سياسة

في أُفق تشجيع إنشاء سوق إقليمي متكامل

منظومة «الطاقات المتجددة» في المغرب ... ثورة وريادة على المستويين القاري والدولي

عبد العالي الطاهري

تطمح المملكة المغربية أن تقفز بمساهمة محطات الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية، الطاقة الريحية، الطاقة المائية وكذا الطاقة الهيدروجينية) إلى تحقيق نسبة 52% في أُفق العام 2030، في إطار البرنامج الوطني الطموح المتعلق بمنظومة «الطاقات المتجددة»، حيث سبق وأن حقق المغرب معدل 32% خلال سنة 2020 رغم الإكراهات التي رافقت الوضعية الوبائية لجائحة كورونا. 

في إطار تعزيز وتطوير ثورتها الرائدة في مجال «الطاقات المتجددة» خاصة والشأن البيئي بشكل عام، استطاعت المملكة المغربية أن تقطع أشواطاً هامة ووازنة في تنفيذ استراتيجية «الطاقات المتجددة» المهمة للغاية، حتى تتمكن من إضافة طاقات تصل إلى ستة آلاف ميجا واط للوصول بإجمالي الطاقة النظيفة إلى   تحقيق12900 ميجاواط خلال عقد من الآن.

تكتسب هذه الاستراتيجية المُطلقة منذ 2009 أهميتها من كون المغرب يستورد الطاقة من الخارج لتدبير كامل احتياجاته، فضلا عن مساعي تحسين المناخ والالتزام بالمعايير البيئية العالمية.

و تُركز الاستراتيجية على تحسين مزيج الوقود في قطاع الكهرباء، وتسريع تطوير الطاقة من المصادر المتجددة، وخاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، بالتوازي مع تشجيع إنشاء سوق إقليمي متكامل.

السيطرة على التكاليف

يراهن المغرب على الطاقات المتجددة، لتقليل وتقليص فاتورة الإنفاق الحكومي على الطاقة، والتي تصل سنوياِ إلى حوالي 9,9 مليار دولار، بحسب بيانات رسمية.

•المغرب يدشن مشروعا جديدا لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح

هذا بالتوازي مع تلبية النمو المتزايد للطاقة الكهربائية، والتي تصل إلى 7% سنويا، مما يضع على البلاد عبء زيادة فاتورة واردات الوقود الأحفوري لتشغيل المحطات التقليدية.

أكبر مجمع للطاقة الشمسية

عكفت الحكومة المغربية، على تنفيذ أكبر مشروع طاقة شمسية في البلاد، وهو مشروع يمتد على مساحة 3000 هكتار، وهو المشروع الذي يهدف منذ إطلاقه إلى إنتاج حوالي 580 ميجاوات، ما يعادل توفير الطاقة الكهربائية لمليون منزل بالطاقة النظيفة، بحسب بيانات الوكالة المغربية للطاقة الشمسية عند إطلاق المشروع.

بدأ العمل في هذا المشروع في 10 ماي 2013 وتم افتتاح محطة» نور1» الواقعة على مساحة 450 هكتارا، بطاقة إنتاجية تصل إلى 160 ميجا واط.

يتكون مجمع “نور- ورزازات” للطاقة الشمسية من أربع محطات للطاقة الشمسية، يسمح هذا التنوع للمغرب بتجربة تقنيات مختلفة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية.

8 محطات رياح

وتضم المملكة ثماني مزارع للطاقة المتجددة، موزعة على مدن طنجة بأربع محطات، طاقتها الإنتاجية 140 ميجاواط و75 ميجا واط و65 ميجا واط و50 ميجا واط.

وتوجد 4 محطات أخرى موزعة بين تازة بقدرة 100 ميجا واط، والصويرة بطاقة 20 ميجا واط، وتطوان بنحو 32 ميجا واط، ومزارع أخرى بمدينة العيون وطرفاية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.

مشروع جديد

وشهد المغرب مؤخرا توقيع الوكالة المغربية للطاقة المستدامة والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب من جهة، وشركة الطاقة الريحية بالمغرب (NAREVA) وإنيل كرين باور (Enel Green Power) اتفاقية لإنجاز مشروع الطاقة الريحية  » جبل الحديد » بإقليم الصويرة وسط البلاد، بقدرة 270 ميجا واط.

كما أطلقت المملكة طلب عروض يستهدف الشركات الصغرى والمتوسطة، لإنجاز برنامج من الطاقة الشمسية الفوتوضوئية.

وتقدر القدرة الإجمالية للمشروع بـ400 ميجا واط، بمواقع مؤهلة بالمغرب يمكن أن تحتضن عدة مشاريع ذات قدرة تتراوح من 5 ميجا واط إلى 20 ميجاواط.

إفراز كوادر جديدة

لمواكبة القدرات الجديدة المرتقبة بالطاقات المتجددة، صادق المجلس الحكومي المغربي مؤخرا على المرسوم المتعلق بإحداث وتنظيم معهد التكوين في مهن الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية بورزازات، من أجل فتح الآفاق أمام الطلبة الراغبين في التخصص في مجال الطاقات المتجددة.

أطلق المغرب مجموعة من المبادرات لمواصلة تطوير قطاع الطاقات المتجددة لمواجهة جائحة كورونا، حيث كشف عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن والبيئة المغربي، في مداخلة له ضمن الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” التي عقُدت افتراضيا خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة، أن المشاريع المبرمجة في مجال الطاقة المتجددة، لم تشهد أي توقف خلال فترة الجائحة، حيث تمكن المغرب من تجاوز تبعات جائحة كورونا وحقق ازدهارا اقتصاديا خلال الربع الأول من سنة 2021.

كما تمَّ إحداث صندوق استثمار يعزز الشراكة الاقتصادية بين السعودية والمغرب،

ولفت رباح إلى أنه تمَّت مواصلة استكمال المشاريع المبرمجة، سواء الريحية أو الشمسية أو الكهرومائية، كما أن المشاريع الموجودة في طور الاستغلال أسهمت في تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية بشكل ملموس. 

قدرات إضافية

إلى ذلك أكد وزير الطاقة والمعادن والبيئة المغربي عزيز رباح، أنَّ البرامج الجديدة في مجال الطاقات المتجددة، تتضمن على الخصوص برمجة قدرة إضافية من مصادر متجددة تصل إلى 3880 ميجاواط خلال الفترة 2021 – 2024، وكذا قدرة إضافية تصل إلى 5400 ميجاواط خلال الفترة 2025 – 2030 إضافة إلى برنامج مندمج لتدعيم جميع محطات تحلية المياه المبرمجة، بوحدات لإنتاج الطاقات المتجددة. 

ويُنتظر أن تضم هذه المشاريع، تطوير برنامج تزويد المناطق الصناعية الوطنية بالطاقات المتجددة، لتأهيل نسيج صناعي وطني خال من الكربون وضمان تنافسيته وانسياب إنتاجها المعد للتصدير و بلورة خارطة طريق لتطوير شعب طاقة متجددة أخرى علاوة على إعداد خارطة الطريق الوطنية للطاقة الهيدروجينية.

وأوضح أن الدراسات أكدت توفر المغرب على مؤهلات مهمة لاستقطاب ما يناهز 4 بالمائة من السوق الدولية للطاقة الهيدروجينية.

وأضاف أن هذه البرامج تشمل أيضا الشروع في بلورة خارطة طريق لتطوير طاقة التيارات البحرية والتي من شأنها أن تساهم في تنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة، وإنجاز أكثر من 1500 كلم من خطوط الجهد العالي خلال 2017-2019 باستثمار يناهز 2,5 مليار درهم وبرمجة استثمارات إضافية تناهز 5,8 مليار درهم لأفق 2022 لتقوية الشبكة لتصريف الطاقة الكهربائية من مشاريع الطاقات المتجددة تناهز قدرتها الإجمالية 2600 ميجاواط.

ومن بين البرامج المُزمع إنجازها، يُضيف الوزير، مركب خاص بالبحث والتطوير في مجال البنايات الخضراء والنجاعة الطاقية والشبكات الذكية.

صدارة أفريقية

وتحتل المملكة صدارة البلدان الإفريقية من ناحية التوسع في اعتماد مصادر الطاقة المتجددة، إذ راكم تجربة مهمة خصوصا في مجال تمويل وتطوير وإنجاز مشاريع الطاقات المتجددة.

إضافة إلى أنَّ المملكة المغربية تعمل في إطار خيارها الاستراتيجي، على تعزيز وتطوير علاقات التعاون والشراكة في مجال الطاقة عموما والطاقات المتجددة بالخصوص مع البلدان الإفريقية الصديقة لأجل تنمية قارية مستدامة وتدارك التأخر الحاصل في الولوج إلى الكهرباء على المستوى الإفريقي. 

وذكر الوزير المغربي، تأكيد عاهل البلاد الملك محمد السادس خلال انعقاد اللجنة العليا للطاقة على التسريع ورفع طموحات المغرب في مجال الطاقات المتجددة الذي يحتل في إطار السياق الراهن، دورا محوريا في تطور الاقتصاد العالمي. 

مؤشرات مشجعة

وسجل الرباح وجود مؤشرات مشجعة تؤكد تقدم المملكة في مسار التحول الطاقي، تشمل على الخصوص 99 مشروعا من الطاقات المتجددة منجزة أو في مرحلة التطوير أو الإنجاز، باستثمار يناهز 103 مليار درهم، ووجود 34 شركة لتطوير مشاريع إنتاج الطاقة المتجددة من 12 دولة وحوالي 600 مقاولة صغيرة تُعنى بمجال تسويق وتركيب تجهيزات ومعدات الطاقات المتجددة. 

علاوةً على أنَّ أن القدرة الإجمالية للطاقات المتجددة بالمغرب تصل حاليا إلى 3700 ميجاواط، لتمثل حوالي 35 بالمائة من القدرة الكهربائية المنجزة، وبلغت مساهمتها في تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية حوالي 20 بالمائة، مما يمكن من تسجيل تراجع نسبة التبعية الطاقية من 97,5 بالمائة سنة 2009 إلى 90,5 بالمائة حاليا. 

وإضافة إلى اجتماعات وكالة آيرينا، وفي إطار أسبوع أبو ظبي للاستدامة، من المقرر شارك عزيز رباح كذلك في المنتدى العالمي للمجلس الأطلسي حول “دور الشرق الأوسط في التحول الطاقي”.

يُذكر بأن الجمعية العمومية الـ 11 للوكالة الدولية للطاقة المتجددة تنعقد في بداية أسبوع أبو ظبي للاستدامة، الذي يتضمن على الخصوص ملتقى أبو ظبي للتمويل المستدام، والمنتديات الافتراضية لمنصة “شباب من أجل الاستدامة” بالإضافة إلى منتديات القمة العالمية لطاقة المستقبل. 

المغرب يعزز جهوده في مجال التنمية المستدامة بإطلاقه توأمة مع الاتحاد الأوروبي

عزز المغرب جهوده في مجال التنمية المستدامة من خلال إطلاقه، خلال الفترة الأخيرة، توأمة مع الاتحاد الأوروبي تحمل عنوان “دعم تنفيذ الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة في المغرب”.

وأُطلقت هذه التوأمة خلال ورشة ترأسها وزير الطاقة والمعادن والبيئة عزيز الرباح، وبحضور سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب كلوديا ويدي وسفير النمسا بالرباط كلاوس كوهلر والوزير المستشار رئيس بعثة مساعد بسفارة فرنسا بالمغرب رفاييل مارتان دو لاغارد.

وتروم التوأمة إلى إرساء أسس تنمية مستدامة في المغرب، من خلال جملة من الإصلاحات، خاصة اعتماد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وفقا للالتزامات الدولية للمملكة.

ويتجلى هذا المسار، بشكل أساسي، في دمج مبادئ التنمية المستدامة في الاستراتيجيات القطاعية، عبر تنفيذ استراتيجية النهوض بالبيئة، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذا عبر إعداد القانون الإطار 99-12 بشأن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش ل 30 يوليوز 2010، والاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.

ويُنتظر أن تسفر هذه التوأمة أهداف ونتائج تتمحور حول التعزيز المنتظم للموضوعات التي يحملها الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، والتكيف بشكل أفضل مع البنيات المسؤولة عن البيئة وتوافقها مع قوانين الاتحاد الأوروبي، وتعزيز المكتسبات وترسيخ الممارسات الفضلى في مجال التنمية المستدامة بين أطر قطاع البيئة وباقي الأطراف المتدخلة المعنية، فضلا عن دمج البعد البيئي والممارسات الجيدة في مبادرات هذه الأطراف.

وسجل السيد رباح في كلمة، بالمناسبة، أن برنامج التوأمة الأوروبي-المغربي الموجه لمواكبة المملكة في تنفيذها للميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، سيمكن من تقوية جهود المغرب في مجال الحفاظ على بيئته، ومن الملاءمة التدريجية للقوانين المغربية مع تلك التي تخص الاتحاد الأوروبي.

كما ذكَّر بالجهود التي يبذلها المغرب للحفاظ على البيئة ووضع الأسس لتنمية مستدامة والتي تتجلى في عدة أوراش ذات الأولوية، كاعتماد وتنفيذ الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وتعزيز الإطار القانوني والتنظيمي، والنهوض بالمجال البيئي من خلال برامج موجهة، ووضع آليات اقتصادية ومالية تخدم مسألة الحفاظ على البيئة، وكذلك إنشاء نظام للوقاية والمراقبة البيئية من خلال تعزيز أدوات الرصد والتقييم والوقاية.

ومن جهتها، أكدت السيدة ويدي “أن هذه التوأمة المغربية ـ الأوروبية ستدعم تنفيذ الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة”، مضيفة أن الإعلان المشترك للاتحاد الأوروبي والمغرب في يونيو 2019 يؤكد الإرادة في تعزيز الشراكة الأوربية – المغربية لتحقيق رخاء مشترك، لا سيما فيما يتعلق بحماية البيئة ومكافحة تغير المناخ.

وأشارت إلى أن المغرب لم يتوان عن تأكيد موقعه كواحد من أكثر البلدان التزاما في العالم في مجال مكافحة التغيرات المناخية لبلوغ هدف تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 42 في المائة، وإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بنسبة تفوق 50 في المائة بحلول عام 2030، معبرة عن يقينها بأن الميثاق الأخضر لأوروبا سيجد امتدادا له في التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.

ويتم تمويل هذه التوأمة من قبل الاتحاد الأوروبي ويُدار بدعم من مديرية الخزينة والمالية الخارجية، في إطار برنامج دعم التنافسية والنمو الأخضر والذي وُقِّع في نونبر 2016 بين الحكومة المغربية والاتحاد الأوروبي.

ويأتي هذا البرنامج الذي تناهز قيمته 105 ملايين يورو، لدعم السياسات والبرامج القطاعية التي أطلقتها سلطات المملكة والموجهة لريادة الأعمال والتجارة الخارجية، والاستراتيجيات البيئية والطاقية والاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق