سياسة

سفينة بَوْح

الفِخاخ الفاشلة ...!

هيثم الفضل

الانقلاب العسكري المهزوم يترنَّح الآن متوكِّئاً على عصا شق الصف وتشويش اتجاهات الشارع عبر التشكيك في وحدة قوى الثورة وأسطوانة شيطنة الأحزاب التي (تأكَّد) التزامها وتلاحم رؤيتها مع رؤية الشارع ، وعلى ما يبدو فقد حان أوان تجريبهُ لآخر الأسلحة التي يواجهون بها البلاد وشعبها الذي قال كلمته الأخيرة ( لا تفاوض .. لا شراكة .. لا شرعية ).

كلما بدأ فلول الإنقاذ البائدة في اللجوء إلى (المُجازفة) بالظهور على المنابر كلما تأكَّد أن السقوط (النهائي) قد أوشك، وعلى قوى الثورة الحيَّة أن تكون جاهزة لتولي مسئوليتها التاريخية وبداية السير في طريقٍ (طويل) لأجل استعادة الدولة السودانية وإدخالها حظيرة (المؤسسية) قبل استعادة مسارها نحو التحوُّل الديموقراطي.

فقد ظهرت في الآونة الأخيرة أشكال من (فِخاخ) الرِدة والمحاولات المُستميتة التي تدفع في اتجاهات الرِدة والتخاذل، عبر مُبادرات وتنظيمات تستهدف جميعها شق الصف والتشويش على (حِدة) الوضوح في رؤية قوى الثورة الغالبة حول الراهن السياسي ومُستقبل البلاد والعباد، والتي لا يخرج مُجمل تلخيصها عن مبدأ الرميَّ بكل الخونة الانقلابيين من عسكريين ومدنيين وفلول نفعيين وانتهازيين إلى مزبلة التاريخ، وخارج دائرة المشهد السياسي القادم.

من هذه (الفِخاخ الفاشلة) في نهايات معركة الكرامة والانعتاق التي مهر شبابنا انتصاره فيها بالدماء الغالية وجسيم التضحيات ، ما ظهر أمس الأول السبت 22 يناير في مؤتمر صحفي مشبوه تحت عنوان مبادرة (سودانيون من أجل السيادة الوطنية) والتي يقف عليها بكل وضوح مجموعة من الوجوه الكيزانية المعروفة والتي كانت حتى زمانٍ قريب تخشى الخروج انفرادا في الشوارع ناهيك عن (المُجازفة) بالظهور عبر مؤتمر صحفي ، مُتكئين على هذا الانقلاب الفاشل ، وهم لا يدرون أنهُ (جدارٌ مائل وقاب قوسين من السقوط) ، طبعاً المُبادرة ينحصر كل مضمونها في محاربة وتخوين كل المُساندات الأممية  والدولية التي تقف مع الشعب السوداني ومطالبه المُستحقة ولو بالتصريحات والتنديد والتحذير ، في مقاومة معلومة ومُجرَّبة لإرادة الجماهير اعتدنا عليها كلما زاد عليهم الخِناق ،  والتي حفظها السودانيون عن ظهر قلب كلما فرغ إنائهم من دفوعات منطقية تنقذهم من غضبة وانتقام هذا الشعب الأبي ، فتارةً يرفعون مُباداراتهم المُستهدفة توطين الطُغيان والقتل والفساد والاستعباد الفكري عبر هُتاف (انقذوا الإسلام من الكفرة والشيوعيين والبعثيين وكل سوداني لا ينتمي للحركة الإسلامية) ، والهُتاف الآخر الذي ملَّهُ عامة الناس هو (التباكي على السيادة الوطنية ووصم كل تفاعلات العالم الخارجي معنا بما فيها منظمات الأمم المتحدة كونها مُجرَّد مؤامرات).

ورغم إيماننا بأن كل ما يقولهُ ويفعلهُ العالم الخارجي ومنظماته الأممية ليس خالياً من المآرب المُغلَّفة والمصالح الخفية، إلا أننا أيضاً نرى الجوانب المُشرقة فيما يقدمونهُ من دعم لحراك الشارع السوداني من أجل الإنعتاق، أما فيما يخُص المصالح أو حتى (المطامع) الدولية فنحن نسعى إلى تمكين (أفضل) و(أنزه) و(أوفى) ما أنجبتهُ بلادنا من كوادر ليتصدوا لها ويعملوا على معالجتها ومُقارعتها، عبر آلية المسار الديموقراطي التي يُناضل شعبنا اليوم من أجل إرساء قواعدها وفق شعار (حرية .. سلام .. وعدالة).

كما نُلفت انتباههم إلى أن ذاكرة الشعب السوداني المُتقِّدة لم ولن تنسى أيام كانوا على سُدة الحكم الإنقاذي البغيض وكيف كان حال (سيادتنا الوطنية)، حين أجبرهم الأمريكان صاغرين على تسليم المُجرم كارلوس وحليفهم الإرهابي أسامة بن لادن، ثم كيف كان حالهم عند ارتهان سيادة وقرار الدولة في كنف التحالُف الإقليمي (السعودية .. الأمارات.. مصر) للحد الذي جعل رؤساء تلك الدول يضعون المال في جيب عمر البشير (كصدقةٍ مُخزية) إذا ما زارهم  ليصرفها على نفسه والمؤتمر الوطني من داخل غرفة نومه الوثيرة بكافوري ، الشعب يتذكَّر كيف انحنى جهاز الأمن والمخابرات السوداني للسطوة الأمريكية حين سلَّمها جُل ملفات حركات الإرهاب الإسلامي في الشرق الأوسط ، والتي كان قد احتضنها تنظيمهم السياسي بكل ما فيها من معلومات لم تكن تحلم بها المُخابرات الإسرائيلية والأمريكية ، وذلك لهثاً وراء مُجرَّد (تطبيع) مع الولايات المتحدة لا يتجاوز موافقتها على تعيين سفير في الخرطوم والنظر إلى حكومة المخلوع بعين الرضا ، أين دفاعهم عن السيادة الوطنية ورئيس البلاد يظل لمدة خمسة عشر عاماً مُطارداً من المحكمة الجنائية ولا يجرؤ على ركوب طائرة والسفر إلا لدول المحوَّر الإقليمي التي كانت على المستوى الفعلي هي الحاكم الحقيقي للبلاد ، أين كان اهتمامكم بالسيادة الوطنية عندما استبدل المخلوع شموخ الجيش السوداني العظيم  بجهالة ودموية الجنجويد عبر احتضان ورعاية قوات الدعم السريع ، ثم أين كانت انتفاضتكم للسيادة الوطنية عندما أصبح السودانيون مٌرتزقة بأمر الدولة يحاربون بالمال في حروبٍ إقليمية لا ناقة لهم  فيها ولا جمل ،  ثم حلايب وشلاتين ، والكثير .. الكثير .. باختصار (ألعبوا) غيرها فهذا الشعب قد تحصَّن ضد (فخاخكم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق