سياسة

الضمير الغافل …!

وليد دبلوك

  اتابع بشدة الاحداث في العالم من حولي، واندهش لسرعة التحولات والمشاهد.    اشاهد في كل مكان نهضة وتنمية وعمران.. الدول اصبحت تتحدث بلغة الارقام، وتتباهى باعلي معدل دخل للفرد والدولة …  أشاهد القانون هو السيد، وكم من رئيس عوقب وسئل وهو في سدة الحكم، لان القانون هو الحاكم الحقيقي  .. دولة لا تخضع للقانون ليس من وراءها رجاء وامل..  شاهدت فيديو ارسل الي في الواتساب عن رئيسة سنغافورة (حليمة يعقوب) التي حققت دولتها معدلات نمو مدهشة، وبلغ دخل الفرد مائة الف دولار سنويا .. وجوازهم اغلى جواز بالعالم .. وفيديو اخر لرئيسة وزراء نيوزلندا وهي تعدد انجازاتها في دقيقة واحدة وكانت مدهشة للغاية في سرد انجازات ضخمة في فترة وجيزة..

ثم التفت او افوق من غفلتي وسرحاني، واتساءل لماذا؟ لماذا نحن خارج المنظومة وليس في اخرها على اسوأ تقدير. لماذا بلد بهذا الكم الهائل من الثروات والهبات الربانية، ورغم ذلك يعاني كدولة، دعك من الشعب فأمره واضح وبين، ولكني اسأل لماذا وطني الغني في داخله فقير في خارجه  .. !أين الخلل .. !ماذا ينقصنا لكي نصير دولة ذات شأن ومقام …لست عبقريا لأقول وجدتها او اني عرفت موضع الخلل ..  الكل يعرف ..والكل يعلم ..ان الداء هو نحن ..نحن في ذاتنا ..الضمير  ..الضمير في غفلة .سيحاسبنا الله عما نفعل  .اعجبت جدا بكلمة السيد رئيس الوزراء حمدوك عندما قال: (سأتخذ اي قرار لمصلحة المواطن لأننا ليست لدينا اجندات خاصة ولن نخوض الانتخابات) …  كلمة عميقة للدكتور حمدوك لو تدبرها الجميع بوعي ..إذا كان حمدوك سيتخذ القرار الصائب لأنه لن يخوض انتخابات، فهو إذن مدفوع بوطنية محضة لا اطماع وراءها …الاطماع في نفوس غيرك سيد حمدوك.   إذن الغاية هي الانتخابات … ثم ماذا بعد.. ! لا شيء.. لا برامج ولا خطط ولا هم بالوطن والمواطن طالما وصلوا للسلطة بالانتخاب. سلوا كل اهل السياسة ماهي رؤيتكم للسودان مستقبلا، لن تجد اجابة فأهل السلطة مشغولون بتوزيع الغنائم. نعم الغنائم، السودان غنيمة بنيه ..لو كان بيدي الامر لمددت الفترة الانتقالية حتى يتم السيد حمدوك برنامجه ولو مكث سنوات وسنوات.. لأنه ببساطة وطني مخلص لوطنه ..  وسيدخل التاريخ بشرف وعزة.. وسأنادي بأن يخوض الانتخابات كمستقل سياسيا عندما يحين موعد الانتخابات.   (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) … تعالى ذو الجلال والإكرام. تحسبهم جميعا يعملون … وقلوبهم شتى بما يضمرون.. السلطة والغنائم.. هذا هو سعيهم.. انه الضمير الصدئ القح القذر .. الضمير حينما يصدق مع نفسه بكل صدق وامانة سيجعل الخجل سيد اللحظة.. اخجلوا يامن تملكون زمام الامور فوالله ووالله انكم ستسألون يوم الدين عما فعلتم  ..بكى ابن الخطاب خشية سؤال الله له لم لم تصلح الطريق الذي عثرت فيه بغلة ..بغلة وليس إنسان كرمه الله بسجود ملائكته له  … دعكم من البغال فإن شكواها الى الله يومئذ تنوء بحمله على ظهورها … ولكنكم تسألون عن بغال البشر ، ماذا فعلتم لهم   ..   ان لم تصحى الضمائر فلا امل في خير  ..   ان السودان يمر بمنعطف خطير وكبير وحساس للغاية ..   إنها الفرصة الاخيرة، اغتنموها جيدا … تلك هي الغنيمة الحقة .. رفعة السودان ، وما اعظمه من قدر للذي يضع السودان في حدق العيون  ..يا سيدي رئيس مجلس السيادة ونائبك واعضاء المكون العسكري، ويا سيدي رئيس الوزراء، ويا اهل السياسة ، خذوا من وقتكم قليلا واخلدوا الى ضمائركم   فأنها دليلكم الى طريق الخلود بفضل إيمانكم وحبكم للوطن ..سيخبركم ضميركم حينها بأنكم في الطريق الخطأ … لان الطريق السليم هو طريق الوطن ولو كان الثمن والفداء هو الروح  ..انظروا الى صور الشهداء، شباب وشابات في عمر الزهور، قدموا ارواحهم فداء للوطن ، فأي خزي وعار علينا وقد بلغنا ما فيه نحن الان بفضل دماء هؤلاء الشهداء ..  الطريق امامكم لازال مفتوح لتدخلوا التاريخ كأشخاص بنوا وعمروا اوطانهم فخلدوا في الاذهان وتصيروا اسماء في حياتنا خالدين.. وهبكم الله ثروات فأحسنوا استثمارها..    ان السودان كان ليكون قائد افريقيا … أطلق عليه مقولة (رجل افريقيا المريض) اتى الدواء عبر ثورة مذهلة، وارواح ذكية طاهرة لتشفي مرض الوطن، فلا تكونوا أنتم مرض جديد.    دعوا خلافاتكم جانبا فقد اقعدنا ذلك عن اللحاق بالركب..   العالم الان يتحدث بلغة (بتكوين) ونحن نتحدث بلغة حقي وحقك وقفل الطرق القومية بواسطة مواطنين في غياب كبير للقانون، إذا اردنا بناء امه ذات مجد فلبني صروح القانون الحقة، بالقانون نعمر ونبني .. قانون ذو هيبة واحترام من قبل اهل الحل والربط في اعلى مراكزهم. أينما ساد القانون تختفي امراض الفساد والرشوة والوساطات والجشع والانانية وغيرها من الأمراض التي تعرقل نهضة الوطن 

  كيف نتقدم والضمائر غافلة إلا عما هو في صالحها الخاص، ولا عزاء للسودان..   ابق يا دكتور حمدوك وواصل سيرك، ومن اراد للوطن خيرا سيلتف حولك.. ومن يقف بعيدا معاكسا فلا مكان للوطن في ذهنه، ولا مكان له في قلوبنا، ولربما يغادر الدنيا مصحوبا باللعنات والسباب، وما أسوأ ذلك من ذكر بعد الرحيل .. تذكروا ان الموت قادم والسؤال حاضر … ألستم أولي الامر، الديمقراطية جميلة إذا احسن التعامل معها بوعي وفهم حقيقي لمعانيها، وفي ذات الوقت هي خطب جلل ان لم يحسن التعامل معها. الديمقراطية تعالج بمزيد من الديمقراطية.. رحم الله الشريف الهندي..    يا سودان لا عزاء لك ولا امل لك الا من داخل قلبك وبين صلبك وترائبك، الامل معقود على شبابك …    شبابك الذين هم أصحاب الوجعة، يا سادتنا، كل شيء بالحوار يحل.. ان الفرصة حين تأتي، فإنها تأتي مرة واحدة لن تتكرر …

صفوا ضمائركم وضعوا الوطن نصب اعينكم.. لكي نعبر.. السيد حمدوك لك مني كل احترام وتقدير، ورجاء في ان تمضي ولا تعبأ بعويل المحبطين واصحاب المصالح الخاصة وبكاء من فقدوا السلطة ويطمحون في العودة مرة اخرى … لا مكان لكم في وطن الجمال القادم..

  تحدثوا مع ضمائركم، واختاروا بعدها الطريق الذي ترغبون.. إما طريق الوطن، وإما طريق الذات المحضة … وطني غني بثرواته، فقير بساسته.. المشغولون بأهدافهم الخاصة … انا على ثقة ان الشعب لن يصوت لاي حزب هذه المرة لان الثورة افرزت كمية من الوعي السياسي لدى الشباب.. سيختار الشعب المستقل الذي يخلص لوطنه وضميره هانئ مرتاح …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق