آراء

في الهدف

دار فوز مرة أخرى

الغباء نقص والتغابي كمال

أبوبكر عابدين

كثيرون كتبوا عن ( دار فوز) أو قل صالون فوز الأدبي بأم درمان، ولم يتفقوا عن مكانها بالتحديد، فتارة يقولوا إنها ( بفريق المسالمة ثم يقول ثان إنها بفريق الموردة قبل أن يذكر ثالث بأنها كانت بفريق ود نوباوي!!).

* الحضور المزدوج بالإبداع كان حاضرا في كل ماقيل وقد إستخرجوا الحصى من عمق الغدير شعرا ونثرا وسياسة..

* الطريق إلى الحقيقة شائك، ليس من باب ذكرها مجردة، بل من أجل صون القيم ومكارم الأخلاق والنخوة والوفاء، وكلها كانت قيم تحلى بها جيل نشأ وتربى عليها، ولذا حق القول الفصل في أن ( الغباء نقص والتغابي كمال).

* ذكر الخليل وتوفيق صالح جبريل ومحي الدين جمال ابوسيف وسليمان كشة  وحتى د. عبدالحليم محمد ومحمد أحمد المحجوب  آخر العنقود ماذكروا شعرا ونثرا وسياسة عندما كان الصالون أدبيا وسياسيا تحت إمرة تنظيم ( الإتحاد السوداني الجناح المدني لحركة ٢٤ العسكرية بقيادة على عبد اللطيف ورفاقه).

* يقال إن تسمية دار فوز ( وصاحبته الشول بت حلوة) من بنات أفكار الشاعر توفيق صالح جبريل وذلك إعجابها بصاحبة الصالون والذي كان الساهرون فيه هم شباب جمعية اللواء الأبيض، وكان مظهر جلستهم اللهو وباطنه الجد إذ كانوا يقومون بطباعة المنشورات المناهضة للإستعمار البريطاني على آلة طبع تعمل على ( البالوظة) مهداة من عبدالله خليل أخفوها في إحدى الغرف، وفي ساعات الفجر ينطلقون لتوزيعها في الأسواق والأماكن العامة، وفشل قلم المخابرات في معرفة مصدر تلك المنشورات، فقد كانت فوز ترعاهم وتحفظ سرهم، وفي هذا يقول خليل فرح:( نحن صحبة وأخوان نجاب ولي دعانا المولى إستجاب، إن مرقنا، السر في الحجاب وإن قعدنا أخوانك عجاب)

* محي الدين جمال أبوسيف وفي أواخر أيام حياته وفي مقابلة مع د. معتصم أحمد الحاج ذكر بأن دار فوز كانت بحي المسالمة شمال دكان العدني، وبحسب روايته إنه إلتقى مصادفة في سوق أم درمان بإمراة تسمى( حلوة) تنتمي إلى أسرة بيومي المصري وهو صديق والده، وعرف إنها إستأجرت منزلا في ذلك الحي لتسكن فيه مع إبنتها الوحيدة (الشول).

*إتفق معها محي الدين بعد عدة زيارات لها أن يسكن معها بعض أعضاء جمعية اللواء الأبيض القادمين من الأقاليم خوفا عليهم من أعين المخابرات، وكذلك مقرا لإجتماعاتهم السرية.

*وللتمويه كان المنزل مقرا للترفيه وممارسة الأنشطة الثقافية والشعر والغناء.

*وصفت حلوة صاحبة دار فوز بأنها على قدر كبير من الجمال والرقة والظرف وهي من بنات الريف ساحرة العينين وباسمة تخلب الألباب، وانشد توفيق صالح جبريل فيها تلك الأبيات وصفا:( وتدير الراح غانية، حسنها كالبدر متسق، وحليها نفس مهذبة وشباب ريق لبق، وإذا ما أسفرت سبحت نحوها الأرواح تستبق، أو تغنت بيننا خشعت حولها الآذان والحدث، ونجوم الليل ذاهلة كجفون هدها الأرق).

* إستمر الحال منذ مطلع ١٩٢٠م وإنتهى عام ١٩٢٩م حيث تزوجت حلوة وكذا إبنتها من أحد أثرياء أم دمان المعروفين وبعد وفاته ترك لها مالا وعقارات أوقفت بعضها لوجه الله.

* الغباء نقص والتغابي كمال، ولذا جاءت الروايات مختلفة من رواد ذلك الصالون الأدبي السياسي عن موقعه حتى لاينبش المتطفلين ماض مضى تبقى معانيه دون الغوص فيما لايفيد، وعندها يبقى التغابي كمال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق