آراءسياسة

ضفاف

هل نبحث عن الحرية؟

عاصم فقيري

العبث الذي يحدث دون انقطاع في السودان، هو أن تكون السلطة في ايادي أولئك الحمقى، اغتصابا وارهابا وفسادا وبقوة السلاح!

ظل السوداني طيلة فترات حياته منذ قبل الاستقلال مكبلا بقيود ولم يتمتع بالحرية حتى في فترات الديمقراطية القصيرة والمتقطعة، حيث انها لم ترقى لمستوى الحريات التي تحترم العقل الانساني ولا ساعدت او دعمت شكلا من اشكال التطور الديمقراطي والمفهوم المدني للحكم، حيث كانت الاحزاب الطائفية هي التي تسود، ما يعكس مستوى الوعى الجماهيري الذي لم يزل غضا طريا لم ينضج ويكون كياناته التي تمثل قطاعات الشعب العريض بل خرج المستعمر وترك الشعب تحت سلطة الطائفية كوريث للحكم بعد المستعمر، ولا عجب، حيث أن الحزبين الكبيرين وقياداتهما ولاءهم للمستعمر اصلا بل صنعته!

لذلك، تأخر السودان كثيرا، ولذلك أيضا كانت هناك قناعات لقطاعات عريضة من الشعب حتى تلك التي تنضوي تاريخيا تحت نفس الحزبين، بان العسكر يمكن ان يكونوا هم المخلص فجعلوا العسكر حزب ثالث سواء كان ذلك بوعي او دون وعي، ولكن هذا بالفعل ما حدث فاصبح العسكر جزء من الكتلة السياسية في السودان!

بل تم تسليم العسكر السلطة، تسليم وتسلم من حزب الامة في ١٩٥٨ الى الفريق ابراهيم عبود!

وثم توالت دائرة الفشل، فاذا بنفس الحزب ياتي ويحكم أيضا بعد انتفاضة مارس – ابريل ١٩٨٥، ويستمر الفشل فياتي العسكر مسنودين بحزب الجبهة الاسلامية (الحركة الاسلامية) في اصدارتها الرابعة تقريبا؛ اذا سلمنا بانها قبل ان تتسمى بالاخوان المسلمين كانت جماعة أيضا او كيان حزبي ثم الاتجاه الاسلامي ثم الجبهة القومية الاسلامية، في موضة مسميات الاحزاب القومية والتي أيضا قلدها حزب الامة مؤخرا وتسمى بحزب الامة القومي!

في السودان بعد أن تفشل، ما عليك الا أن تغير اسم التنظيم، تماما مثل تغيير اسم مطعم او بقالة وتستمر بذات المفاهيم وذات القيادة!

وظل الشعب السوداني يبحث عن الحرية، ولكن للأسف يبحث عنها وهو يستظل بظلال المذكورين أعلاه بما فيهم العسكر!

إذا دققنا الملاحظة سنجد انه حتى الان وثورة ديسمبر لا تزال مستعرة، الا ان هناك قطاعات لا زالت تدور في نفس حلقة الفشل وتتحالف مع نفس الجلادين   المذكورين اعلاه، وأيضا تبحث عن الحرية!

أليس غريبا!

والادهى ان الحرية نفسها، لم تعد هي المبتغى ذو الأولوية حاليا في ظل الانهيار الذي تشهده البلاد في كل سبل الحياة، وتفشى الجوع والمرض والفقر ، والضائقة المعيشية وصلت لاقصى الدرجات الحرجة!

وهنا اقتبس ما قاله علي عزت بيقوفيتش (Alija Izetbegović):

عندما تكون في السجن تكون لك أمنية واحدة : الحرية ، وعندما تمرض في السجن لا تفكر بالحرية ، وإنما بالصحة ، الصحة إذن تسبق الحرية.

Alija Izetbegović

وهكذا يكون الهاء الشعب بصحته والتي سيظل ينشدها أولا، ثم بعدها يفكر في الحرية!

ولكن المرض عضال وطال عليه الزمن!

فهل نستطيع اجتثاث المكروبات والجراثيم المسببة للمرض، لكي نبدأ البحث عن الحرية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق