سياسة

وماذا بعد …!!

وليد عبداللطيف دبلوك

قال الشعب كلمته ، الشعب بكل ماتعنيه الكلمة ، بكل اطيافه ، وتشكيلاته ، حتى لتوقن ان من كل بيت خرج ثأئر او اكثر .. واشهد الله انني رأيت مكفوفا يقوده بصير ، فأي حديث بعد ذلك يقال !!

  شملت اللوحة الزاهية للثورة كل الالوان ، كهل وطفل ، فتى وفتاة ، يافع وشافع ، صحيح وكسيح ، المسلم وغير المسلم ، ووالله ان منظرهم وهم يعبرون الجسور بدأ لي كالدماء تعبر بالشرايين لتغذي جسد الثورة ،  في مظهر تقشعر منه الابدان اجلالا وغبطة ..

  والعالم يتفرج على درس جديد من دروس الملاحم الوطنية ، بذات السلمية البديعة …

  كم هو رائع هذا الشعب ، ماراهنا عليه ، فخاب رهاننا ، بل فاق حد التصور …

   وكما الجسد اذا مرض تداعي له سائره ، فخرجت اطراف السودان قاطبة في ساعة الثورة المشهورة (الواحدة بتوقيت الثورة) ..

  شاهدنا الطوفان ، التلقائي ، لم تدفعهم بطونهم ولا حاجتهم ، ولا اطماع ، ولا إغراء ، ولا وكلاء وسماسرة الحشود ، وأن لسماسرة الحشود ان يأتوا بمثل هذا الجمال البديع … كلا لم ولن يقدروا على هذا  ، انه شعب ملك الوعي وعرف كيف ومتى واين يدافع عن ثورته ، لم يعتصم ولم يتخندق ولم ينصب خيام القبلية ، لانه لا حاجة له بذلك  ، رسالة ارادها ان تصل ، و وصلت  ، واضحة لا لبس فيها ..

   العالم باسره كان شاهدا ، محطات المترو ، وشاشات العرض العامة في أوروبا كانت تبث الجمال ، وتدهش الالمان والانجليز ، وسائر البلاد ، بأن انظروا ، ثورة سطرناها بالدم والروح ، ونحرسها وعنها نزود …

   لم تخرج تلك الجموع لتكبح جماح العسكر الطامحين في السلطة فحسب  ، بل لتنذر حتى القائمين عليها من المدنيين  ، بأن أدوا دوركم بهمة وجهد ، وإن لم تقدروا فتنحوا ، نأتي بغيركم ..

  حشود تنذر الكل وتعيد التأكيد بأن الكلمة العليا بشأن البلاد ، هي للشعب .. وحده يقرر ويصادق .. لا سواه ..

   ثم  ماذا ..

مطالب واضحة ..

دعم التحول الديمقراطي الكامل ، بمعنى لا مجال لحكم عسكري البتة ..

استكمال هياكل السلطة ، ومعناه بناء اسس الدولة المدنية الاساسية ، وايضا تحريك ملف العدالة بإنجاذ الاحكام الصادرة ، وتكملة بقية القضايا العالقة ..

  تجديد الثقة في شخص رئيس الوزراء السيد حمدوك ، وتفويضه فيما يراه من امر حكومته ، وهذا يعني ألا حل للحكومة المدنية ،  والمطالبة بنقل رئاسة السيادي للشق المدني وفق ما اتفق عليه في حضور شاهدين دوليين …

  قال الشعب كلمته وانصرف  ، وإن لم تنفذ عاد وفرض إرادته  ، فلا صوت يعلو فوق صوت الشعب ، ولا كلمة فوق كلمته  .. وان ينصرف الجميع لتنفيذ مطالبه ، وان قالها لمن يطالبون بخلاف مايريد ، اان عدتم عدنا ، والشوارع لاتخون …

ثم ماذا …

  أسقط الشعب كل ورق التوت الذي يتغطى به معتصمو القصر ..

لا لحل الحكومة

استكمال التحول الديمقراطي

انتقال رئاسة السيادي للمدنيين في تاريخه .

تجديد الثقة في رئيس الوزراء  .

لا للحكم العسكري مطلقا ..

فماذا بقي لمعتصمي القصر ..

  انكشف للقاصي والداني ان هذا الاعتصام المدفوع القيمة ، وراءه فئة باتت معروفة ، وقد أخطأ البعض بتصرفاتهم الفردية وأساءوا لتاريخ ونضال الحركات التي ينسبون اليها ، ناضلوا وقاتلوا النظام السابق ، والان يطلبون حكم العسكر من جديد ! لم قاتلتم وناضلتم إذن  ! …

   ان اعتصام القصر صار ملهاة لا هدف لها بعد ان صوب الشعب في مرماهم ما يريد من اهداف ، فإنهزموا ، ومابات لهم هدف … سوى إشباع البطون …

  وإن تباهوا بتمدد اعتصامهم ، فما هو إلا تلبية للولائم المجانية ، كما ذكر كثير منهم بل وزادوا في القول بان هذا الصرف انما هو مال الشعب المنهوب رد بعضه إلينا  كولائم ، فشكرا لمن نظموا مايشبه موائد الرحمن في رمضان ..

فليتمدد الاعتصام ماشاء له التمدد ، وليبتلع ماشاء من مساحات العاصمة ، فلا شئ يجدي نفعا غير تعطيل دوواين الدولة عن العمل .. وان سولت لاحدهم نفسه بان سعى لامر ما ، فان حراس الثورة يقظون وجاهزون لتغطية الشوارع من جديد …

   قلتها من قبل،  ان اعداء الثورة يخدمونها من حيث لا يحتسبون ، فاهم جددوا الدماء و اشعلوا الشوارع ، وفي ذات الوقت ابانوا و اوضحوا من مع الثورة  ، ومن ضدها ، فخسروا انفسهم ..

  تقلصت مطالب المعتصمين برغم التمدد الناتج عن الطلب لما يحتويه من طيبات ، صارت المطالب خجولة ..

   وترك الذي يخنق به العسكر عنق الوطن ، اسقط في يده ، وسياسة رئيس الوزراء هي لا للإبتزاز  ، لانه ان استجاب ، اغرى غيره ..

ولجأ الى مؤانئ بديلة لسد الفجوة ، وها هو يدخل شهره الثاني ، وانسان الشرق نفسه بدأ يعاني ، ومن فقدوا وظائفهم بالميناء ومصدر دخلهم ، ايضا يعانون .. قد يواجه ترك بعد قليل اهله وعشيرته ويقولون له ، ما جنينا من تبعيتك للقوم الا الخراب ، فالضيق طالنا ايضا 

  ثم ماذا  ..

  والكلمة الاخيرة للسيد رئيس الوزراء ، الان منحك الشعب صك القوة ، وصرت الان الرجل القوي ، وربحت خوض المغامرة التي فرضت  عليك ، فإلتقط زمام المبادرة واعد تشكيل حكومتك ، بمعايير جديدة وفق رؤيتك الخاصة   واختار من خارج الصندوق ، فإن الحاضنة الحقيقية هي الشعب وحده لاسواه ،  شكل حكومة كفاءآت بامر الشعب لا بأمرهم ..

  ثم ماذا  ..

ثم قولي للجميع ، لم لا تلتقون بقلوب مفتوحة ونقية وصادقة ، تبتغي رفعة الوطن وتقدمه ، بدلا من محاولات العبث الفاشلة تلك .

تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم   ان نعمل للوطن ، وان نتسامى فوق الجراحات ، لنجعل هذا البلد الوفير بالخيرات   بلدا آمنا متقدما ، لانه يستحق   ، فقد صبر علينا كثيرا ، وآن الاوان كيما يصبح بلدا متطلعا الى آفاق ارحب واجمل ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق