سياسة

كلمة معهد جنيف لحقوق الإنسان

اليوم العالمي لنيلسون مانديلا

نيلسون مانديلا واحد من أبرز نجوم أفريقيا في القرن العشرين ويعدّ بطلاً شعبياً بامتياز لما قدّمه طول فترة حياته من انتصار للإنسانية بمناهضة الفصل العنصري الذي كان يمارس في بلاده، فضلاً عن إسهاماته في ميادين حل النزاعات والعلاقات العرقية وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والمصالحة والمساواة بين الجنسين وحقوق الأطفال وسائر الفئات المستضعفة وتحسين أحوال الفقراء وما إلى ذلك، ووفاء لهذا البطل أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر2009م ،يوم الثامن عشر من تموز/يوليو من كل عام يوماً دولياً لنيلسون مانديلا وهو اليوم الذي ولد فيه نيلسون مانديلا وفي ذلك اعتراف بإسهامه في ثقافة السلام والحرية، وأعربت الجمعية العامة في قرارها A/RES/64/13  تقديرها لما يتحلّى به نيلسون مانديلا من قيم وتفانٍ في خدمة البشرية وتعزيز العدالة الإجتماعية، كما اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإسهامه في الكفاح من أجل الديمقراطية على الصعيد الدولي وفي الترويج لثقافة السلام في شتى أرجاء العالم. وتطلب الأمم المتحدة في الاحتفال باليوم العالمي لنيلسون مانديلا من كل الأفراد حول العالم إحداث تغيير في مجتمعاتهم. فكل فرد لديه القدرة وعليه المسئولية لتغيير العالم نحو الأفضل، ويعدّ يوم مانديلا مناسبة للجميع للعمل وإلهام التغيير.

وفي هذه الذكرى العالمية دعوة للوقوف على أهمّ تفاصيل حياة نيلسون مانديلا وسيرته الذاتية، لاستخلاص الدروس والعبر فهو أوّل رجل قومي ورئيس من العرق الأسود من عام 1994 إلى عام 1999. وقد ساهمت مفاوضاته في أوائل التسعينيات مع رئيس جنوب أفريقيا فريديريك ويليم دي كليرك في إنهاء نظام التمييز العنصري في البلاد، وبدء الانتقال السلمي إلى حكم الأغلبية. ونتيجة لذلك، حصل مانديلا ودي كليرك على جائزة نوبل للسلام عام 1993 كخير ختام لحياته المليئة بالبذل والعطاء. إنّ نيلسون مانديلا منذ نعومة أظفاره غرست فيه قيم الإنسانية، وظل رافضاً لانتهاكها، بل دفع ثمناً لذلك اعتقالاً وسجناً معظم فترة حياته، وقد كرّس جلّ وقته وجهده لتثبيت قيم الإنسان باسترداد كرامته التي افتقدها فترة طويلة من الزمان بسبب نظامها الحاكم. وقد ظلّ الإنسان في جنوب أفريقيا يعاني من سياسة التمييز العنصري والاضطهاد إلى أن كتب الله له النصر وتحقيق ذلك الهدف السامي، وصار أنشودة الشعوب المقهورة في بقاع الأرض، وخلّد ذكرى ظلت تردّدها الأجيال مستلهمة منها العزيمة والشموخ وإباء الضيم، وفي هذا درس مفيد للعالم أجمع بوصف نيلسون مانديلا قائداً ملهماً تُستمدّ منه قيم حقوق الإنسان التي جسّدها عملاً دءوباً لم ينقطع طوال حياته.   ونحن في معهد جنيف لحقوق الانسان إذ نحتفل بهذا اليوم لنضم صوتنا لصوت الهيئات الأممية وندعو كل مواطن في العالم لتكريس رمزية سبعة وستين دقيقة من وقته للعمل في خدمة المجتمع، احياء لذكرى السنوات السبعة والستين التي  كرسها نيلسون مانديلا لمكافحة العنصرية والدفاع عن حقوق الإنسان.معهد جنيف لحقوق الإنسان ينظر لنيلسون مانديلا باعتباره رمزاً من رموز حقوق الإنسان التي ظل المعهد ينشد تحقيقها عبر كافة الأصعدة والمنابر. ورسالته من خلال هذا الاحتفاء أن تتفق الإنسانية على رفض كل أشكال التمييز العنصري القائم على أساس اللون أو الجنس أو العرق أو الدين، كما يحثّ معهد جنيف لحقوق الإنسان الدول التي ما زالت تمارس التمييز العنصري بأغلفة مستحدثة بأنّ الإنسان يشترك في الحقوق والواجبات والمسؤوليات، فاضطهاد أيّ فرد من أفراد المجتمع الإنساني تحت أيّ لافتة أو مسمّى يغرس سمّاً في قلب المضطهد ويجعل منه وحشاً مفترساً ممتلئاً حقداً وكراهية لمن اضطهده، الأمر الذي يولّد العنف والتوترات والصراعات بين مكونات الإنسانية، عليه لابدّ من العمل معاً لتحقيق العدالة الإنسانية المبرأة من التّفرقة العنصرية واضطهاد كرامة الإنسان حتى يصير العالم وحدة متكاملة لا متقاطعة، ممّا يحقّق الأمن والسلم الاجتماعي الذي يعزّز من ًإمكانية الاستقرار والتنمية المستدامة.   

وباحتفائنا بهذا اليوم فإننا نكرم الذين قاتلوا وما زالوا يكافحون من أجل الحرية والكرامة وحقوق الإنسان خاصة في المجتمعات التى تضعفها التوترات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمناخية.

جنيف 18 يوليو 2020م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق