سياسة

سفينة بَوْح

بذل الذقون في سبيل البطون ..!

هيثم الفضل

ليس هناك من (مُهدِّد إستراتيجي) لعودة المسار الديموقراطي وإسقاط إنقلاب الفلول ، أكثر من ما يعتري لجان المقاومة والحزب الشيوعي وتجمع المهنيين وما تبقى من أجسام سياسية ومطلبية من (فجور) في خصومتهم مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي ، وما يتبع ذلك من إفراط  و(تفريط) يؤدي إلى  وضع العراقيل التي تحول دون تسديد الضربة القاضية للإنقلاب ، والتي لن تكون أبداً دون تحقيق شعار (وحدة قوى الثورة الحقيقية) واقعاً ملموساً على المستوى المنهجي والتنظيمي والهيكلي لإدارة ملحمة الإسقاط وإعادة البناء.

فالإنقلاب نفسه ليس مًهدِّداً إستراتيجياً لوصول الثورة لغاياتها السامية، لأنه فقط (يؤخِّر) و(يؤجِّل) خطوات السودانيين نحو بناء السودان الجديد ، لكنهُ في الحقيقة لا يلغي هذه الخطوات ولا يستطيع إيقافها ، وفق ما يبدو عليه الشارع الثوري اليوم ، فهو لا يهدأ ولا يتقهقر ولا يلتفت إلى (الفرعيات المخادعة) التي تحتويها (شِراك) الفلول ومؤامراتهم المتواترة ، فلا وقت لدى الشارع الآن أكثر من ما يكفيه للإلتفات إلى تحقيق مطالبه الرئيسية المُستحقة  ، بل وصل حد إستهانة الشارع عبر وعيهُ المتنامي بمُخطَّطات الفلول أنه بات لا ينتقد ولا يُهاجم بل لا يلتفت إلى ما يعترض طريقهُ من (تُرهات) تستهدف (تخفيف) وتيرة حراكهُ الثوري ، مُستمسكاً بأولوية إسقاط الإنقلاب والإنقلابيين بشقيهم المدني والعسكري.

ورغم أن البرهان ومعه فلول الإنقاذ كانوا وما زالوا يحاولون إستمالة المُشوَّشين من ضِعاف الإيمان بالثورة بكثرة الإشارة في خطاباتهم إلى ما أسموه (الخلافات) والعداوات بين مكونات قوى الحرية والتغيير حينما كانت مُتآزرة وموحَّدة وباذلة لجهودها في خندقٍ واحد لإيصال المرحلة الإنتقالية إلى بر الأمان عبر التعامل (الفطِن) و(الحكيم) مع مؤامرات المكوِّن العسكري والفلول تحت شعار (حقن دماء الأمة) ، للحد الذي جعل القيادة العسكرية وفلول الإنقاذ البائدة يصابون باليأس بعدما بدأت الحكومة الإنتقالية المغدورة تخطو خطوات مُقدَّرة في ملحمة خلاص الوطن والمواطن من وهدته المُزرية ، ومع يأسهم المُتنامي هذا لم يجدوا بُداً من التورُّط في حسم الأمر والوصول إلى مُبتغاهم بالإنقلاب العسكري الذي لم يُجدي نفعاً أيضاً في إقناع الشارع بنفض يديه عن النضال والتضحية والإستمرار في هذه الثورة المباركة.

كيف يفوت على الحزب الشيوعي ولجان المقاومة وتجمع المهنيين ومن سار في دربهم أن مُجرَّد التردُّد في تلبية نداءات (وحدة قوى الثورة) مهما كانت الأسباب والمحاذير يمثِّل (الداعم الأساسي) والأمل الأخير للإنقلابيين وفلول الإنقاذ البائدة للبقاء في السلطة ؟ ، هل يفوت عليهم أن الحرب كرٌ وفر ، وأن لكل مقامٍ مقالٌ وفعلٌ وموقف ؟ ، وهل لم يطرُق آذانهم المثل السوداني العريق (أنا وأخوي على إبن عمي ، وأنا وإبن عمي على الغريب) ، بهذه المناسبة لأول مرة في التاريخ المُعاصر يتوافق أنصار السُنة مع بعض الصوفية في ما يسمى بنداء أهل السودان تحت رعاية الطيب الجِد ، ويبايعون سوياً الكيزان في قاعةٍ واحدة بل مائدة واحدة  تحت شعار (بذل الذقون في سبيل البطون).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق