ثقافة وفن

من اليمن السعيد

احتفاء المرايا

نادية مرعي

اليوم نحلق معا في  ديوان ” احتفال المرايا ” / تحت الطبع للشاعر اليمني الشاب أحمد النظامي حقيقة ستعايش مهرجان لاحتفال للمرايا التي تعكس وجوهنا وأرواحنا بإنسانية قانية في فانتازيا شعرية بين لذة النص والكتابة وبين آلام الحقيقة ووجع الواقع ومرارة الحكمة وحلاوة الحماقات هكذا تجد نفسك تحلق في كل حرف مع شطحات مختلفة من الألق الإنساني الشفيف المتنامي الذي يبدأ على هيئة الشكر والامتنان للأم الحاضنة الأولى لكينونة الشاعر فيحمدها ويشكر فضلها ويجلها فتشعر بخضوع جناح الود من الرحمة والامتنان العميق الواعي لمعنى الأم ، نجد الشاعر يتنامى في دائرة عشقه وامتنانه فيشدو في غزلية جميلة بفاتنة الشعراء صنعاء فيصقل مرايا حب أزلي لمدينة يعشقها التاريخ ، يتصاعد تشظي الشاعر في مراياه ليتجلى وجده في طرح قضية العرب والمسلمين الأولى زهرة الملكوت /القدس وبجدلية نصية يشعرك بالآسى  الذي يقتل الروح من الخذلان والصمت والخيانة ونقيضه من المجد والقوة والصمود ويخرجك مفعما بوعود النصر وبوادر الآمال المشرعة على الثقة الوارفة بعدالة الله وإنصافه يقول :

(يا قدس يا لغة السماء

ورحلة الوجع المسافر!!

يا زهرة الملكوت..

يقطفها صليبي وكافر

والعرب في سكك الضياع

وخاف أسوار المقابر!!

وهم الذين تآمروا

على المنافذ والمعابر …  ) حتى آخر النص ، وثبات الحق لذويه ، وهكذا يطوحك النظامي بين البهجة والأسى بحرفية وتعمد صباحات يطاردها المساء ، ومن العمق العربي الأصيل ومن ماضي الشعر العريق  مثل ” قفا نبك ” ينبثق تناص يقحمك في منتهى المعاصرة فتجد نفسك هنا والآن في طزاجة اللحظة الراهنة فتصدمك ألفاظ ك “الفسبكة ” أي التعاطي مع الفيس بوك و”الواتس” و” الوتسبة ” والحب الرقمي فينتقل من كعب بن زهير وسعاده وليلاه إلى سعاد وليلى شاعر الراهن والحاضر في فانتازيا لغوية ظريفة فيها المضحك المبكي وحتى امرؤ القيس / الشاعر أو المبدع صار مشغول بسفائف الأمور التي هي أصلا جميلة مثل أغنية الرصيف بكل ما للصورة من عمق وألم وسخرية وتهكم ، يتعمد الشاعر أحمد النظامي أن يقول لك بغير طريقة أن للقصيدة ثوبها الذي تختاره وتظهر كيفما شاءت وهو محب طيع يتلوها عن روحه كيفما تجلت نثرية أو عمودية أو تفعيلة ، موغلا في مديح اللغة بابتسامة من صميم الروح لدمعة على سطح النفس لترنيمة لرقصة جسد أليم ، خليط عجيب وكأنما يريد أن يقول أن الوجود مبني على نظرية أجنحة الفراشة حيث رفرفة جناحا فراشة في أقصى شرق الوجود ينعكس صدها زلازل أو فيضانات في أدنى غرب الوجود مع المدى، يقول في نص ابتسامة ( أبتسم – أحيانا- فتتدحرج دمعة ساخنة بحجم الليل ..واسمع عن فيضانات في اندونيسيا !) كما ينقلك لتلمس قضايا الحب والغرام المعاصر كما في نص لافتة الذي يعكس فيه ذكاء جيل العصر في التعاطي معا (يراسلها / تراسله ، يتبادلان حديث الرياح ، رأت كلماته الوردية تقترب من كبرياء أنوثتها ، فكتبت على أسوارها، شكرا أخي ..فلاذ إبليسه بالنزوح !) نص كاريكاتوري مضحك مبك مختصر لوجع الحب من طرف واحد او اصطياد الفتيات من النت أو الكثير مما قد يخطر ببالك الحديث وردة فعل لطيفة تتخلص بها أنثى اليوم من غلظة بعض الذكور طرحها بتهكم وسخرية لا تخلو من لمز وهمز ووجع ،ومابين غروب الخونة من الأصدقاء وثقة القلب في لزيم الروح يتعالى وجد الشاعر وتتعدد تشظياته في مرايا لامتناهية الصدى والرجع ..جمالية متقنة وعفوية تتخطفك في ” احتفال المرايا “وفلسفة فوضوية تشد تلابيب عقلك لتبكي وتضحك وتدندن وتطرب مع هذا الشاعر المبدع الذي أتقن نقل الواقع المعاصر عن حال المثقف والشاعر خاصة في هذه الآونة مع الفقر وقلة الحيلة والأمل والرجاء والثقة بالذات بدراماتيكية عجيبة تقنعك بلذة النص وجمالية الوجع وفي قصيدته خطيئة ( أخطأت في رسمي وفي تلويني

وطفقت أخصف رحمة اليقطين

وشربت ملء القلب من في مائه

ظمأ لتلتحف الشكوك يقيني

وزرعت حبي أنجما وسنابلا

وقصائد عسلية التلحين

كانت مكافأتي ثراء فاحشا

باللاوصال واحتراق سنيني)..إلى آخر القصيدة أعدكم بمختارات شعرية لأصوات شابة فذة تتسم بكمال الإبداع وجمال اللفتات العصرية ، كل التوفيق لشعرائنا الشباب وتمام النجاح والتوفيق للشاعر ومزيدا من التألق .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق