سياسة

ضفاف

نكون أو لا نكون (1 - 2)

عاصم فقيري

عندما يعتلي دكتاتور او فاسد الحكم ان كان من الشمال او الوسط او الشرق، فإن من يتصدون له او لحكومته من الشمال والوسط والشرق والغرب على حد سواء، ان كانوا حزبيين او ناشطين او غير ذلك، ومن وتاريخ المعارضة والنضال السوداني يشهد بذلك، وفي ذات الوقت عندما يعتلي السلطة او حتى أي وزارة فاسد من دارفور لا نجد الدارفوريين يتصدون له بل يمكن ان يبرروا له!

في ظل الحكومات التي مرت على السودان منذ الاستقلال خلال ال ٦٦ سنة ومنها ٥٤ سنة حكم عسكري و١٢ سنة حكم ديمقراطي، دعونا نجرد الحساب؛ في كل الحكومات عسكرية او ديمقراطية على قلة فتراتها كان مثقفي دارفور مشاركين فيها أيضا، واذا تحدثنا عن الحكومات الديمقراطية على قصر فتراتها كان لحزب الامة النصيب الاكبر فيها والذي هو صاحب القاعدة الاكبر من غرب السودان ومن دارفور تحديدا فحزب الامة معروف انه صاحب القاعدة الاكبر في دارفور وهو ذات الحزب الذي سلم السلطة بطبق من ذهب للجنرال ابراهيم عبود، ولم تحاسبه قاعدته على تلك الفعلة الشنيعة حتى تاريخ اليوم، بل شرفته بفترة حكم أخرى بعد سقوط عبود اثر ثورة اكتوبر ١٩٦٤، ومارس نفس اعماله في اضعاف الممارسة الديمقراطية (حادثة طرد نواب الشيوعي من البرلمان)، وبعدها وبعد انقلاب مايو ٢٥ في عام ١٩٦٩ ورجوعه لموقع المعارضة التي لم يصمد فيها طويلا حتى ان زعيم الحزب الصادق المهدي اتى وتصالح مع النظام بل اصبح عضوا في الاتحاد الاشتراكي خانعا ذليلا للعسكر، وبعد ثورة مارس-ابريل ١٩٨٥، أيضا شرفته جماهير الحزب بأغلبية مقاعد البرلمان!

ولا ننسى أيضا التنويه لقاعدة الحزب الكبيرة من غرب السودان وتحديدا دارفور!

وعندما حكمت الحركة الاسلامية من خلال انقلابها في العام ١٩٨٩ في الثلاثين من يونيو، كانت مشاركة اعضائها وقاعدة كبيرة سواء اسلاميين او أيضا من المحسوبين على حزب الامة او غيرهم من غير المنتمين كانوا قاعدة كبيرة خلف الحركة الاسلامية غالبيتها من ذات دارفور وبعضا ممن يتشدقون بالنضال منهم ذات الجبريل وشقيقه خليل واخيه غير الشقيق الاسلامي عشر واقاربهم وذلك المناوي اركو وصل لدرجة مساعد رئيس جمهورية في نفس عهد الحركة الاسلامية سيئة الذكر، حيث وجد هؤلاء كل انواع الدعم المادي والوظيفي من ذات الحركة الاسلامية التي ابتلتنا بهم من منظور حزبي ايدلوجي!

تماما مثلما تم في حقب مختلفة تجنيس اعداد كبيرة من الاجانب لصالح حزب الامة، فعلت الحركة الاسلامية وجنست أيضا اعدادا كبيرة. وهناك تناغم كبير ما بين حزب الامة والحركة الاسلامية في استراتيجياتهم السياسية، والتي أتت منها نفس فكرة تكوين مليشيات الجنجويد والتي سبقهم فيها الصادق المهدي بقوات المراحيل في وقت سابق!

كل هذا فقط من اجل تضخيم اعداد لأغراض حزبية، ولم يضعوا أي حساب لما يمكن ان يأتي لاحقا ضد الوطن والمواطنين السودانيين من السكان الاصليين الذين ظلوا مغيبين عن كل هذا، حتى مثقفينا وقيادات الاحزاب لم تنتبه الى خطورة كل هذه الفوضى، بل لا يزال معظمهم يخشى الحديث عن تلك الفوضى ونتائجها!

حتى السودانيين (السكان الاصليين) في دارفور والذين طالهم التأثير والضرر قبل الجميع، لا يزال كثير منهم مغيبين تحت قياداتهم البائسة التي لم تستطيع حماية حقوقهم ومواجهة المعتدي الحقيقي، بل تم شحنهم ضد باقي شعوب السودان بإيهامهم ان الشماليين وسكان الوسط هم من ظلموهم، فهل فكروا وبحثوا واسترجعوا المشاهد ليعلموا ما حدث وما يحدث حتى الان!!؟

وهل إذا كان رئيس الدولة من الشمال، يكفي هذا ان يكون كل الشمال مسؤول؟ مالكم كيف تحكمون!؟

في مقدمة المقال قلنا ان الشمال والوسط والشرق ينتقدون الحاكم حتى وان كان ابن جلدتهم او قبيلتهم، بل بسبب هذا دخلوا السجون وتم اعدامهم وتشريدهم في بلاد العالم المختلفة!

وبالرغم من هذا كله، لا زالت الحركات الدارفورية الى يومنا هذا تتاجر بنفس الاكاذيب، بل ذهب نفر منهم الى تصديق الاكاذيب، وما نتيجة كارثة اتفاق جوبا الا اتفاق بني على باطل وعلى اكاذيب ما انزل الله بها من سلطان!

وصاحب العقل يميز ما تقوم به حركة العدل والمساواة وحركة مناوي المسماة بحركة تحرير، ولا ندري ما علاقة هذه الأسماء الرنانة بهذه الحركات الجوفاء الخرقاء العنصرية الاثنية، التي لا تشبهنا ولا تشبه السودان ولا السودانيين ان كانوا في اقاصي الغرب او الشرق او الجنوب او الشمال، فهذه الحركات لا تشبه الانسان السوداني ولا تهدف الى اي مستقبل!

ان اردتم ان تحاربوا العنصرية، فلتسقطوا هذه الحركات الانتهازية الدخيلة، وتاريخ السودان ليس لغزا حتى يأتي نفر من وراء الحدود ليستكشفه او يفتي حوله، فالسودان مأزوم فقط بسبب التساهل والتسيب من مثقفيه وسياسيه واحزابه الهزيلة التي لا تضع للوطن والمواطن اعتبار الا كوزن انتخابي!

اما ان نكون او لا نكون، ولكن البحث عن الحلول الساهلة والهشة التي لا تناقش أولا مصلحة الوطن والمواطن لن تحل مشكلة السودان، ودفن الرؤوس في الرمال سيجلب مزيدا من التعقيد!

إذا أردنا السودان موحدا فليكن موحدا تحت ظل عدالة شاملة ومتوازنة،

وكما يجب مراعاة كل الظروف التي منحت فيها الجنسية السودانية منذ الاستقلال الى يومنا هذا!

كل العالم، حتى الدول المتقدمة سواء دول العالم الأول او الثاني تعترف بالسكان الاصليين، الا في هذا السودان الهامل، كل وافد يريد ان يحكم السودان وكيف ما يخطر على هواه!

ولذلك نقول هؤلاء لا يشبهوا السودان ولا السودان يشبههم!

وان لم نواجه الآن ونضع لكل شيء حد سينتهي بنا الحال الى بلد ليست السودان وان اردنا ان نبقى على اسمها فقط دون حل هذه الاشكاليات، فلنسميه:

السودان المحتل!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق