ثقافة وفن

ملهمتي

أحمد  الغرباوي

خديجة منصور

قد تبحث عن منفذ للتسلل عبره إلى أحضان الزمن الجميل، لتغذي ذوقك وتستحضر ذكريات الصبا على أنغام كلمات مطرزة ومعبرة، وألحان متقنة منسجمة، تطرب مسامعك تجعلك تتأمل في انسياب ونكران لذات، لتحلق إلى عالم الإبداع، وتخترق أذانك قصيدة موزنة من الشعر العربي الفصيح “إنها ملهمتي في كل أن … وأنا ذكرى على مر زمان”، لقد ألهمنا المبدع الملحن والمطرب المرحوم أحمد الغرباوي برائعته “ملهمتي”.

اشتهر أحمد الغرباوي بلقب “أبو الليالي” بأدائه مواويل طويلة، وتمكنه من المقامات والأنساق الموسيقية، تأثر بالفنان فريد الأطرش منذ طفولته رغم اعتراض أسرته التي ترعرع في كنفها من دخوله عالم الفن، فإصراره وعزيمته دفعاه إلى الالتحاق بالمعهد الموسيقي، سنة 1961 كانت محطة هامة في مساره الفني، انضم إلى أعضاء “الجوق الوطني” الذي كان يرأسه أحمد الشجعي.

وفي فترة الستينيات من القرن الماضي، كان الغرباوي يبحث له عن مكان وشهرة في الوسط الفني، كانت المنافسة قوية وقتها بين عمالقة الفن الأصيل خصوصا في الأغنية العصرية المغربية “كعبد الهادي بلخياط” عبد الوهاب الدكالي „،إلى أن اقترح كاتب الكلمات  الشاعر „أحمد نديم” وهو مصري الأصل القصيدة التي تتكون من ستة وثلاثين بيت على الغرباوي، استخلص منها اثني عشرة أبيات، وظل سنة وهو يبحث عن مقدمة ملائمة للأغنية إلى أن شاهد فيلم روسي فاستلهم منه ما كان يبحث عنه، بعد أن لحنها اتفق مع المطرب عبد الواحد التطواني لأدائها وتسجيلها، فحدث مانع وغناها الغرباوي.

شكلت أغنية ملهمتي قفزة نوعية في حياة الغرباوي جمع خلاله بين الإيقاع الشرقي والقصيدة العربية، أذيعت أول مرة على أمواج الإذاعة الوطنية في برنامج خاص بالأغاني الجديدة، وقد تزامنت حسب تصريح المرحوم في أحد البرامج التلفزيونية مع تألق الفريق المفضل لكرة القدم „سطاد المغربي”، وكان جمهوره يردد الأغنية على مدرجات الملاعب.

حققت الأغنية نجاح واسعا وصنفت الغرباوي في قائمة الرواد والمبدعين الذي بصموا أسماءهم في تاريخ الفن المغربي الأصيل تاركا رصيد هائل من الأغاني ما يقارب 450، لأكثر من خمسين سنة، ستظل “ملهتي” إرث فني حي في أذهاننا وذكرى على مر الزمان..

أنا روح في الربى أشدو بلحني

وهي نفس ذات أحلام وحسن

قد سباها ما سباني في تمني

و هواها من هوى أنغام فني

إنها ملهمتي في كل آن

و أنا ذكرى على مر الزمن

ساهر أهذي بها دون الحسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق