
في ظل تداعيات الجائحة والتحور الجيني … اللقاح هو الحل*
أ.د. مجدي على
نحاول اليوم عمل تنوير عن لقاح جونسون آند جونسون بمناسبة قدومه للوطن الغالي والذي تم انتاجه بواسطة شركة جانسين /جونسون بالتعاون مع شركة ميرك الأمريكية المشهورة. اللقاح مشابه تماما في التقنية وطريقة العمل للقاح استر زينكا /أكسفورد وهما يختلفان عن لقاحي فايزر ومودرنا اللذان يعملان بتقنية المرسال الرايبوزي (mRNA) باختصار فهو يستخدم فيروس يسمى أدينوفايروس (Adenovirus
وذلك كناقل فقط للمادة الوراثية (DNA) الخاصة بتكوين بروتين الغلاف الشوكي للفيروس الفيروس الناقل تم هندسته وتعديله بحيث أنه لا يتضاعف ولا يسبب أعراضا، علما بأنه في الحالات العادية يسبب نزلات البرد العادية وبعض التهابات في الجهاز التنفسي ولكنه يتم استخدامه هنا كناقل للمادة الوراثية التي يتم حقنها للشخص المتلقي اللقاح وهو يشبه حصان طروادة حيث يحمل في جوفه الشفرة الوراثية التي تخرج بعد دخول الفيروس الناقل لداخل جسم الشخص المتلقي تتم ترجمة الشفرة ويتم تكوين بروتين من شأنه حث وتحفيز الخلايا المناعية وتكوين الأجسام المضادة ضد الفيروس لتكون جاهزة عند التعرض للإصابة الحقيقية بفيروس الكورونا ومحاولته لغزو الجسم ميزة استخدام تقنية الشفرة الجينية الكاملة (DNA) بواسطة ناقل لإدخالها داخل الجسم وليس المرسال الرايبوزي فقط أن هذه التقنية أكثر استقرارا ومقدرة على البقاء لمدة أطول ويمكن تخزينه في الثلاجة العادية لمدة تصل لثلاثة أشهر بينما الآخر يحتاج ظروف تبريد قاسية وغير متوفرة لدى العديد من الدول (-70 درجة) لقاح جونسون يبدا في توفير الحماية بعد الجرعة ب 28 يوما من تناوله وهو يُعطى في شكل جرعة واحدة فقط هذه التقنية ليست جديدة حيث استخدمتها الشركة في انتاج لقاحات لمرض ايبولا القاتل حامت حول اللقاح العديد من الشكوك والشائعات التي لا تخلو من أن وجودها يأتي ضمن سلسلة الاستهداف من المناهضين لأمر اللقاحات عموما.. نعم تم إيقاف اللقاح من قبل لوجود بعض الأعراض الجانبية المصاحبة ، ولكن سرعان ما تم مواصلته العمل وتغطية ملايين المواطنين في الولايات المتحدة ، حيث كانت هناك أعراض للجهاز الدوري وبعض الجلطات كما هو الحال في لقاح استرا زينكا الانجليزي من انخفاض في الصفائح الدموية عند بعض المتلقين وتم تفسير ذلك في حينه وتمت معاودة استخدام استرازينكا وكذلك لقاح جونسون واللقاح الروسي سبونتك في أيضا ظهرت تقارير مؤخرا عن ارتباطه بمرض يصيب الأعصاب اسمه (جليان باري) Guillian Barre
ولكن التقارير العلمية المصاحبة أوضحت أن الفوائد التي يحققها اللقاح أكبر بكثير من خطر الإصابة بالمرض وأصدرت الشركة تقريرا بمعلومات مؤكدة جديدة بأن الجرعة الواحدة من هذا اللقاح تعمل بصورة جيدة ضد السلالات المتحورة بما فيها سلالة دلتا، حيث تم عقد مؤتمر صحفي أوضح ذلك بجلاء في جنوب أفريقيا، وسوف يتم نشر ذلك قريبا في احدى المجلات العلمية المرموقة تضمنت الدراسة مراقبة النتائج عند حوالي 50 ألف شخص تلقوا اللقاح وهم من العاملين في المجال الصحي فاعلية اللقاح وصلت ل 95% ضد متحور دلتا ومنعت ما يعادل نسبة 71% من الذين تلقوا اللقاح من الاحتياج للذهاب للمستشفى عند اصابتهم بالمرض. استمرت الدراسة من فبراير –مايو من هذا العام. وصل عدد الذين تلقوا اللقاح 8 ملايين شخص وكذلك يمكن وجود الأجسام المضادة للفيروس لمدة تصل لأكثر من ثمانية أشهر. ومؤخرا أصدر المركز الأمريكي للتحكم في الأمراض (CDC) بأن نسبة خطورة الإصابة بالمرض العصبي هذا متدنية وأكدت ضرورة مواصلة أخذ اللقاح لتفادي الكثير من المضاعفات وإنقاذ العديد ممن الأرواح وكان قد صدر تقرير بتاريخ 30 يونيو يفيد بوجود حالات من أعراض مرض الأعصاب جليان باري ولكن ذلك ضمن فئة أعداد لم تتجاوز مائة شخص من ضمن عدد كلي تجاوز 12.8 مليون شخص أخذوا جرعة اللقاح وهي عادة جرعة واحدة فقط، علما بأن لقاحات الانفلونزا العادية يمكن أن تسبب مضاعفات الإصابة بهذه الأعراض العصبية، ولكن تبقى الحقيقة العلمية التي نتعامل معها دائما في عملية ربط السبب بالمسبب أو ما يسمى العلاقة السببية (Cause & effects)
ولم يتم اثبات العلاقة السببية المباشرة، ولكن تمت إضافة توضيح على غلاف فتيل اللقاح عن إمكانية التسبب في أعراض عصبية، وذلك من أجل سيادة الشفافية، تماما كما فعلت استرا زينكا من قبل رغم أن عدد الذين تعرضوا لهذه الأعراض هم 227 من جملة 51.4 مليون جرعة تم حقنها لمتلقيها (استر زينكا) علما بأنه لم يتم رصد هذه الأعراض في لقاحي فايزر ومودرنا (تقنية المرسال الرايبوزي) عموما اتضح أن 96% من أعداد الذين تحدث لهم إصابة بالمرض رغم تلقي لقاح جونسون تكون لديهم أعراض خفيفة للغاية ونسبة الذين قد يحتاجون للعناية المركزة وحدوث وفيات تصل 0.05% فقط اللقاح يتم استخدامه في الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من الدول الأخرى في العالم.
نتوقف لنواصل سلسلة من مقالات توضيحية.
أ.د. مجدي محمود (أستاذ علم المناعة والوراثة الجزئية)