سياسة

يوم الأربعاء بين الحلو وعاد وفرعون

طارق يسن الطاهر (الطائف)

      طالبت الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو بأن تكون العطلة يوم الأربعاء بدلا عن الجمعة.

   من ناحية دينية، وفي بلد مسلم، لا يليق ولا يستقيم أن تكون عطلته الأربعاء، ويعمل الجمعة؛ فالجمعة عيد الأسبوع للمسلمين.

أما لو نظرنا إلى الأمر دنيويا، فلو تمت الموافقة على هذا الطرح فسيكون السودان خارج المنظومة العالمية تجاريا، وغيرها لمدة أربعة أيام؛ لأن الجمعة والسبت والأحد عطلة في العالم، ويضاف لنا يوم الأربعاء؛ ففي السعودية – لفترة طويلة – كانت العطلة يوم الخميس، فغيّرتها للسبت؛ حتى تعالج هذا الخلل.

        ثم ما الفائدة التي تعود على السودان، وعلى منطقة الحلو التي يتفاوض عنها بالحديث عن هذا المطلب الانصرافي في فترة يعاني فيها الوطن من قضايا جوهرية وأزمات قاتلة.

تاريخيا وردت عدة قصص وروايات عن يوم الأربعاء، معظمها تتطير به وتتشاءم منه، وتمنع القيام بأي عمل فيه، هل اصطحب الحلو معه هذه المعلومات حين طالب بعطلة الأربعاء؟

إذ يروى أن الريح الصرصر العاتية التي عُذِّب بها قوم عاد بدأت تهب عليهم يوم الأربعاء من نهاية شهر صفر، ‭{‬سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا‭}‬ الحاقة 7، وتشاءم بعضهم من آخر أربعاء في كل شهر، وينسب لعلي بن أبي طالب قوله نظما:

وآخر أربعا في الشهر ترك

كما ينسب لابن عباس رضي الله عنه قوله: آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر.

ولكن ذلك لم يثبت عن علي ولا عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عند أكثر أهل العلم الثقات.

ويحكى عن تصنيف الأيام قول مرسل لا يصح:

يوم السبت يوم مكر وخديعة، ويوم الأحد يوم غرس وبناء، ويوم الاثنين يوم سفر وطلب رزق، ويوم الثلاثاء يوم حديد وبأس، ويوم الأربعاء لا أخذ ولا عطاء، ويوم الخميس يوم طلب الحوائج والدخول على السلطان، ويوم الجمعة يوم خطبة ونكاح.

وكذلك يروى أن أهل دمشق قديما يتحاشون زيارة المريض يوم الأربعاء.

كما يروى – في بعض المصادر – أن قصة غرق فرعون حين ملاحقته موسى عليه السلام حدثت يوم الأربعاء.

وينبغي أن نعلم أنه لا يجوز التطير – في الشريعة الإسلامية – باليوم ولا بغيره من مرئي ولا مسموع.

وورد عكس ذلك من بعض أهل العلم الذين كانوا يتفاءلون بالأربعاء فقد قال أحدهم :(ما بدأ شيء يوم الأربعاء إلا وتم)، كما كان بعض المشايخ يبدأون تدريس طلبتهم فيه.

ومدح أحد الشعراء يوم الأربعاء قائلا:

وإنْ شرِبَ امرؤٌ يومًا دواء

فنِعم اليوم يوم الأربعاء

    وفي التراث السوداني مقولة: « أربعاء وعقاب شهر „، وهي مقولة لا أدري أصلها ولا من أطلقها، لكن الأربعاء يوم قبل الخميس، ويوم مكتمل العمل وفيه دوام شاق، يسعى أصحاب الأعمال أن ينجزوا فيه أكبر قدر ممكن منها، حتى يعوضوا الخلل المتوقع يوم الخميس بنقص ساعات العمل أو التسيب المتوقع فيه، ويزيد من صعوبة الأربعاء إن صادفت نهاية شهر، وهي دعوة على كل ظالم؛ إذ يُقال (تدخل عليهم بي أربعاء وعقاب شهر)

في الختام، لنتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الطيرة شرك)

وقوله: (لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق