سياسة

اغتيال الشخصية بسبب المواجهة الصريحة

شوقي بدري

 في شرق لندن وامام مبنى أثرى مميز وجميل يحمل اللون الوردي والابيض ينتصب تمثال لبطل عظيم اسمه استيف بيكو اذكر انني كتبت عنه قبل عقدين ويمكن قوقلة الموضوع.  بالرغم من الاسم استيف فالبطل مثلي ومثل بقية السودانيين افريقي حر يرفض الظلم.  اغتاله نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا والذي يحمل افكاره بعض القيادات في شمال السودان.  

 ولد بطلنا في 18 ديسمبر 1946وتم اغتياله تحت التعذيب البشع في 12 سبتمبر 1977. سبب الوفاة هو نزيف مخي.  يذكرنا هذ بالدكتور على فضل الذي لا يزال قاتليه بدون قصاص.  استشهد استيف والد خمسة من الاطفال لأنه رفض أن يساوم او يتراجع، والا لكان اليوم رئيسا لجنوب افريقيا.  هو الذي انار الطريق للآخرين في السير في درب الحرية.  بالرغم من اعوامه الواحد والثلاثين تمكن من افحام القاضي الابيض وجعله موضع سخرية الجميع. عندما قال له القاضي انت تدعو الى العنف.  رفض البطل وطلب الدليل فقال القاضي. …. أنك تدعو لمواجهة النظام بالمفتوح.  الرد كان يا سعادة القاضي ان ما يحدث بيني وبينك الآن نوع من المواجهة.  هل ترى لى عنف في هذه القاعة؟ وتولى امن النظام العنصري الانتقام من البطل الذي افحم القاضي الابيض الذي من المفرض أن يكون أسمى شأنا وأكبر عقلا من شاب اسود، حسب عرف الكثير من البيض.  وما مارسته الانقاذ وحتى في العهد الديمقراطي ضد الجنوبيين اهل دارفور جبال النوبة وجنوب النيل الازرق اسوا من نظلم جنوب افريقيا العنصري.  لأن جنوب افريقيا لم تقصف المدنيين بالطائرات وبراميل المتفجرات وتستأجر القتلة مثل حميدتي لقتلهم اغتصاب نساءهم وحرق قراهم. واليوم حميدتي على رأس السلطة.  

 المؤلم ان الاغلبية العظمى من السودانيين لم تسمع بالبطل استيف بيكو والذي ينتصب تمثاله في لندن كرمز للحرية.  ولكن عندما قتل الرنتيسي الفلسطيني بكت المذيعة بالدمع امام عدسات التلفزيون وحزن السودانيون.  نعم اغتيال الرنتيسي عمل بربري ندينه وكذلك قتل استيف بيكو.  لماذا لا نعرف استيف بيكو؟ 

 حياة البطل استيف بيكو صارت فلما دراميا طويلا، ساعتين من العرض تحت اخراج رتشارد اتنبورو وبطولة نجم هوليوود الممثل الاسود كيفن كلاين.  

 الكيزان والفلول لم ولن يتقبلوا انتصار القراي على ممثل الكيزان الجاهل ربيع عبد العاطي في الاتجاه المعاكس ــ سميح القاسمي والذي قدمته قناة الجزيرة الكيزانية.  لقد حقدوا على القراي ولو أن كل كلمة قالها فيما بعد قد كانت نقلا عن القران الكريم لما تقبلوها.  السبب انهم لم يقدروا على مواجهته المدعومة بالمنطق والبراهين.  وكانت هنالك معركة اغتيال الشخصية وطعنوا اخت لقول الترهات والسخافات الخ واضطر القراي على الاستقالة. 

ما يؤلم أكثر هو الهجوم ومحاولة اغتيال شخصية البروفسر وزير التعليم محمد الامين التوم.  هذا الرجل النبيل الذي عرف طيلة حياته بالعلم الادب والاتزان هاجموه لدرجة أن البعض كتب وقال. .. هذا الرجل لم يدخل ابدا جامعا!!!! هل تابعوه منذ ولادته؟ اليس هنالك حدود للسقوط والمرض؟ في مواجهة وصفني أحد اليوغوسلاف بأنني افريقي اسود.  شكرته بحراة وعندما ابدى والآخرون دهشتهم، قلت. … الشكر بسبب شهادتك لي بالفهم والروعة لأنك لم تجد ما يضيرني اوما يحط من قدري ولهذا تطرقت لأصلي ولوني الذي انا فخور جدا به.  ولكن أستطيع أن اعطيك قائمة بالأشياء السيئة بداية من مظهرك عدم تناسق ملابسك لأنه يبدوا انه قد اختارها اعمى، هذا إذا تغاضينا عن سوقيتك والفاظك البذيئة وسوء تربيتك وجهلك.  وهذه اشياء لا يمكن لعاقل أن يكون فخورا بها.  

 انا من الذين تعرضوا لكثير من هذه السخافات التي لا حدود لها.  وفي بعض الاحيان يجافي الموتورون بسبب المواجهة الامينة العقل والمعقولية.  والمفروض أن يثمن الناس المواجهة لأنها شيء موضوعي وصحي، ويمكن ان تكون اللبنة الاولى لتفاهم دائم بدلا عن الاغتياب والطعن من الخلف.  

 في بداية 1993 تقرر تكوين منظمة حقوق الانسان في السويد كان من المفروض أن يأتينا الاستاذ محيسي من لندن ولأسباب لم تفسر اتانا المناضل عبد السلام حسن عبد السلام طيب الله ثراه، والذي لم يجدوا قتلته في لندن الى الآن. 

 مع بداية المؤتمر في مدينة ابسالا الجامعية على بعد 700 كيلو متر من مدينتنا، طالب البعض بزعامة الأخ اسامة مضوي، ابن القطب الاتحادي حاج مضوي، طرد شاب من المؤتمر لأنه، مقدم كاريتري، وهذا ما لم ينكره الشاب.  رفضت انا طرد الشاب لأنه كما عرفنا فهو سوداني ولكن كذب ككثير من السودانيين وزعم انه اريتري.  والسودانيون وجدوا مساعدة من اهلنا الارتريين ليحصلوا على حق اللجوء كإرتريين.  وهذا عكس السودانيين الذين كانوا يعتبرون ادعاء الارتريين بأنهم سودانيين، اساءة للشرف السوداني!! قلت لن ندين أي شخص في المؤتمر ونهضم حقه الانساني بسبب ان هنالك اشاعة بانه مدمن خمر مخدرات او انه يضرب زوجته.  وأننا من حضرنا من بعيد سنخرج إذا خرج الشاب.  كان من صحبتي في تلك الرحلة الطويلة الدكتور محمد محجوب عثمان له الرحمة.  

 سمح للشاب بمواصلة الجلوس.  في نهاية المؤتمر الذي نصب فيه محمد محجوب رئيسا رشحت انا الشاب ليكون سكرتيرا.  وبعد مماحكات ومماطلات صار الشاب سكرتيرا لمنظمة حقوق الانسان.  ولكن بعد سنة أردنا اعادة اجتماع المؤتمر ولدهشتنا رفض، الارتري، تسليم الاوراق ويوميات المنظمة.  وفي النهاية طالب بمبلغ مالي، 7 ألف كرونة سويدية، لأنه حسب فهمه قد بذل جهدا كبيرا في فترة سكرتاريته للمنظمة.  وسكرتارية المنظمة اعطته وضعا مميزا وساعد في حصوله على اللجوء السياسي.  عندما قابلته بعد سنوات في مؤتمر القرن الأفريقي الذي كان يعقد كل سنة في جامعة لند الى أن اقتنع السويديون انه مضيعة للوقت.  قابلت هذا الشاب ولم اعرفه مقارنة بالشاب الهزيل الذي كان سكرتيرا لمنظمة حقوق الانسان التي ساعد في قتلها.  كما صار له تقاربا من السفارة السودانية في ستوكهولم وهو اللاجئ السياسي.  قدم لي نفسه لأني لم اعرفه في البداية وكنت قد اسقطه من ذاكرتي.  قمت بمواجهته بجريمته وسوء عمله.  لم يفتج الله عليه بكلمة واحدة.  ولم يحضر ولا مرة واحدة لمأدبة المؤتمر التي اقيمها في منزلنا كل سنة.  وكان من العادة أن يتصدرها الاخ الجنوب افريقي رئيس المؤتمر كونت بدرسون وله ابن يحمل اسم ماو تسي تونق.  وتمتد صداقتنا الى نصف قرن. 

 النتيجة كانت موضوعا تم نشره في سودانيزاونلاين.  نحن يا سادتي لا نعرف الديمقراطية وإذا واجهت صديق او أي شخص في عمل جماهيري فريق لكرة القدم لجنة الحي او اجتماع موسع داخل الاسرة، فسيعتبر الامر اعلان حرب من الجانب الآخر، اهله، حيهم، جيرانهم اصهارهم.  وبعد كدة غنمايتكم ما تنكرش في حيطتهم بالرغم من ان الحيطة قد صارت مرتعا لكل الاغنام.  الخط المتآكل على طول الحائط يؤكد هذا.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق