لعناية والي الجزيرة
شوقي بدري
عمل اخي كمال ابراهيم بدري كمفتش غيط في الجزيرة بالرغم من انه كان خريجا جامعيا وانتهى به الامر كمحاضر في اندونيسيا التي مات فيها وهو يحاضر. كان يحب الطبيعة وينفر من المدينة. منه تعلمنا حب الجزيرة. قضينا الاجازات في الخمسينات والستينات في شع الدين، العديت، الخشيم واخيرا استرحنا. ترددنا على اروع النوادي في مدني وبركات حيث شاهدنا البلياردو مباريات، الدرات، الاثاث الفاخر والحدائق التي لم توجد حتى في الخرطوم. في ديسمير 1986 اخذت معي المحامي السويدي بيرتل لياندر الى مدني وبركات. وفي بركات رقص طربا بسبب الجو اللطيف، الحدائق الغناء والخضرة. سألني لماذا الخرطوم ليست هكذا؟؟ ملكة الدنمارك التي تعشق السودان عبرت عن حبها للسودان وابقت السفيرة نادية جفون لفترة بعد تقديم اوراق اعتمادها لتتحدث عن السودان. هذه الملكة ارادت أن تقوم بمشروع ضخم لتزويد المواطنين في الجزيرة بالماء النظيف بدون مقابل. رفض الكيزان وأصروا على التحصيل. انسحب الدنماركيون. يمكن الاتصال مرة اخرى عن طريق السفارة. كما ارجو ابعاد السماسرة واهل العملات. المنظمة التي تساعد اسمها دنيدا والمنظمة في السويد اسمها سيدا. الدول الصناعية ملتزمة بدفع 1 % من دخلها القومي لمساعدة العالم الثالث. هذا قرار الامم المتحدة.
اقتباس
الإنقاذ وظلم أهل الجزيرة
عند اهلنا التبوسا اقتناع بان كل البقر في العالم حقهم. ومفروض يلموه عليهم. ولقد كتبت قديما ان من حظ الهولنديين انه ماعندهم حدود مع التبوسا. الكوز بيفتكر انه كل الفلوس في العالم حقته. وكل حاجة عندهم تقاس بالمصلحة والمنفعة. والمجاني اكان علاج او تعليم بيعمل ليهم بقاق.
وعنما أطلق الدنماركيون مشروعهم بتزويد اهل الجزيرة بمياه نظيفة كثفوا عملهم ووضعوا ميزانية ضخمة وكوادر متدربة. بعضهم تزوج سودانيات وبعضهم تعلم اللغة السودانية. والاخ توم الذي يحلف علي الاكل بالهجة السودانية. عزم سودانيين على عشاء، وعندما تلفت السودانيون للشوك والسكاكين. قال لهم انحنا في السودان بناكل بي شوك؟؟
لقد أجهض مشروع مياه صحية للجزيرة. كما أجهض مشروع محاربة الدرن، السل، في شرق السودان في ايام نميري بواسطة السفير عبد اللطيف وود المجذوب رجل الامن والقنصل. لان الشرق حسب رأيهم منطقة امنية لا يسمحون للدنماركيين بالتواجد فيها. وبذات المهزلة بان طلبوا برسوم للفيزة. وخوفا من الفضيحة طلب مني الاخصائي في الصدرية عبد الرحمن عبد الحميد عثمان بأن لا أخبر الدنماركيين. وعبد الرحمن لم يكن عنده فرصة مرافقتهم لاكثر من شهر لارتباطه بالعمل في المستشفى سانت جوزيف في كوبنهاجن. وعبد الرحمن كان مهتما لانه في فترة سجنه في الدكتاتورية الاولي اصيب بذلك الداء. ولم تكن المبادرة منه بل من الدنماركيين. ودفعت حوالي 160 دولار كرسوم للفيزة، ارجعت الي بعد الرفض. وكان هذا بداية حملة واسعة تشمل كل الشرق. والممرضات والاطباء كانوا متطوعين. ويمولون وجودهم لخمسة أشهر بفلوسهم. وفي حالة نجاح الحملة، وعدتهم الحكومة الدنماركية بحملة شاملة. كان هذا في 1977.
محن سودانية.
هذا الموضوع نشر ايام مقاطعة الدنمارك بسب الرسومات.
اقتباس
غبينة الانقاذ مع الدنمارك
سمعنا قديما ان جماعه مشوا لى عزاء. وكان معهم صديق يجعر طيلة الوقت وكلما يأتي معزى جديد يبكي بحرقه. وبعد ترك منزل العزاء سأله زملائه مستغربين لان علاقته لم تكن عميقه مع المرحوم. فوضح ان صفقة ربطته مع المرحوم. الا انها لم تكتمل بسبب الوفاة. وكان يقول كلما اتذكر القريشات اتحرق واقعد اجعر.
في بداية السبعينات اتخذ قرار بواسطة الامم المتحدة ان الدول الصناعية تعطى واحد في المئة من دخلها القومي كمساعدات للعالم الثالث. واحد في المئة لا يبدو كشيء كثير. ولكن الآن لان العالم تجاوز مرحله البليون وصار الكلام بالتريليونات. وتعنى ألف بليون. فأمريكا تدفع خمس الواحد في المئه الا انها ثروة كبيره. وحتى في الستينات وبالرغم من هجوم ناصر علي امريكا كانت مصر تتلقي قمحا ومساعدات تصل الي 200 مليون دولار سنويا. وتعادل الآن البلايين. والغرض ان تتواصل الصلة بالشعب المصري. السويد وبعض الدول الإسكندنافية يدفعون أكثر من الواحد في المئة. وقسمت دول إسكندنافية افريقيا الى اربعة اقسام. وصرنا نحن تحت المظلة الدنماركية والمنظمة الدنماركية للمساعدة اسمها دنيداو السويدية اسمها سيدا.
نحن في الخرطوم قد لا نحس بهذه المساعدات. فعلى سبيل المثال اعطت الدنمارك سفن اوتوماتيكية لاول مرة لحكومة السودان. لمساعدة السودان في نقل بضائعة. كما حفروا الحفائر واقاموا السدود وحفروا الآبار ومدو انابيب الماء في شرق السودان وكان لهم مركز ضخم في الجزيرة. وبنوا مستشفيات. والغرض كان تزويد اهل الجزيرة الذين هم القوة العاملة والمنتجة في البلد، بمياه شرب نقية بعيدا عن البلهارسيا والقارضيا.
مشكلة الاوربيين انهم يأخذون الامور بشكل عقائدي. خاصة الشباب اللذين عندهم ايمان انه من الواجب مساعدة افريقيا. وتحرير الشعوب الافريقية ودفع الدين الاوربى نسبة لما حاق بأفريقيا من استغلال واستعباد بواسطة الدول الاوربية. والدنمارك لعدة سنين اختيرت كالدولة الاولى الاقل فسادا في العالم. وبما ان السودان مساحته ستين مرة أكثر من الدنمارك. الا ان الدنماركيين اقتصاد متطور. ومنتجاتهم الزراعية موجودة في كل العالم. كما انهم متطورين جدا في المدخلات الزراعية والمنتجات الصيدلانية. ويكفي ان العرب عندما فكروا في مقاطعة الدنمارك اكتشفوا ان خمسة وسبعين في المئة من الأنسولين المستخدم في الدول العربية يأتي من الدنمارك.
عندما أتت الإنقاذ صاروا يبيعون كل شيء. من الأشياء التي باعوها الخطوط البحرية السودانية. ثم قرروا أن يبيعوا الماء الذي تعب وشقي الدنماركيون في حفرة وتنقيته وضخه في مواسير. ولم يفهم الدنماركيون كيف يتعبون ويشقون ويتعرضون لأمراض من ملاريا ويرقان وقارضيا وكلزار لسنين طويلة وهم مؤمنون بأنهم يأدون رسالة انسانية. وبالرغم من الضغط والتهديد بقفل مكاتبهم رفض الدنماركيون الانصياع فقامت الحكومة بمضايقتهم فتركوا العمل في السودان.
من اللذين أحبوا السودان وقادوا العمل الدنماركي في السودان هو الدنماركي توم الذي تزوج من الاخت نجوى السودانية وكان المهندس المسؤول من التيم الدنماركي. وعمله انحصر في… تعلية صهاريج… حفر آبار… تركيب وابورات ومضخات غاطسة… تشييد حفائر… اقامة سدود وخزانات… تركيب صهاريج جديدة.
واقاموا جسر كامل بين الدنمارك والسودان لمعدات وقطع غيار وصيانة لكل المحطات. المدير العام للمياه في الجزيرة مدني كان محمد الطيب. ثم ظهر اسم قريبي الجبهجي الدكتور حربي. وهو زراعي اذكر زياراته للدنمارك في بداية الثمانينات. واشتهر قديما بالنزاهة. ونائب المدير كان عثمان عبد الفراج واحمد عبد المنعم عساكر واظنه كان في ادارة الهندسة الميكانيكية. هذه الاسماء ذكرت لي عندما كان الدنماركيون يشتكون. واتت ممثلة للحكومة الدنماركية وغضبت عندما عرفت بان الماء الذي صرف عليه الدنماركيون يباع للمواطن وبأسعار عالية وذهبت لمقابلة البشير ووزير الرى ووزير الطاقة. واصرت الجبهة على البيع مما اغضب الدنماركيون وقرروا ان ينسحبوا بأدب.
واستولى رجال الانقاذ على المعدات والاسبيرات وتقاسمها المديرين ونوابهم وحتى الاسبيرات استحوذ عليها المخزنجية وصارت تباع في السوق الاسود. وفي ايام السيول والفيضانات 1988 تقاسم المسؤولون المساعدات. واخذوا المولدات الكهربائية الى منازلهم. ونصبوا الخيام التي اتت كمساعدات في حدائقهم وجنائنهم. الا ان الانقاذ بالغت في النهب ارادت ان تأخذ كل شئ وتترك المواطن معدماً وهذا ما لم يستطع الدنماركيون ان يفهموه.
حتى معدات الدنماركيين من حافظات واثاثات وديفريزرات وتلفزيونات ومكيفات وارائك وكراسي الجلوس اخذها رجال الجبهة لبيوتهم.
الشركات التي كانت تنتج المضخات والمولدات والطلمبات على راسهم شركة قروندفورش التي تنتج خيرة الطلمبات الغاطسة في العالم. وشركة استورك التي تنتج المضخات. وهؤلاء كانوا سعداء بالمساعدات لان الحكومة الدنماركية تبتاع منهم المعدات وكان لهم وكلاء في السودان. الا ان رجال الجبهة أصروا على لوى ذراعهم ونزع الوكالة. والدنماركيين لا يفهمون كيف ينهب رجال الدولة المواطن المسكين. وكيف يأتون هم من اسكندنافية ويتعبون ويشقون ويتفاعلون مع البشر ويحسون بألم المواطن وحكومة الانقاذ لا يهمها المواطن. والذي يؤلم أكثر ان يونس محمود يقوم بشتم الدنماركيين ويصف الدنمارك بانها بيت للدعارة وبار للسكارى ويقول هذه الدويلة لم تعطنا في السنة الماضية الى خمسة مليون دولار فقط. إذا كانت دويلة تعطى دولة اخرى لعشرات السنين فهذا يعنى ان الدولة المتلقية اقل من الدويلة. حكومة الانقاذ شتمت الدنماركيين بالمفتوح في اعلامهم الرسمي ولم يطالب الدنماركيون بمقاطعة السودان. ولم يوقفوا المساعدات ولم نرى اى مظاهرات او تشهير في الصحف او الاعلام الدنماركي. وعندما حضر البشير لمؤتمر كوبنهاجن العالمي في مايو 1995. كان مصحوبا بخمسين مرافقا واحتلوا افخر الهوتيلات. وعندما سيرنا مظاهرة احتجاجا على سياسة الجبهة تضامن معنا الدنماركيون.
هذه السنة ثبت حسب الاحصائيات ان أكثر دولة في الدنيا اماناً هي الفاتيكان وبعدها السويد ثم النرويج والدنمارك وفنلندا. الفاتيكان لا يسكنها سوى القساوسة والرهبان والبابا. وهؤلاء لا يكثر بينهم القتلة واللصوص والبلطجية ومروجى المخدرات والنشالين. لان كل سكانها يسعهم ميدان البحيرة في امدرمان. ولكن الدول الاسكندنافية قد صنعت وطورت واشبعت اهلها. الاسبوع الماضي تصادف ان يوم عيد القيامة كان في يوم سبت. وضاع يوم اجازة على العمال والموظفين واثبتت الاحصائيات ان الدولة قد وفرت ثلاثة بليون دولار من مرتبات الموظفين والعمال في الدولة. وموظفي الدولة في السويد هم مجموعة بسيطة جدا بالمقارنة مع موظفي الشركات والمصانع والمزراع. وإذا كانت ثلاثة مليار دولار تعنى ماهية افنديه الدولة ليوم واحد في بلد صغيرة كالسويد كم يوجد من المال في العالم. وكم تدفع الدول كمساعدات الزامية للعالم الثالث وتذهب هذه الفلوس كالعادة الى جيوب الحكومات من امثال الانقاذ. وللسويد انتاج زراعى يفوق احتياجاتهم لدرجه ان الدولة تحد من الانتاج واقل من ثلاثة في المئة من السويديين يعملون بالزراعة. نحن لا نستطيع ان نشبع اهلنا وعندما يساعدنا الآخرون نقوم بطردهم. ساعدوا في قبر ابو دسا المحافير.
اذكر في السبعينات ان مليونيرة اوربية كانت تقدم مساعدات للسودان. واحبت مدينة كريمة. وارادت ان تبنى محطة كهربائية لكريمة. وقامت بشراء محطة كاملة مع الاسلاك والمحولات والاميات والعوامي. وعندما وصلت المحطة كانت الخرطوم تعاني من ضائقات وقطع كهربائي فطالب السفاح نميري بان تركب المحطة في الخرطوم ورفض الدنماركيون. واستدعاهم نميري واغلظ لهم في القول. فقالوا له نحن سنركب المحطة في كريمة حسب العقد. إذا انت عاوز تقتلعها من كريمة تركبها في الخرطوم دي مشكلتك. والمحطة لا تزال موجودة في كريمة. واذكر ان أحد اهل كريمة سألني عن طول
الشجر فى الدنمارك. لان العواميد الخشبية كان طولها يقارب التسعة أمتار. وكان يقول لي شجركم ده قدر شنو المطارقو قدر ده. نفس هذه السيدة ارادت ان تبنى شفخانات. واعطت رسومات لوزارة الاشغال لكي يقوموا ببنائها وهي التي تدفع ثمن المواد والعمل. وعندما اتت بالمعدات كان السودانيون قد بنوا الشفخاتات حسب فهمهم وتصورهم. وكادت السيدة ان تجن من الغضب. مشكله الرسومات التي احتضنتها الانقاذ أكثر من أي شيء آخر. كانت بسبب كراهية الانقاذ للدنمارك لان الرضاعة سهله بس صعب الفطام. والرسومات لا دخل لها بالحكومة الدنماركية. وفى مصلحه الحكومة الدنماركية. ان تقبض على رئيس تحرير الجريدة وحرقه الا انها لا تستطيع لان القانون لا يسمح لها. والرسومات شيء كريه ومقزز وعمل غير أنساني وحضاري يسئ لمعتقداتنا |. قام به السفهاء من الدنماركيين. الا ان الانقاذ وجدتها سانحه لكي تنتقم من الدنمارك.