الحائر بلا إجابة (لماذا فشلت ثورة أكتوبر وثورة مارس أبريل) وبالطبع لا نريد لثورتنا المجيدة ثورة ديسمبر أن تفشل.

* يبقى السؤال ما الفرق بين الثورة والانتفاضة؟ والإجابة تأتي مباشرة بأن الثورة تغيير جزري برأس واحد أو قيادة واحدة منسجمة تؤدي عملها دون إبطاء، أما الانتفاضة فتقوم بالتغيير ولكنها برؤوس متعددة وأفكار متباينة غير منسجمة ولذا تأتي قراراتها متأخرة بعد اجتماعات ومداولات ومماحكات دون النظر لعامل الزمن في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب ولذا تضيع الفرص وتضيع هيبة السلطة وقوتها في اتخاذ القرار.

* في انتفاضة ( ثورة) أكتوبر ضاع كل شيء بسبب المماحكات والمحاصصات حتى ولدت حكومة أضاعت أهداف الانتفاضة وجاء انقلاب مايو١٩٦٩م وهو يرفع شعارات ثوار أكتوبر فوجد التأييد بيد إنه لم يكن الأداة الحقيقية المؤهلة لتنفيذها وعاث فسادا وإفسادا طيلة ال١٦ عاما فخرج مطرودا بإرادة الجماهير في انتفاضة مارس أبريل المجيدة ولم نعي الدرس جيدا فسرقت الثورة بحكومة انتقالية سلمتها لقيادة لم تكن مؤهلة لحمل أشواق وتطلعات جماهير الانتفاضة في كنس آثار النظام المايوي وسدنته من الإخوان المسلمين الفاسدين ، ولم ترتبط الديمقراطية بالإنجاز في توفير ضرورات الحياة للسواد الأعظم حتى إنهار النظام وسقط تحت أقدام من تساهل وتماهى معهم حتى انقلبوا عليه فجر ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وحكموا البلاد بالسيف والنار طيلة ال٣٠ عاما .

* انتفض الشارع وأسقط النظام الفاسد في ثورة ديسمبر أبريل ولكن وبكل أسف لم نتعظ ولم نقرأ التأريخ جيدا والخوف كل الخوف من تكرار ما حدث بسبب عدم تحول الانتفاضة إلى ثورة وبسبب المماحكات والتساهل مع أزلام وأذناب النظام السابق وعدم القدرة على تفعيل الوثيقة الدستورية والتي تحدثت صراحة ونصت على تفكيك التمكين وطرد كل من دخل المؤسسات الحكومية عن طريق التمكين، ولكن ماذا حدث وقد مرت الأيام والأسابيع والشهور والسنون؟؟

* مازالت عناصر النظام الفاسد متغلغلة في وسائل الإعلام المختلفة وفي وزارة الخارجية والداخلية وكل القوات النظامية ومختلف دواوين الدولة بكل أسف، ولم يجدوا رادعا بل استكانة واستهانة وتهاون وتعايش معهم دون أن نتذكر نصوص الوثيقة الدستورية وفي ظل وجود بعض الوزراء والمسؤولين والذين هم دون مستوى الطموح ولم يدركوا معنى الدماء والأرواح التي مهرت الثورة وطالبت بالتغيير الجزري ولكن ماذا نفعل مع أمثال هؤلاء المستكينين المتساهلين والذين لا يشبهون الثورة ولا الثوار، ويا ليت رئيس مجلس الوزراء يعيد النظر ولا يضيع الزمن!!

* من أمن العقاب أساء الأدب، وهذا هو حالهم وانظروا الى ما يقولونه ويكتبونه بل وخرجوا للشارع محرضين ومخربين دون أن يجدوا من يزجرهم أو يعاقبهم ويجعلهم عظة وعبرة لغيرهم ولكن!!؟

* عنوان مقالي جاء عن شخصية القائد ود تورشين وأقصد به خليفة الصديق عبد الله بن محمد خليفة الإمام المهدي، والذي أقدمه أنموذجا للقائد الذي فرض هيبة دولته وموقعه الرئاسي وذلك عندما حاصرته المؤامرات من أقرب الأقربين وكادت أن تؤدي إلى إنهيار الدولة الوليدة لولا حنكته واتخاذه للقرارات القوية بواسطة محكمة مكونة من ٤٠ قاضيا وكانت العقوبات صارمة قوية جعلت الكل ينصاع صاغرا خائفا من خليفة مهاب.

* كانت عقوبات الإعدام في البداية بالسيف وسرعان ما تحولت الى الإعدام شنقا معلقا في قلب سوق أم درمان (ستة مشانق) ويعلق المجرم لمدة أربعة أيام ليكون عظة وعبرة للخائنين والمجرمين والمتربصين، ويقال إن موقعها (بفريق تقلي) بين سينما أم درمان والسينما الوطنية.

* كتب أحدهم بأن جثامين المجرمين المعلقة في المشانق وسط السوق كانت في فصل الصيف تنتفخ وبعدها يحملها (المساجين) وقد تنفجر الأحشاء على ظهر من يحملها، وعندها وعندما يمر السكان بالسوق يتذكرون هيبة الدولة فلا يحاولون الدخول في مؤامراتهم الخ. طبعا كل الأمنيات أن تكون لنا قيادة تعلق كل المجرمين من الذين قاموا بالانقلاب في يونيو٨٩ ولا تحتاج محاكمتهم وتعليقهم على المشانق الى كل ذلك الوقت ، وكذا المجرمين الذين دفنوا شهداء حركة رمضان أحياء والذين قتلوا دكتور فضل والذين قتلوا المعلم محمد الخير والذين سرقوا ونهبوا وخربوا البلاد ٣٠ عاما ، شخصيا أطالب بنصب المشانق فورا في قلب ميدان أبو جنزير بالخرطوم ، ويقيني لو قامت حكومة الثورة باتخاذ القرارات الصارمة والمحاكمات السريع لا سيما وان الجرائم واضحة والأدلة بائنة ولكن العدالة حتى الآن غائبة ، نفذوا ولن تندموا.

* طبعا لا يمكننا محكمة التأريخ السابق بظروف الراهن بيد إننا نذكر حكامنا بأنهم لو طبقوا القانون بحزم وعزم لما تجرأ أحد من أذناب النظام الفاسد السابق أن يفجر ويسئ ويخرج عن القانون جهارا نهارا بعدما تأكد من ليونة ومرونة ولا نقول ميوعة حكومة الثورة في تنفيذ القانون، وفعلا من أمن العقاب أساء الأدب.

* أخيرا هل نطمع او نطمح في قائد في حنكة وهيبة قائد ومؤسس الدولة المهدية الحقيقي عبد الله بن محمد المسمى الخليفة عبد الله التعايشي رحمه الله وغفر له حارب المنافقين والاستعمار حتى أستشهد في ميدان التحدي للأجنبي الغاصب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق