مجتمع

أمدرمان

حب أهل أمدرمان الخرافي لمدينتهم (1)

شوقى بدرى

احد شوارع امدرمان يحمل اسم الشنقيطي. وهو موريتاني الاصل. و كان قاضيا ثم رئيسا للبرلمان السوداني في عدة دورات. و بالرغم من انه كان من اعداء والدي ابراهيم بدري السياسيين, مثل محمد علي شوقي . الا ان والدي سمى محمد صالح الشنقيطي وسماني انا على محمد علي شوقي.

و بالرغم من عدد اهلنا الهائل من جهة الام و الاب. فلقد صار الشنقيطي وصيا علينا لأننا لم نبلغ سن الرشد. وهذه هي امدرمان.

السيدة عشة موسى احمد و التي عرفت بعشة الفلاتية, كانت سيدة الغناء الاولى وشخصية وطنية كبرى. وشقيقتها جداوية كانت عازفة عود وشخصية امدرمانية مرموقة. و المغني شرحبيل احمدتعود اصوله كذلك الى نيجيريا مثل الشيخ المعتقد و صاحب المسجد مرفعين الفقراء, او قدح الدم. وهؤلاء مفخرة امدرمان.و للفلاتة و الهوسا حي كامل في امدرمان يعرف بفريق فلاتة.

لا يهم في امدرمان اذا كنت من خارج السودان او من داخله. المهم ان تتبع ايقاع المدينة وطريقة حياتها.

حتى الانجليز الذين عاشوا في امدرمان تقبلوا طريقة الحياة الامدرمانية وقدموا لأمدرمان و خلدتهم امدرمان.

اشهر الانجليز في امدرمان هو البيه برمبل. وهنالك حي اسمه حي برمبل شمال حي الرباطاب.. فلقد قدم لأمدرمان وتعب واجتهد وهو الذي انشأ اول منتزه في امدرمان. وهي جنينة برمبل التي صارت كازينو الريفيرا. ولقد وقف برمبل على الحديقة وغرس الاشجار. ولعدم وجود المضخات صنع خورا طويلا يمتد من النهر. وكن يرفع الماء عن طريق الشادوف (النبرو) وكان يوظف المساجين في ادارة النبرو.

وكما عرفت من الاخ الكاتب ابن امدرمان الاستاذ هلال زاهر سرور, فإن فتوة امدرمان الاكبر كبس الجبة كان يعمل في هذا النبرو.

وعرفت كذلك ان برمبل كان يحسن معاملة المساجين. وكان كبس الجبة يتمتع بإهتمام برمبل. وكان العامل في النبرو يعطي كبس فرصة ان يتواصل مع اهل حيه , الذين كانوا يأتون له بالطعام ويتوقفون للونسة.

الحي الذي يواجه كازينو الريفيرا الآن يعرف بفريق ريد. وريد هو المفتش الانجليزي الذي تفاعل مع اهل امدرمان واحبوه و اختلفوا معه خاصة عندما اراد ان يرحل صانعات المريسة و العرقي من الموردة. وكان برمبل قد اعطى صاحبات الانادي قطع كبيرة جنوب حي العرضة وجعل السقف عاليا في المباني, و بفتحات كبيرة. حتى يقاوم خطورة مرض السحائي الذي كان يفتك بالناس خاصة في الزحام. وبرمبل كان يطوف على الانادي ويتذوق المريسة ليتأكد من الجانب الصحي.

المفتش ريد و الذي كان يسير لوحده في الموردة وجد هجوما من اصحاب الاندايات. ففر هاربا امامهن. وقامت الخالة الصبر المشهورة بأم كدوية والتي كانت ضخمة الجسم بإخفائه . ويقال تحت ثوبها وبين رجليها. وكانت فارعة الطول . وعندما كنت اشتري منها الطماطم كانت تشير لكومة الفلوس تحت الشوال. وكنت اضع الفلوس في الكوم . او اضع الشلن او الريال وآخذ الباقي بنفس الطريقة. فالثقة كانت متوفرة بين اهل امدرمان. وكافأها المفتش بإعطائها قطعة ارض و رخصة مدى الحياة لبيع الخضار في سوق الموردة بدون رسوم. وللحاجة الصبر رحمة الله عليها مظلة في شارع الموردة بإسمها . ولقد تبنت كثبعض الاطفال. احدهم صديقنا ولاعب فريق الشاطي المشهور بندر.

وقام المفتش بحل مشكلة اصحاب الاندايات عن طريق الوساطات و الاجاويد.

عندما ساءت العلاقة بين بابكر بدري و المفتش بسبب وشاية ابلغت لبرمبل . لم ينكر بابكر بدري في كتاب حياته انه قال ما قال منتقدا برمبل. وقد قال ان برمبل قد قدم الكثير لأمدرمان. الا انه قد خصى الرجال. لأنه كان يقوم بكل شيء و لا يعطي دورا للآخرين. فرفض برمبل ان يعطي قطعة ارض لبناء مدرسة الاحفاد حانثا بوعده الاول. وحدثت مواجهة وشجار بين الاثنين في مكتب البيه برمبل. وذهب بابكر بدري شاكيا لسكرتير المعارف المستر ونتر, ومدير الخرطوم و انتهى الامر باجاويد امدرمان.و تراجع البيه واعطاهم القطعة التي على شارع الموردة وكانت تخص الحملة وهي احسن موقع في امدرمان.

الحملة كانت المكان الذي تؤخذ له الاغنام و الحمير التي تجيب الطرقات..و لا يطلق سراحها الا بعد دفع غرامة. ومن هنا يأتي المثل السوداني تاني تجي الحملة..والحملة انتقلت الى شمال العرضه..وبعد برمبل صارت الاغنام تجوب امدرمان..خاصة اغنام اشلاق البوليس التي كان يضرب بها المثل. بأنها تنظر شمال ويمين ويمين قبل ان تقطع الظلت..

عندما ذهب المحسن الكبير عبدالمنعم محمد ابن امدرمان و المولود فيها ومعه ابو العلا لإستلام الارض بإسم الاحفاد, سأل برمبل عن بابكر بدري. فقالوا له في المدرسة. فقال لهم …لا بيكون مشى الخرطوم يشتكيني تاني. وتصافى الجميع فيما بعد. والف بابكر بدري نشيدا لبرمبل عندما اتى لزيارة الاحفاد. وكان في وداهفي نهاية مدته..

كل شيء في امدرمان كان يحصل عن طريق التراضي. ويبعد الناس في ادخال البوليس في امورهم. و لا يذهبوا للمحاكم. ويقولون ان المحاكم و البوليس للأغراب.

لقد تأثر الاجانب و الانجليز لدرجة بأنهم صاروا يتصرفون كأهل امدرمان. لقد علم المفتش اكلارك كثيرا من اصدقائه من امدرمان. وكان متأثرا بطريقة اهل امدرمان. فأولم مثلما يعمل اهل امدرمان.وليس كعادة الانجليز. وذكر بابكر بدري في تاريخ حياته ان الحلو كان في الجردل الكبير مليء به. فياخذ كل واحد كل ما شاء بكبشة (معلقة كبيرة) . يعني الانجليزي بقى ود بلد.

ذكر الاستاذ هلال زاهر الساداتي انهم في قعدة ان فنان القعدة والذي كان يغني الاغاني السودانية. كان الاستاذ الانجليزي الاستاذ هوبسن الذي كان يجيد الاغاني السوداني. بابكر ذكر ان احد المفتشين الانجليز كان يكتب الدوبيت.

(يتبع)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق