مجتمع

زوجة الشيخ طفلة!

بقلم: د. محمد بدوي مصطفى

لعمري إنها لقصص يشيب لها شعر الرأس برغم أن سفن حضارتنا – إن وجدت –  قد رست بنا على مرافئ الألفية الثالثة من موانئ الدهر المليئة بالكوارث والأهوال التي لا تفتأ أن تنشطر وتتكاثر تكاثر خلايا الظلم واليأس. رغم أننا يا أخوتي في هذه الألفيّة الثالثة – وكأننا لم نبرح ألفيتنا الأولى – ما تزال الأمهات يمارسن تجارة البنات بحجة السّترة لهنّ وبحجة إكمال نصف الدين وبحجة “ضُل راجل ولا ضُل حيطة”، كأضعف الإيمان. إذ أن كل ذلك ما يزال واقعا محسوسا نعيشه حتى في العاصمة دونما الخروج إلى القرى النائية والمدن البعيدة وتفحص ما تحمله هذه القرى على ذمتها يمينا ويسارا من آثام في حق أولئك الصبايا. إن ما يحدث لكثير من بنات أقاربنا ومعارفنا ما هي إلا قِمَّة جبل الثلج (الأيسبرج) كما يقولون وما خفى أعظم.

قرأت في الأيام الأخيرة رواية لكاتبة فرنسية بعنوان (أنا محرّمة) وما أن أتممتها حتى أسدلت الذكرى أستارها عَليَّ تحدثني بمأساة أخرى، فتذكرت حينها قصة الطفلة اليائسة، بنت الشيخ الخرطومي، التي زُوِجَت في سنّ الطفولة لحواره المقرّب إليه وفي ذلك آثرت قول المشرفة الاجتماعية حينما حدثتني عن قصتها في غضون محاضرة ألقيتها في مركز من مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة. لقد أصيبت هذه الطفلة بالبكم والاكتئاب الحاد لدرجة أنها حاولت مفارقة الدنيا. لقد ذكرت لي هذه الباحثة الاجتماعية أن إباحية هذا الزوج وصلت به إلى حدّ فوق التصوّر، حيث أنها أحضر في ليلة الدخلة، رجلان يساعدانه، تواجدا أيضا بالغرفة، تعجبت الطفلة للمشهد وكيف لا وهي في سنّ الطفولة اليافعة والرجلان مهمّتهما كانت الإمساك بالطفلة إلى أن يقضي الزوج وطره منها كحقٍّ، كما يعتقد، شَرَعَهُ له الدين والعرف السائد وحسب اعتقاد الأب الجائر. لم تعرف المشرفة الاجتماعية بهذه القضية إلا عندما تفاقمت وبلغت حالة اكتئاب الحاد للطفلة لدرجة عجزت فيها الأسرة أن تفعل شيئا، وفي نفس الوقت كان الزوج يهدد الأسرة بتطليق الطفلة إذا بدرت منها إلى تصريحات عن عدم شرعية النكاح. على كل وحينما اشتد الياس بالأم، أُتِي بالفتاة في مركز الأسرة بالحي وبعد كرّات من جلسات العلاج النفسي، أخرجت الطفلة بعض ما جاش بدخيلتها. والله يعلم أنه عندما تخدش نفس طفلة في هذه السن المبكر فمن الصعب تضميد جرح النفس الغائر وإعادته كما كان. لكن بعد محاولات عدة أقنعت المشرفة الاجتماعية البنت بتبليغ الشرطة بأمر الحادثة وبشأن الأب الذي سمح بهذه الكارثة التي ما كان لها أن تحدث. تمّ ابلاغ الشرطة وأُتِي بالأب لكنه جاء مرفوع الرأس، حاملا القسيمة قائلا: ده راجلها ويسوي فيها الدايرو …”. وليس ذلك عجيبا في زماننا هذا، في بلد يُرمَى فيه اطفال الرضاعة تحت أكوام القمامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق