سلايدرسياسة

حرب النفط

عماد الخالدي

بعيدا عن الحرب التقليدية، تلوح في الآفق حرب طاحنة ما بين الدول المنتجة للنفط والتي سيكون لها الكثير من الانعكاسات والآثار العميقة لكثير من دول العالم وفي مقدمتهم دول العالم المتحضر.

وما بين تخفيض الإنتاج وهبوط أسعار البرميل إلى ما حول النصف عما هو معتاد في فترة الاستقرار النسبية التي تتراوح ما بين 65 دولار مع نهاية العام الماضي إلى 50 دولار مع ازدياد جائحة كورونا في التمدد بشكل متسارع، حيث تواجه الدول المنتجة أزمة كبيرة نتيجة انخفاض السعر الحالي للنفط لحدود متدنية للغاية. كل هذا سببه عدم توافق دول أوبك على خفض الإنتاج وبالتالي دعم أسعار الخام عالميا مما ينذر بتهاوى اقتصادي كبير لبعض الدول وخصوصا تلك التي تلعب دورا محوريا في تشكيل خارطة السياسات العالمية في الوقت الراهن.

فمنذ عام 2002 لم تسجل أسعار النفط هذا المستوى من الانخفاض، حيث بلغ سعر البرميل 23 دولارا، وذلك بسبب انخفاض مستوى الطلب العالمي نتيجة تفشي كورونا المستمر بالتصاعد، وعلى وجه الخصوص في أميركا وأوروبا. وبالرغم من تعافي الصين وبدئها في زيادة الوتيرة التجارية إلا أن الطلب لا يزال منخفض للغاية ولا توجد أي مؤشرات إيجابية في ظل انهيار الطلب حول العالم. وحتى نكون أكثر دقة، كان معدل الانخفاض في الطلب مع نهاية شهر مارس بحدود ال 10 ملايين برميل يوميا، ومع ازدياد إجراءات العزل الصحي العالمي بسبب كورونا انخفض الطلب إلى ما يقارب 18 مليون برميل يوميا.

الخاسر الأكبر مما يحدث ستكون شركات النفط ذات التكاليف الأعلى عالميا وذلك بانحسار الموارد وصولا إلى لدرجة الإفلاس في حال استمرت الجائحة بالتنامي دون القدرة على ضبطها ضمن مؤشرات توحي ببدء العد التنازلي لنهايتها. الاجتماع القادم والذي سيعقد الإثنين المقبل سيكون مرآة الحدث، حيث أنه من الضروري إيجاد صيغة مناسبة لآلية التخفيض من حيث توزيع الحصص، ومن المنتظر إيجاد حلول يكون لها القدرة على عدم تفاقم الأزمة في ظل الظروف الحالية والاستثنائية. حرب الأسعار لا زالت مشتعلة وخصوصا بين روسيا والسعودية في حين لا زالت كلتا الدولتين تغرقان السوق بالمزيد دون التوصل لاتفاق، وسط حرب أسعار قد تكون نتائجه كارثية على المدى القريب. وبالنظر إلى ما يحدث الآن من معركة ملحمية ما بين تضارب المصالح فإن روسيا تسعى لتخفيض أسعار النفط لضرب الديناميكية الامريكية في التطور الملحوظ خلال السنوات الأخيرة لقطاع صناعة النفط من الصخر الزيتي، أما السعودية فتريد أن تبعث برسالة واضحة أنها أحد المهيمنين على السوق العالمية ولها دور بالغ التأثير في الحفاظ على استقرار السوق النفطية. وفي نهاية المطاف ستكون الغلبة لمن هو أقوى على الصمود في وجه تداعيات ما يجري الآن ومن حيث المبدأ يمكننا القول أن دول الخليج المنتجة للنفط ستكون بحال أفضل من كثير من الدول، حيث تنخفض تكلفة الاستخراج بفارق كبير عن بعض الدول النفطية التي ترتفع قيمة استخراج النفط الخام فيها بشكل ملحوظ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق